قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الإيمان الحقيقي والصوم الحقيقي والذكر الحقيقي هو ما يصرف صاحبه عن الحرام، مؤكداً أن الدنيا لن تغني عنك ما لم تحل الحلال وتحرم الحرام، فكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
وتابع وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة تحت عنوان :" الدروس المستفادة من حجة الوداع"، إن الإيمان لا يتجزأ، فارضى بما قسم الله لك من الرزق الحلال بلا غش ولا استغلال يقول النبي الحلال بين والحرام بين.
التلبية ورمي الجمرات
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن التلبية استجابة لنداء رب العالمين، ودعوة أبي الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) ، واتباع لسنة خاتم الأنبياء والمرسلين سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، حيث يردد الحاج : لبيك اللهم لبيك ، أي : إجابة لك بعد إجابة ، وفوق إجابة ، وتسليم لك بعد تسليم ، وإثر تسليم ، فهي تسليم وخضوع وانقياد مطلق لوجهه الكريم .
وأوضح وزير الأوقاف من خلال منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تحت عنوان: “التلبية ورمي الجمرات والتيسير في الحج”، أن تمام هذه التلبية أن تكون بالقلب والعقل ، واللسان وسائر الجوارح ، بحيث تمتلك من الإنسان نفسه وكيانه كله، فيصير عبدًا ربَّانيًّا : في حركاته وسكناته ، في خضوعه وانقياده ، بكل ما تعنيه تلك الكلمات من معان جامعة .
وأشار وزير الأوقاف إلى أن من تمام التلبية أيضًا ألا نقف بها عند مشاعر الحج ومناسكه ، إنما يكون ذلك بأن تتحول هذه التلبية إلى منهج حياة ، فيراك الله (عز وجل) حيث أمرك وحيث يحب أن يراك، ولا يراك حيث نهاك وحيث لا يحب أن يراك ، وبهذا نحقق معنى التلبية.
وأكمل: أما رمي الجمرات فهو نسك يرمز إلى رجم الشيطان ، وللناس في ذلك مسالك ، فمن وقف عند الشكل فقد أسقط أداء النسك عن نفسه أو من وكله عنه ، وعلم أنه يرمز بنسكه هذا إلى رجم الشيطان الرجيم ، أما من أراد الجوهر فإنه يتجاوز شكلية الرجم إلى دلالته الحقيقية ، وهي مواجهة الشيطان ومقاومته ، والعمل على التخلص من سلطانه وسطوته ، حيث يقول الحق سبحانه: " إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ" ، فيعقد العزم على سد ثغرات الضعف النفسية لديه ، ليكون قويًّا في مواجهة وسوسة الشيطان وتحدياته ، حتى لو أجلب بخيله ورجله ، فلا يكذب ، ولا يغش ، ولا يغدر ، ولا يخون ، ولا ينم ، ولا يغتاب ، ولا يحتكر ، ولا يلغ في الدماء ولا الأموال ولا الأعراض ، لا يظلم ، ولا يجهل ، ولا يأكل الحرام ، ولا ينافق، ولا يؤذي أحدًا، وعلى الجملة يستحي من الله (عز وجل) أن يراه حيث نهاه وألا يراه حيث أمره ، فيصير عبدًا ربَّانيًّا ، حركاته وسكناته وسائر جوانب حياته لله (عز وجل).
وشدد وزير الأوقاف على أهمية التيسير على الناس وأخذهم بالأيسر في وقت الرمي وغيره من أعمال الحج ، فإذا كان ديننا الحنيف قائمًا على التيسير ورفع الحرج فإن هذا التيسير في الحج أولى وألزم ، فما يسر نبينا (صلى الله عليه وسلم) في شيء أكثر من تيسيره على حجاج بيت الله عز وجل في قولته المشهورة : " افعل ولا حرج" ، وإذا كان هذا التيسير مع ما كان عليه عدد الحجيج آنذاك فما بالكم بموجبات التيسير في زماننا هذا ؟
واستطرد: غير أن التيسير الذي نسعى إليه هو التيسير المنضبط بضوابط الشرع ، المقرون بمدى القدرة والاستطاعة ، إذ ينبغي أن يحرص المستطيع على أداء العبادة على وجهها الأكمل والأفضل الذي يحقق لصاحبها أعلى درجات الفضل والثواب ، وبما لا يصل إلى حد التهاون الذي يُفرّغ العبادة من مضامينها التعبدية الأصيلة السامية ، وبحيث لا تنحصر همة الإنسان في تتبع كل الرخص في كل الأركان والواجبات وعلى كل المذاهب ، إنما يأخذ من الرخص ما يقتضيه واجب الوقت وظروف أداء الشعيرة وموجبات التيسير .
واختتم وزير الأوقاف قائلاً: عندما يتحدث العلماء عن مسائل التيسير في الحج فإنما يعرضونها ليأخذ المحتاج منها بالقدر الذي يُذهب عنه المشقة غير المحتملة ، ويخفف عن أصحاب الأعذار المشقة التي لا تُحتمل في ضوء ما يجيزه الشرع الحنيف من أوجه التيسير ، وليحرص العلماء والمفتون على التيسير على الناس ، وليأخذ الناس أنفسهم بالرفق واليسر واللين ولكن دون إفراط أو تفريط.