تحتفي الإسكندرية خلال الوقت الراهن بالعالم الإغريقي إراتوستينس، حيث نظم مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية احتفالية تزامنًا مع يوم الانقلاب الصيفي وفي الوقت والمكان الذي قام فيه العالم منذ 2000 سنة بقياس محيط الكرة الأرضية مُستعينًا بقياسات دوائر العرض بمدينتي الإسكندرية وأسوان.
تجربة إراتوستينس
وقام المشاركون في المحافظتين بمحاكاة تجربة إيراتوستينس بساحة مكتبة الإسكندرية، وفي أسوان (بصعيد مصر) لقياس محيط الأرض. ووصل عدد المشاركين إلى نحو 300 مشارك في الإسكندرية، وحوالي 250 مشاركا في أسوان.
وشارك في هذا الحدث محافظات: المنيا، والمنوفية، وسوهاج، وأسوان، وكفر الشيخ، والقاهرة، والبحيرة، والشرقية، ودمياط، وبني سويف، وجنوب سيناء، وبورسعيد، والدقهلية، والغربية، والقليوبية ومرسى مطروح من خلال المراكز الاستكشافية، بالإضافة إلى مشاركات دولية من دول عديدة مثل فرنسا، والأرجنتين، وإنجلترا، وإسبانيا،
يذكر أن إراتوستينس (276 ق.م – 195/194 ق.م تقريبًا) هو جغرافي ورياضي وشاعر وعالم فلك ومنظّر موسيقي. كان رجلًا متعلمًا، وصار كبير أمناء مكتبة الإسكندرية. يشبه عمله ما يُعرف الآن بدراسة الجغرافيا، وقد قدّم بعض المصطلحات التي ما زالت مستخدمة اليوم.
اشتُهر بكونه أول شخصٍ يحسب محيط الأرض، الأمر الذي فعله باستخدام نتائج المسح الشامل التي تمكن من الوصول إليها بموجب منصبه في المكتبة، وكان حسابه دقيقًا على نحو ملفت للنظر. كان أيضًا أول من حسب ميل الأرض المحوري، والذي تبين أيضًا أنه دقيق للغاية. ابتكر أول إسقاط عالمي للعالم، متضمنًا دوائر العرض وخطوط الطول بناء على المعرفة الجغرافية المتاحة في عصره.
قام إراتوستينس بدحض نظرية الأرض المسطحة، وقد دفعه إلى ذلك قراءته في كتاب عن أن القضبان العمودية لمعبد في جنوب أسوان لا تلقي ظلالاً وذلك في ظهيرة يوم 21 يونيو ذلك أن ظلال المعبد تقصر شيئاً فشيئاً كلما اقترب الوقت من منتصف النهار إلى أن تختفي نهائياً عند منتصف النهار. ولكنه دفعه ذلك إلى القيام بتجربة لمعرفة فيما إذا كانت القضبان العمودية في الإسكندرية تلقي ظلالاً في الوقت والتاريخ ذاته (21 يونيو) واكتشف أنها تلقي ظلالاً خلافاً لما هو عليه الأمر في أسوان.
ملاحظة عبقرية
وقادته هذه التجربة إلى استنتاج كروية الأرض، بناء على فكرة أنه لو كانت الأرض مسطحة فإن أشعة الشمس سوف تجعل الأعمدة في أسوان والإسكندرية تلقي الظلال ذاتها وإن اختلاف الظلال لا يمكن تفسيره إلا بكون الأرض محدبة بحيث تصنع أشعة الشمس زاوية مختلفة مع الأعمدة الموجودة في أسوان عن تلك الموجودة في الإسكندرية.
واستنتج إراتوستينس أن الزاوية بين أسوان والإسكندرية مقدارها 7 درجات على امتداد سطح الأرض (أي إذا رسمنا خطاً مستقيماً من الإسكندرية إلى مركز الأرض وآخر من أسوان إلى مركز الأرض فإن الزاوية بين الخطين مقدارها 7 درجات) وهي تشكل نحو جزء من خمسين من محيط الأرض المساوي 360 درجة. وقد عرف إيراتوستينس أن المسافة بين أسوان والإسكندرية مقدارها 800 كيلومتر لأنه وظف رجلاً كي يقيس هذه المسافة بالخطوات، وإذا ضربنا الرقم 800 بالرقم 50 نحصل على 40 ألف كيلومتر وهو محيط الكرة الأرضية، وعلى الرغم من أن إراتوستينس لم يمتلك سوى أدوات بسيطة فقد تمكن من خلال الملاحظة والتجربة من التوصل إلى قياس دقيق لمحيط الكرة الأرضية بخطأ لا يزيد إلا أجزاء قليلة بالمئة، حيث استطاع قياس هذا المحيط، مما يجعله إنجازاً ملحوظاً قبل ألفين ومائتي سنة.