أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، ديوان "غرب الحب الميت" للشاعر والكاتب أحمد سراج.
وتقوم نصوص هذا الديوان على السؤال والمساءلة، لماذا لم يعُد أوديسوس إلى حبيبته المخلص بنلوب؟ هل خان جلجامش صاحبه أنكيدو؟ متى ينهزم المنتصرون؟ هكذا ينسج الشاعر عالمه بين أبطال الأساطير والملاحم الكبرى والبشر العاديين.
ورغم اختلاف قصائده الظاهري فكأن هناك حوارًا مستمرا متعدد الأبعاد، لا ينقطع أبدًا بانتهاء قصيدة، بل تصنع القصائد حوارًا عبر الأزمنة والأمكنة، فيطوف بنا الشاعر مع أوديسوس، وهو يرفض العودة إلى حبيبته بعد الحرب: بيننا أن يردَّ العظيمُ:
أكانت لزامًا حروبُ القرابينِ؟
كَم غُصةٍ ستحوم على الشهداءِ!
وكم نكبةٍ نرتدي لأمة الحرب دون شعاعٍ!
وكم كبوةٍ سنميتُ الصديقَ فيحيا العدو!
ومع أنكيدو وهو يكتب رسالته الأخيرة إلى صديقه جلجامش:
جَلجامشُ المخدوعُ قفْ
وامنح لوجهِي حقَّهُ؛
موتًا جديرًا بي.. أنا
وجهًا لوجهِ طاعِني
لا تُعطنِي دمعَ الودَاعْ..
لا تُعطِني مِلحَ السلامِ المستعَارْ..
لا تُعطني
خيباتِنا الكبرى لترعَى في بقاءٍ
لا يكون
ومع الحسين ودمه يسيل على يد كل قاتل:
دِمَاءُ الحسينِ على كلِّ
إِصبَـعْ
خيولُ الحسينِ تُنادِي
فَتاها
وتُقسِمُ
حينَ يَئنُّ الصَّهِيل...
تقودك قصائد أحمد سراج لأسئلة، وتقودك محاولات الإجابة إلى مدن كانت آهلة، وصحارى لم يطرقها أحد.. وموانئ لم تزل تبكي، وكلما تحركت خطوة انكشفت أمام عينيك رؤى جديدة لأحداث كونت عنها رأيا وصنعت لها صورة ذهنية، لكنك في هذا الديوان تجد نفسك أمام عالم غير الذي تعرفه.
تحمل القصائد عناوين: "لا عودة، على مذبح الخلود، أسِفٌ جِدًّا، كان.. يكون، طللية، سَامحِيهِ، في انتظار...، لا أرى غيركم، ترى من فوقهم، دماء الحسين، معارك العَدَم، شمس، نقوش على حائِطِ المنفَى، بين جبلين، الصدى، اعتراف مكررٌ ومتأخر، شواهد، عنها، ما بعد النهاية، على سُلم الرَّحِيل، الليلة الأخيرة، في ذَاتِ الحُسْن، مدد".
بطل شعبي
وكتب أحمد سراج على صفحته الشخصية “فيسبوك”: أعترف أنني كنت أنهيت الديوان تقريبًا في 2013.. لكنني كنت أعيد النظر في كل فترة.. لهدف ما.. وفي كل مرة أشعر أنني اقتربت.. لكنني لم أصل.. وأظنني وصلت.. لكن هذا الهدف هو سر من أسرار الديوان الكثيرة التي سيبوح بها لقارئه..
هذا الديوان هو شهادة علينا.. نحن الذين أحببنا وثرنا وانتصرنا وانكسرنا.. لم يترك بطلٌ أسطوري أو شعبي الديوان إلا وقد ترك بصمته، هذا ديوان العشاق الخاسرين.. لكنهم لم يزالوا عشاقًا.. وسيظلون..
لذلك أشهد:
ترتدي
كلَّ زينَتِها؛
(سبعَ حبَّات قمحٍ، وكوزَ
حليبٍ مصفَّى، وصورةَ
بكرٍ يمسُّها وحدَه)
تترنمُ راجفةً:
وَلدي،
عُد لي وطنًا
كالحليبِ على
خُضرةِ القمح مبتهلاً
عد لي وحدي
...
وحدَها
وحدَها