الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: النفاق داء يجب معالجته بالحذر تجاه من يسير بهذا الطريق

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علمنا أن المنافقين داء يجب معالجته بالحذر منه وليس باجتثاثه، ولذا رفض قتل المنافقين في أول عهده بالمدينة حتى: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه, بل احتاط منهم وتابع أفعالهم.

وأورد الدكتور علي جمعة مثالا على صبر النبي صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين، عندما رفض مربع بن قيظي مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائطه ورسول الله عائد إلى أحد، وقال: لا أحل لك يا محمد إن كنت نبيا أن تمر في حائطي, وأخذ في يده حفنة من تراب, ثم قال: والله لو أعلم أني لا أصيب بهذا التراب غيرك لرميتك به، فابتدره القوم ليقتلوه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فهذا الأعمى, أعمى القلب, أعمى البصيرة (الروض الأنف: 2/381).

صبر النبي على أذى المشركين

ولفت علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، إلى أن مربع بن قيظي هو أحد المنافقين الذين أظهروا الإيمان بأفواههم وأضمروا الكفر، وما فعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر صريح وردة ظاهرة لا تأويل فيها, ومع ذلك لم يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بقتله، بل لم يسمح لأصحابه بأن يقتلوه, واكتفى بأن وسمه بعمى القلب والبصيرة.

وأضاف: رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم أسماء المنافقين وأمر بإغلاظ القول لهم, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ) [التوبة:73], ولكنه لم يصرح بأسمائهم، اتباعا لهدي القرآن الكريم في الحكاية عنهم: ومنهم من..., ولذا ما كان يعرف أسماء المنافقين بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين (أسد الغابة).

وأوضح علي جمعة أنه في عهد المدينة الأخير وبعد استقرار الدولة واستتباب دعائمها فقد أخذهم بالشدة والغلظة, إلا أنه لم يعمل فيهم القتل أيضا لأنه كما قال لسيدنا خالد بن الوليد في أحدهم, لعله أن يكون يصلي, فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس, ولا أشق بطونهم (البخاري).

وأكد على رقي تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع جميع رعايا الدولة الإسلامية في المدينة, رغم ما يكنه له البعض من عداء وكراهية, وما يبطنونه من حقد دفين، فعاملهم بالرفق واللين حينا وبالغلظة والشدة حينا آخر; مقدما نموذجا فريدا للعالم أجمع للتعايش السلمي مع جميع أفراد المجتمع دون تأجيج للفتنة، وتنكيل بالخصوم, وهو الأمر الذي يجب علي المسلمين اتباعه كي لا يشقوا صف وحدة الأمة في وقت هي في أمس الحاجة إلي الوحدة, وفي وقت يحاول أعداؤها زرع الفتنة وبث الوهن بين أبنائها, تلك هي الأسوة الحسنة في هذه النماذج التي قدمها الرسول صلى الله عليه وسلم للتعامل مع الآخر الحاقد, إنه التعايش والحذر وحفظ وحدة الأمة وحماية أمنها واستقرارها.