الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اليوم الوطني لختان الإناث..بدور فجرت القضية..وحقوقيون: لا علاقة له بالطب أو الدين

أرشيفية
أرشيفية

يوافق اليوم 14 من يونيو، اليوم الوطنى لمناهضة ختان الإناث، وترجع بداية مناهضة الختان لذكرى أليمة وهي وفاة الطفلة " بدور أحمد شاكر " ضحية جريمة ختان الإناث يوم 14 يونيو 2007، وكانت وقتها تلميذة في الصف السادس الابتدائي، إلا أن جرعة بنج زائدة جعلت الطفلة تدخل في غيبوبة، وتوفيت بعد خضوعها لعملية الختان.

وساهمت هذه الواقعة في كسر حاجز الصمت ضد هذه الجريمة وكانت بمثابة صحوة مجتمعية كبيرة لكافة فئات المجتمع والتي أعلنت رفضها لجريمة تنتهك الحقوق الأصيلة للطفلة وكرامتها الإنسانية، كما ساعد أيضا على ظهور خطاب ديني إسلامي ومسيحي صحيح ضد ممارسة ختان الإناث.

بعد بدور.. واقعتان اتهم فيهما الأطباء

حدثت في عام 2016 واقعتان أخريان حيث توفيت خلالهما الطفلة سهير الباتع، في مركز أجا بمحافظة الدقلهية، وميار محمد موسى، في منطقة فيصل بالسويس، بعد إجراء عمليتي ختان لهما داخل مستشفيات خاصة، إلا أن الأطباء في الحالتين حاولوا الخروج من القضية، بأنهم لم يجروا عملية ختان، وإنما أزالوا زوائد جلدية لانبعاث روائح كريهة فقط من تلك المنطقة.

وتداولت المحكمة قضيتي وفاة الطفلتين نتيجة خضوعهما لعمليات تشويه أعضائهما التناسلية، حتى صدر حكم في واقعة ختان الطفلة سهير الباتع،  ففي بادئ الأمر قضت المحكمة بالبراءة، ولاحقا بالحبس 3 شهور للطبيب، أما في قضية الطفلة ميار موسى، فقد صدر حكم بحق الطبيب بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ.

و80 % من جرائم تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى تتم بيد أطباء وأن هذه الجريمة طالما تسببت فى أضرار نفسية وجسدية بالغة للإناث فضلا عن مصرع العديد منهن، في حين أن هذه الجريمة لا علاقة لها بالطب ولا يوجد مصطلح طبي بهذا المعنى نهائيا وإنما ما يحدث تحت ستار المبررات الطبية هو خداع وتحايل.

ومن المعروف أن ختان الإناث أحد أسوأ الجرائم التي تؤثر على المرأة نفسياً وجسدياً، والقضاء على العنف ضد المرأة هو أحد أهم الالتزامات الدستورية للحكومة المصرية.

وأُنشئت  اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في شهر مايو 2019، حيث تم الإعلان عن تشكيلها خلال اجتماع الدكتورة مايا مرسي مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في 21 مايو 2019.

وتضم اللجنة في عضويتها ممثلين من كافة الوزارات المعنية والجهات القضائية المختصة والأزهر الشريف والكنائس المصرية الثلاث ومنظمات المجتمع المدني المعنية، بالإضافة الى التعاون مع شركاء التنمية.

كما تعد اللجنة الوطنية جزءا لا يتجزأ من جهود الدولة المصرية لحماية حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة والطفلة الأنثى بشكل خاص.

القضاء على ختان الإناث هو أحد أهم الالتزامات الدستورية للحكومة المصرية، حيث تنص المادة (80) في الدستور المصري على "تلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجاري"، والمادة (11) على "تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف".

تعديلات تشريعية تجرم ختان الإناث 

ومصر لديها إطار تشريعي قوي لتجريم هذه الممارسة الضارة ، حيث تم إقرار ثلاثة تعديلات تشريعية لقانون يجرم ختان الإناث، كان آخرها عام 2021، وتضمن حذف أي إشارة إلى استخدام المبررات الطبية وإدخال عقوبات مستقلة على القطاع الطبي حال ارتكاب تلك الجريمة، وعقوبات أخرى على المنشأة التي ارتكبت فيها الجريمة. وكذلك استحداث عقوبات لتجريم كل من روج أو دعا أو شجع أو حرض على ارتكابها.

كما تمتلك مصر  إطارًا استراتيجيًا قويًا ، فقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقضاء على ختان الإناث في عام 2016 والاستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة، وحاليا الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 وحماية المرأة من جميع أشكال العنف مع تدخل محدد بشأن ختان الإناث.

كما أن مصر لديها عدة آليات للقضاء على هذه الجريمة والتي تتضمن المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة و لجان حماية الطفل وخط نجدة الطفل 16000 وخط مكتب شكاوى المرأة 15115، ذلك إلى جانب التوعية والقوانين.

وتم التنسيق والتعاون المستمر بين الجهات والوزارات المعنية المتعددة في عملية التخطيط والتنفيذ للقضاء على هذه الجريمة، كما أن  مصر قامت بإضفاء الطابع المؤسسي على عملها بشأن القضاء على ختان الإناث حيث أنشأت ولأول مرة لجنة وطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر ضمت في عضويتها المعنيين سواء الحكوميين وغير الحكوميين بالإضافة إلى السلطات التنفيذية والقضائية وجهات إنفاذ القانون و المؤسسات الدينية الهامة.

وشهدت اللجنة تنسيقًا ملحوظًا وجهودا حثيثة من جميع الأعضاء جنبًا إلى جنب مع شركاء التنمية الدوليين. حيث تمكنت اللجنة من خلال اتصالاتها المستمرة على مدار الساعة ، ومن خلال خطوط المساعدة ووزارة الداخلية والنيابة العامة، من بدء ومتابعة التدخلات الفورية لمساعدة الضحايا المحتملين لهذه الممارسة وضمان تحقيق العدالة ضد كل من ارتكب هذه الجريمة ضدهن.

كما وحدت اللجنة  جهود التوعية حول جريمة ختان الإناث ، الأمر الذي أدى بالتأكيد إلى تسريع تأثيرها تحت مظلة حملة احميها من الختان، وجميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية عملت على رفع مستوى الوعي من خلال القوافل الطبية ، وحملات التوعية الإعلامية ، وبناء القدرات ، وإنتاج مقاطع فيديو وأفلام حول هذه الجريمة، كما تم رفع مستوى الوعي على الأرض من خلال حملة طرق الأبواب للمجلس القومي للمرأة والتي أصبحت أداة توعية مؤسسية ، وتُبذل جهود مكثفة للقضاء على ختان الإناث في شهر يونيو من كل عام المسمى بشهر بدور، بالإضافة إلى حملة الـ 16 يوم من الأنشطة المناهضة للعنف ضد المرأة.

خمس سنوات لانتهاء ختان الإناث 

القطاع الطبي له دور هام في القضاء على هذه الجريمة، حيث يلعب الأطباء والممرضات والممارسون دورًا كبيرًا،  وقد أصدرت مصر بيانا ضد ما يسمى تطبيب ختان الإناث فلا يجب على العاملين بالقطاع الطبي منع هذه الممارسة فحسب، بل يجب عليهم أيضًا أن يلعبوا دورًا كبيرًا في زيادة الوعي بالآثار الطبية لهذه الممارسة.

وقال المحامي علاء الراعي، إن الختان بمصر في الفترة الأخيرة أخذ منحى أكثر جدية ، منذ لحظة إعلان الرئيس ميعاد انتهاء الظاهرة و المحددة خمس سنوات، مضيفا أنه في "ظل التحديات الكثيرة أمام مشكلة الختان و بشكل أكثر دقة القبول المجتمعي والعادات والتقاليد كان أمام المجتمع المدني أن يعمل على التوعية بشكل حقيقي.

وأشار إلى أنه كان للتشريع دور قوى في المواجهة، فكان التجريم لمجرى عملية الختان و مساءلة تأديبية من نقابة الأطباء ولكن لم يكن كافيا لأن النقابة لم تكن تتصدى لتلك الافعال و أغلب العمليات كانت من غير الأطباء، فتوسع المشرع بادراج فئات أكثر من مجرى العملية وأدخل الآباء المسئولين عن الطفلة و اتهامهم بتعريض ابنتهم للخطر.

ونوه بأن التشريع الأخير أدخل في دائرة العقاب كل من اصطحب الفتاة، وأصبح هناك دعم من المجتمع من خلال التوعية المستمرة والتى وصلت لأصعب الأماكن.

ولفت إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يصدر تقريرا كل 10 سنوات لذلك ننتظر التقرير فى 2026 ، ونتمنى أن يتم تقليل هذه الفترة العشر سنوات  تناسبا للزيادة المستمرة في المجتمع المصري، مؤكدا أن "عودة تبعية المجلس القومي للطفولة والأمومة لمجلس الوزراء سيكون له تأثير قوي لحماية الفتيات وتوعية الآباء".

وقالت الكاتبة فريدة النقاش، إننا نحتاج احتشاد الرأي العام كله وأن يقتنعوا بأن "هذه جريمة في حق النساء"، لافتة إلى أنه "لا يزال هناك قطاع لا يستهان به من المصريين يعتقدون أن  هذا العمل فى مصلحة المرأة ولـ صيانة عفافها".

وأشارت إلى أن هذه القضية لها جانبان جانب قانوني إجرائي وجانب يخص وعى المصريين، فهي عملية صراعية طويلة المدى ولن تنتهى بسهولة.

وأكدت أن الثقافة حول عفة المرأة متجذرة منذ آلاف السنين والنساء يحملن هذه الثقافة ربما أكثر من المجتمع كله ولتغيير هذه الثقافة تحتاج إلى مجهود كبير فى الوعى والتعليم وإبراز حقوق المرأة والدفاع عنها.

ونوهت بأن تغليظ عقوبة ختان الإناث ومعاقبة من يطالب به سوف يحد بشكل ما ولكن ليس نهائيًا واللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث دورها صعب لأن هذه الثقافة متغلغلة في المجتمع.