الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عواقب وخيمة.. هنري كيسنجر يحذر الغرب من محاولته المستمرة إلحاق الهزيمة بروسيا

هنري كيسنجر
هنري كيسنجر

لا تزال الأزمة الروسية الأوكرانية تسيطر على مجريات الأمور في العالم بعد أن تسببت في أزمة اقتصادية كبرى وارتفاع الأسعار والتضخم الذي ضرب اقتصادات العالم، لكن مع كل هذه الأزمات لا أحد يدري متي ستنتهي الحرب القائمة الآن بين الجارتين وإلى ماذا ستصل الأمور.

هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والسياسي المخضرم، دخل على خط الأزمة بعد أن كان ملتزما الصمت منذ بدء الحرب، ونظرا أهمية كيسنجر كأحد رواد السياسة في العالم الذي كان له الفضل في صنع السياسة الخارجية الأمريكية، فإن أراءه كثيرا ما يتم أخذها في الحسبان والعمل بها من قبل زعماء الولايات المتحدة.

تحذير من إطالة أمد الحرب

وحذر كيسنجر من إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، ويؤكد أن الوضع الملائم لها هو الحياد، وأن تكون جسراً بين روسيا وأوروبا، كما حذر الغرب من محاولته المستمرة لإلحاق الهزيمة بالقوات الروسية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن ذلك ستكون له "عواقب وخيمة" على استقرار أوروبا في المدى البعيد.

وجاء ذلك خلال كلمته في منتدى دافوس، الأثنين، ولفت كيسنجر إلى مكانة روسيا في ميزان القوى الأوروبي، مشيراً إلى أن موسكو كانت جزءاً أساسياً من أوروبا على مدى 400 عام، وكانت الضامن لتوازن القوة في أوروبا في الأوقات الحرجة، معتبراً أنه لا بد لأوكرانيا من أن تتخلى عن بعض الأراضي لروسيا.

وأضاف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، أنه لا يجب أن تغيب تلك العلاقة الطويلة الأمد عن أذهان القادة الأوروبيين، كما لا يجب أن يجازفوا بدفع روسيا إلى الدخول في تحالف دائم مع الصين.

ضرورة الدخول في مفاوضات

وحذر من إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، مشدداً على ضرورة دفع كييف إلى العودة إلى التفاوض، مؤكداً أن الوضع الملائم لها هو الحياد، وأن تكون جسراً بين روسيا وأوروبا.

وحث كيسنجر قادة الغرب على حمل أوكرانيا على قبول الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع روسيا، حتى وإن كانت شروط التفاوض أقل من الأهداف التي تريد الخروج بها من الحرب.

وفي التقرير التالي يستعرض "صدى البلد" أهم المعلومات عن عراب السياسية الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر..

هنري كيسنجر

هنري ألفريد كيسنجر ولد في 27 مايو 1923، و سياسي أمريكي، ودبلوماسي، وخبير استشاري جيوسياسي، شغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأمريكي في ظل حكومة الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد. 

وكان كيسنجر في الأصل لاجئ يهودي هرب مع عائلته من ألمانيا النازية عام 1938، وأصبح مستشار الأمن القومي في عام 1969 ووزير الخارجية الأمريكي في عام 1973. 

وبسبب إجراءاته في التفاوض لوقف إطلاق النار في فيتنام، حصل كيسنجر على جائزة نوبل للسلام عام 1973 في ظل ظروف مثيرة للجدل، حيث استقال عضوان من اللجنة احتجاجًا على ذلك، وسعى كيسنجر لاحقًا، دون جدوى، إلى إعادة الجائزة بعد فشل وقف إطلاق النار.

سياسة هنري كيسنجر الخارجية

ومارس كيسنجر الواقعية السياسية، حيث لعب دورًا بارزًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بين عامي 1969 و 1977،  وخلال هذه الفترة كان رائدًا في سياسة الانفراج الدولي مع الاتحاد السوفييتي، ونسق افتتاح العلاقات الأمريكية مع جمهورية الصين الشعبية، وانخرط في ما أصبح يُعرف باسم دبلوماسية الوسيط المتنقل في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر، والتفاوض على اتفاقيات باريس للسلام، وإنهاء التدخل الأمريكي في حرب فيتنام. 

كما ارتبط كيسنجر أيضًا بسياسات مثيرة للجدل مثل تورط الولايات المتحدة عام 1973 في انقلاب تشيلي، وإعطاء الضوء الأخضر إلى المجلس العسكري في الأرجنتين لحربهم، ودعم الولايات المتحدة لباكستان خلال حرب بنغلاديش على الرغم من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها باكستان بحق بنغلادش. 

وبعد تركه الحكومة، أسس كيسنجر شركة وأسماها "شركاء كيسنجر"، وهي شركة استشارات جيوسياسية دولية، وكتب كيسنجر أكثر من اثني عشر كتابًا في التاريخ الدبلوماسي والعلاقات الدولية.

يبقي الأمر على ما هو علية

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن دعوة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر في الأزمة الروسية الأوكرانية وتوقف الغرب عن محاولة تكبيد روسيا الخسائر ومحاولة تنازل أوكرانيا عن مجموعة من أراضيها، هذا الكلام طرح على لسان بعض الأكاديميين ولكن كان علية بعض التحفظات.

وأضاف فهمي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الولايات المتحدة ماضية في نهجها الدبلوماسي والعسكري على جميع الأحوال، في محاولة لإقاع أكبر ضرر من الجانب الروسي، وعلى الجانب الأخر روسيا مستمرة في عمليتها العسكرية حتي تنجز أهدافها كاملة، وهذا ما صرحت به موسكو خلال الساعات الأخيرة.

وأشار إلى أن تنازل أوكرانيا عن جزء من أراضيها هو أمر تم بالفعل، بالتالي لا يمكن القبول أو الرفض في إطار العمل العسكري.

وتابع: "لكن حديث هنري كيسنجر وهو ثعلب ماكر، بأنه يدعوا إلى أمرين: الأول وهو سياسية الأمر الواقع والالتزام بما يمكن أن يحدث سواء على الجانب الروسي أو الأمريكي، وأن هناك خسائر أمريكية من استمرار الضغط في دعم عسكري مباشر لإقاع الضرر بالجانب الروسي".

أما عن الأمر الثاني، قال فهمي إن أوكرانيا بالفعل أصبحت مقسمة ومجزأه بصرف النظر عن استمرار العملية السكرية أو عد استمرارها.

استمرار السياسية الأمريكية

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن العالم أمام واقع وتطور هام ومفصلي، وإشارات خطيرة لاستمرار العمل العسكري إلى جانب العمل السياسي والدبلوماسي.

وتابع: "أصبحنا في مواجهة عسكرية مستمرة، وأن الجانب الأمريكي لن يتوقف عن إيقاع الضرر بالجانب الروسي، وبعد قليل ستشعر الولايات المتحدة بالتأثير خاصة في استمرار العمل العسكري واحتمالية انقسام حلف الناتو واحتمال خسارة حزب جو بايدن انتخابات التجديد النصفي أمام الجمهوريين".

ولفت فهمي إلى أن روسيا احتلت بالفعل أجزاء كبيرة من أوكرانيا، لذلك قضي الأمر سواء بقبول أوكرانيا أو رفضها لا توجد مشكلة لموسكو، ومازال سيناريو شبه جزيرة القرم ماثلا، وفي النهاية يبقي ما قالة هنري كيسنجر أمر خطير وهم له تداعيات مؤثرة.

أهداف الولايات المتحدة

ومن جانبه، قال رامي إبراهيم، الباحث في الشؤون الدولية، إن اقتراح بأن تتنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها لروسيا مقابل وقف الحرب، هو مقترح قد يتم التوصل إليه لكن عندما تصل الحرب إلى نهايتها ويصبح كل طرف من أطراف النزاع غير قادر على الاستمرار وخاصة كييف، وهذا قد يستغرق أشهر وربما سنوات.

وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن انتهاء الحرب في الوقت الحالي ليس من أهداف الولايات المتحدة الأمريكية التي أصدرت قانون بموجبه يتم منح أوكرانيا نحو ٤٠ مليار دولار مساعدات عسكرية واقتصادية، مشيرا إلى أن الهدف الأول والأهم لأمريكا هو استنزاف روسيا عسكريا واقتصاديا وتحجيم دورها عالميا.

نظام دولي جديد ومخاوف أوروبية

وأوضح أن الولايات المتحدة تعلم أن هذه الحرب قد تنتهي بإعلان نظام دولي جديد، وأنه في حال انتصرت موسكو ستصبح قوى عظمى تنافس أمريكا على مناطق النفوذ في أفريقيا وآسيا، كما سينحصر دور الولايات المتحدة عالميا، ولم يثق فيها حلفائها الحاليين، بعدما تركت أوكرانيا فريسة سهلة، لذلك يتواصل دعم كييف قدر المستطاع حتى تستطيع مفاوضة روسيا حال رغبتها في إنهاء الحرب.

وأشار إبراهيم إلى أن الكثير من الدول الأوروبية ترغب في انتهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، لأن تبعاتها الاقتصادية على شعوبها قاسية ومدمرة، وأيضا تبعاتها السياسية على الأنظمة الحاكمة فد تكون مقلقة وبداية للتغيير، إلا أن الضغوط الأمريكية والاندفاع الروسي تجاه العاصمة كييف ترك مخاوف لدى أوروبا من التراجع قبل تكبيد روسيا خسائر أو ابداء نيتها لتقديم تنازلات في بعض المطالب والانسحاب من المدن الأوكرانية القريبة من العاصمة.

التحالف الصيني الروسي

ورأى الباحث في الشؤون الدولية، أن وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر قد يكون محق في أن الازمة الحالية ستدفع روسيا والصين إلى التحالف ما يشكل تهديد قوي لنفوذ أوروبا وأمريكا، إلا أن واشنطن قد لا تقبل بنظام جديد تشكل فيه روسيا قوى مناظرة وموازية أو منافسة لها بقوة مثلما كان الاتحاد السوفيتي قبل انهيار.