الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مالي تنهي احتياجها لفرنسا وأوروبا .. توترات بسبب مقبرة جماعية وتدخل روسي|ماذا يحدث؟

الجيش الفرنسي في
الجيش الفرنسي في مالي

توتر حادث في القارة الإفريقية التي لا تهدأ، وهذه المرة في مالي ولكن ليس مع متطرفين أو إرهابيين أو انفصاليين، ولكن مع فرنسا التي تربطها مع مالي علاقات وكبيرة منذ أن كانت مستعمرة فرنسية في أيام الاحتلال.

ويأتي هذا التوتر في العلاقات بعد 9 سنوات من التواجد الفرنسي في مالي والدعم العسكري والسياسي، بعد أن اكتشفت السلطات المالية مقبرة جماعية قرب قاعدة عسكرية استخدمتها القوات الفرنسية في الآونة الأخيرة.

ومن جانبها اتهمت فرنسا المرتزقة الروس العاملين في مالي بشن حملة لتشويه صورتها، تتضمن جمع الجثث في الموقع بهدف توجيه أصابع الاتهام لفرنسا، ولكن الحكومة الروسية رفضت هذه الاتهامات، كما عبرت مالي عن رفضها المزاعم الفرنسية.

وفي وقت سابق، كانت قد عبرت فرنسا ودول أوروبية أخرى عن القلق أخيرا من وجود المرتزقة الروس التابعين لشركة الأمن الخاصة فاغنر في بعض الدول الأفريقية، ولكن تنفي الحكومة الروسية أي علاقة لها بالشركة.

فما هي بداية القصة، ولماذا توترت العلاقات بين مالي وفرنسا، وما علاقة شركة الأمن الروسية الخاصة بتوتر العلاقات؟، هذا ما سيعرضة "صدى البلد" في التقرير..

بداية توتر العلاقات

أعلنت فرنسا منذ 3 أشهر عن سحب قواتها البالغ عددهم 3 آلاف جندي من الأراضي المالية والمتواجدة منذ عام 2013 على خلفية الجدل الذي أثير حول طبيعة دورها في محاربة الجماعات الجهادية هناك.

وعلى آثر ذلك، سلمت فرنسا القاعدة الواقعة قرب غوسي لسلطات مالي في 19 أبريل الماضي، وانتقل إليها جنود من جيش مالي في اليوم نفسه، وهو الأمر الذي تتفق عليه جميع الأطراف.

وفي ظهيرة اليوم التالي، قال الجيش الفرنسي إن استطلاعات قواته الجوية أظهرت وجود عدد آخر من الجنود، وصفتهم بأنهم من العرق القوقازي (الأوروبي) وتشتبه في أنهم من عناصر فاغنر يصلون إلى القاعدة، ويقومون بتفريغ معدات من الشاحنات بمساعدة الجنود الماليين، ولكن ملابس الجنود لم تكن واضحة بسبب قلة جودة الصور وبالتالي من الصعب التأكد من هويتهم.

وقالت السلطات الروسية لبي بي سي إنها لا تستطيع تقديم الصور الأصلية التي تتسم بجودة أفضل لأسباب أمنية.

حساب تويتر مجهول

بينما قالت فرنسا، إنه في اليوم نفسه، قام حساب (@DiaDiarra6) على تويتر بنشر ادعاء بوجود جثث قرب قاعدة غوسي خلفتها القوات الفرنسية وراءها، لكنه لم ينشر أي صور، ويعرف صاحب الحساب نفسه بأنه "جندي سابق، ورجل وطني، ومحلل سياسي".

ويقول الجيش الفرنسي، إنه بعد ملاحظة هذه التغريدة أرسل طائرة مسيرة إلى موقع القاعدة لاستطلاع ما يحدث هناك.

تحقيقات الجيش الفرنسي

في الصباح التالي، عند العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي، قال الجيش الفرنسي إنه التقط صورا لمجموعة من الجنود القوقازيين يقفون قرب نحو 10 جثث في مكان منعزل على بعد نحو 3 كيلومترات من القاعدة، وكان بعضهم يلقون الرمال عليها بينما كان الباقون يلتقطون الصور بالقرب منهم.

وبعد ساعتين تقريبا، نشر الحساب نفسه، الذي تصفه فرنسا بأنه "في الغالب حساب مزيف أنشأته عناصر فاغنر"، على تويتر تغريدات تتضمن محتوى عنيفا، وتضمنت التغريدات صورا ولقطات قريبة لما يبدو أنه عدة جثث تغطيها الرمال بشكل جزئي.

وفي التغريدة، كتب تحت الصور "هذا ما خلفه الفرنسيون وراءهم عندما تركوا القاعدة في غوسي، هذه لقطات من مقطع مصور التقط بعد مغادرتهم".

وفي نفس اليوم، نشر الحساب ذاته مقطعا مصورا مدته 20 ثانية للجثث نفسها، وبعد ذلك تم إلغاء الحساب.

الرواية المالية

تقول مالي ردا على التقارير الفرنسية، إنه بعد السيطرة على القاعدة يوم 19 أبريل، أرسلت تعزيزات إليها في اليوم التالي، لكن تعرضت القوات لنيران معادية من مصدر مجهول، وأرسلت قوات إضافية لاستكشاف الموقع في صبيحة اليوم التالي، وهناك اكتشفوا المقبرة الجماعية.

وقال المتحدث باسم الجيش المالي، العقيد سليمان ديمبلي، إن حال التحلل التي عليها الجثث تعني أنه جرى قتلهم قبل أيام، وهو، حسب رأيه، ما ينفي إمكانية ضلوع قوات مالي.

وتابع: "حال التحلل التي عليها الجثث توضح أن المقبرة الجماعية كانت موجودة قبل تسليم الفرنسيين القاعدة لمالي".

وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدة المتحدث باسم الجيش المالي في 25 إبريل الماضي، وقال ديمبلي "بعض السكان أبلغوا في وقت سابق عن اكتشاف مقبرة عندما وصلت القوات المالية إلى المنطقة".

ولكن لا تتهم السلطات المالية أي جانب لارتكاب هذه المذبحة بشكل واضح، ولكنهم اتهموا الفرنسيين بالتجسس لأنهم أطلقوا الطائرة المسيرة قرب القاعدة العسكرية في غوسي، غير أن فرنسا تنفي ارتكاب أي خطأ، لأنه مسموح لها بممارسة عمليات الاستطلاع في المنطقة.

الرد الروسي على فرنسا

ومن جانبها، أصدرت الخارجية الروسية بيانا بخصوص الواقعة، معربة فيه عن مساندتها لمالي، كما وجهت إصبع الاتهام لفرنسا بإحالة اللوم إلى جهة أخرى وتحميلها مسؤولية القتل.

وذكر البيان الادعاءات التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حول العثور على الجثث في غوسي التي كانت حتى وقت قريب مقرا لنشاط الفرنسيين.

وقالت أيضا إن وسائل الإعلام المحلية ربطت بين كشف المقبرة وبين اعتقال القوات الفرنسية عددا من الرعاة قرب غوسي، ولا يزال مصيرهم مجهولا حسب ادعاء موسكو.

وقالت وسائل الإعلام الفرنسية، إن الجنود الفرنسيين قاموا بعملية اعتقال في المنطقة يوم 17 أبريل، موضحه أنه جرى إطلاق سراح المعتقلين، ما يعني أنه لا يمكن أن يكونوا هم القتلى.

فسخ معاهدة التعاون الدفاعي

وعلى أثر هذه الخلافات المستمرة، أعلن المتحدث باسم حكومة مالي، عبدالله مايجا، عن فسخ بلاده معاهدة التعاون الدفاعي المبرمة مع فرنسا وشركائها الأوروبيين؛ بسبب "انتهاكاتها المستمرة لسيادة البلاد" ومماطلتها في مراجعة معاهدة الدفاع المشترك مع باماكو.

وقال مايجا في بيان، ألقاه في التلفزيون الوطني اليوم الثلاثاء، "إن حكومة مالي فسخت معاهداتها العسكرية مع فرنسا على خلفية "الهجمات الصارخة" من جانب القوات الفرنسية الموجودة في البلاد على السيادة الوطنية و"الانتهاكات المتعددة" للمجال الجوي المالي، رغم فرض باماكو منطقة حظر طيران مؤقتة".

وأكد أن الطائرات العسكرية الفرنسية انتهكت مرارا أجواء البلاد رغم إعلان مالي إنشاء منطقة حظر جوي مؤقتا.

مشيرا إلى أن حكومة مالي في ضوء تلك الأحداث، قررت فسخ معاهدة التعاون الدفاعي الموقعة مع فرنسا في 16 يوليو 2014 وفسخ الاتفاق الذي يحدد وضع قوة برخان الموقع في 1 و8 مارس 2013 والبروتوكول الإضافي الموقع في 6 و10 مارس 2020 والذي يحدد وضع قوة "تاكوبا".


-