القصة الكاملة لطبيبة "فيس بوك" المزيفة.. لماذا استخدم نصاب اسم مكة محمد للتغرير بالشباب؟

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بصور لفتاة بقوام رشيق وعيون ملونة وشعر أسود مموج، تدعى مكة محمد، ادعت العشرينية أنها طبيبة أسنان بقصر العيني، إلا أن رواياتها المتضاربة كشفت سرّها ليتبين لاحقاً أنها حساب وهمي يعمل على استغلال الشباب عبر خداعهم بصور مزيفة، معدّلة عبر برنامج "فوتوشوب".

فتاة مزيفة تخترق العالم الافتراضي

اسم مكة محمد Maka bstawey، ظهر فجأة كحساب عبر فيس بوك، وتمكن القائم عليه من جمع العديد من المتابعين والمتابعات من خلال نشر صور فتاة جميلة الملامح وبعض المعلومات البسيطة عنها؛ على أنها خريجة كلية طب أسنان وكانت تعمل في إحدى الجمعيات الخيرية المتعارف عليها، ومن خلال بعض التغريدات والصور والمختارة بعناية ومُعاد تعديلها من خلال تطبيقات الفوتوشوب، كونت مكة صداقات مع العديد من الشباب من متابعيها.

آلاف المتابعين بوقت قصير

استطاع الشاب المجهول بوقت قصير جمع آلاف المتابعين عبر فيسبوك وانستجرام، بعدما قام بتركيب صور لفتاة عشرينية جميلة، ثم زعم أيضاً أنها تعمل طبيبة أسنان في مستشفى قصر العيني الشهيرة، وهو ما نفاه عدد من الأطباء لاحقاً، مؤكدين عدم انتسابها للمستشفى أو الكلية، وذلك بعدما كشف أمرها أحد رواد السوشيال ميديا، حيث أخفت صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي تماما.

سرعان ما أخذت القصة منحنى آخر، حيث استغلت الفتاة المزيفة صورها الجميلة في التقرب إلى الشباب والحصول على هدايا منهم ومبالغ مالية وأرصدة شحن على الهاتف المحمول، بعد أن أوهمتهم جميعًا بقصص خيالية لا أساس لها من الواقع وصور تم تركيبها وتغيير ملامحها عبر تطبيقات إلكترونية.

الشك في التاريخ الوهمي لـ«مكة» المزيفة

تمكنت الفتاة المزيفة، أو الرجل صاحب الشخصية المزيفة الذي تم اكتشافه فيما بعد، من استغلال الشباب عن طريق خلق تاريخ وهمي لشخصية الفتاة التي تقمصها، التي تخرجت من كلية طب أسنان، كما أثبتت الصور التي تم التقاطها في فناء الكلية، والتي سعت للتطوع في إحدى الجمعيات الخيرية الشهيرة، التي عمل بها عدد كبير جدًا من الشباب والفتيات في وقت من الأوقات.

تلك التفاصيل وترابطها لم يدع مجالًا للشك في بادئ الأمر بأن الحساب مزيف أو أن من يديره رجل وليس فتاة، خاصة إذا كانت تدعي أنها متحفظة ولا يمكنها الخروج للقاء شاب غريب أو محادثته طويلًا عبر الهاتف، لكن استمرار القصة على وتيرة واحدة كان هو الثغرة التي كشفت الأمر.

«كنت عارف أنها فيك أكونت»

من جانبه، أكد محمد الصاوي، خريج كلية العلوم في جامعة الإسكندرية، ومكتشف حقيقة «مكة» دكتورة الأسنان المزيفة، أنه كان يعرف أن الحساب «فيك أكونت» إلا أنه لم يكن لديه الفضول للبحث ورائها، الا بعدما اكتشف حقيقة النصب على الكثير من مشاهير السوشيال ميديا، بحجة الهدايا والمساعدات دون أن يعرف عنها أحد شيئاً.

وأضاف: «من 6 أشهر البنت دي كانت بتعمل عندي كومنتات كتير عادي، زي كل الناس، بس لاحظت إنها منتشرة في أماكن كتير، وبتحب الظهور، وفيه ناس كتير يعرفوها، قلت عادي عايزة تتشهر، بعد كدة لقيتها كل شوية تغير صورتها وتحط صورة جديدة، بس الصور كلها فيها حاجة غريبة، وبحكم إن أنا بفهم في الفوتوشوب، كان واضح بالنسبة لي، إن صورها مش طبيعة، ومش مجرد تعديل ألوان، ملامح الوجه نفسها ملعوب فيها والأبعاد مش مظبوطة، بس عادي مكنتش حاطط في دماغي قولت يمكن راسها بطاطساية وبتظبطها، لكن مع تكرار الصور اللي فيها نفس الأخطاء قولت مستحيل، ده مش وش بني آدم طبيعي، وحتى الخلفيات في كذا صورة فيها تعديلات ولعب كتير».

البحث في صفحتها واكتشاف الحقيقة

وقرر «الصاوي» بعدها، التأكد من شكوكه من خلال البحث في صفحتها، ووجد رسائل من طلاب معها في نفس الجامعة، أثبتوا عدم وجود ذلك الاسم هناك في الكلية.

وأضاف قائلا عن كشفه مكة محمد صاحبة الاكونت الفيك: «متكلمتش بقالي 6 شهور، لأن أولا أنا مكونتش بدور وراها في الأول، ومش مهتم أكشفها، لحد ما لقيت إن فيه ناس أعرفها بيتضحك عليهم، وثانيا أنا مكانش عندي فراغ في الوقت أو المجهود إني أدور بجدية في الأول، ومكانش هاينفع أتكلم بدري من غير أدلة وشهود كتير وأوقع نفسي في غلط، لكن لما ركزت معاها الموضوع كله إتقفش في 4 أيام.

سقوط الطبيبة المزيفة

وإمبارح قولت ألعب بأعصابها شوية ونزلت بوست قولت أنا أعرف أكونت فيك عامل كذا كذا من غير ما أقول اسمها، وحصل زي ما كنت متوقع إنها دخلت كلمت صحابي تقولهم هو قصده عليا؟، وبعدين دخلت تكلمني أنا آخر ما زهقت، كلمتني من الأكونت بتاعها اللي هو مكة، ومن الأكونت بتاعها التاني اللي هو «جنة»، وفضلت سايبها تهري من غير ما أرد، وبعدين قومت منزل اسمها بقى للناس يعرفوا النصابة المحترفة، لقيتها بتهددني تعمل محضر، قولتلها ماشي نروح القسم وكل واحد يطلع بطاقته، وطبعا هي عملتلي بلوك واختفت خلاص».

رد مكة محمد عن فبركة صورها وسرقة الشباب

 وبحسب الرسالة التى نشر الصاوي صورة منها على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، فقد قالت مكة محمد Maka Mohamed: "أنا لا نصبت على حد ولا استغليت حد، ولا كنت بكلم حد أساسًا في أي حاجة شخصية، غير كام بنت، ويمكن كلامنا كان محدود، أي واحد معتوه نزل إني نصبت عليه أو استغليته أو حتى أخدت منه كارت فكة يقدر يثبت ده، لو هو راجل فعلًا مش بيزيط في الزيطة".

وأضاف الحساب الوهمي، في رسالته: "أنا عارفة إن يمكن في أكتر من حد متضايق من حاجة زي دي، ويمكن مش حابب إني كنت بلعب في صور مش صوري وأنزلها على الأكونت عندي، بس كل الحوار إني فعلًا مأذتش أي حد ولو بكلمة، حتى لو كان مجرد أكونت تفاعل في الأول، والموضوع بجد تضييع وقت مش أكتر، وفيه بنات كتير دخلت في الموضوع بدون أدنى سبب وملهمش أي علاقة".

وأنهى الحساب الرسالة بإغلاق الحساب الوهمي، الذي يحمل اسم مكة بصورة نهائية قائلًا: "أي حد اتكلم معايا أو شاف أننا أصحاب أنا باعتذرله، بس أنا مكنش غرضي حاجة وحشة".

وبدأت الأجهزة الأمنية المختصة في البحث عن المواد المنشورة، وتتبع الأكونت المزيف، للتوصل إلى حجم الضرر الذي أصاب مواطنين من عدمه.