بلغة شاعرية سلسة قدمت الكاتبة والكاتبة، إيمان عز الدين كتابها الأول "عقلك في راسك" والصادر عن دار سما للنشر، والتي تأخرت كثيرا كي تصدرعملها الأول، فما إن اكتملت التجربة، حتى شعرت أن تجربتها تلك باتت جاهزة كي ترى النور، لتقدمها للقراء.
من يقرأ هذا الكتاب يكتشف أنه ليس بصدد قراءة نموذج "استهلاكي" للكتب التي تهدف في المقام الأول لجذب القراء أو تحقيق مبيعات ربما يحاول البعض اللهث وراءها، فقد قدمت إيمان من خلال عملها ربما خلاصة تجاربها الحياتية، صحيح أنها لم تذكرذلك بشكل صريح داخل كتابها، لكن بأي حال من الأحوال ما إن يطلع القاريء على أولى صفحات الكتاب، حتى يكتشف أن هذه التجارب التي قدمتها ما هي إلا تجربة ذاتية بامتياز.
تحاول إيمان عز الدين في كتابها فك الكثير من الطلاسم والمفردات الغائبة، التي باتت تهدد العلاقة بين الرجل والمرأة، والتي يصفها البعض بأنها "معقدة"، فهي ترى وتؤمن أن هذه العلاقة لها طقوس خاصة ينبغي أن يتبعها الكثيرون كي تنجح، وهي ليست بطقوس يصعب تحقيقها.
يدعم الكتاب قيمة إعادة اكتشاف الإنسان لذاته وقدراته ومواطن قوته انطلاقا من تعزيز الثقة بالنفس، والإيمان بها والتصالح معها وصولا إلى السلام النفسي الذي يؤهل إلى قبول الآخر وتفادي الكثير من الصدامات.
مفردات غائبة
تجاوزت داخل عملها هذا فكرة "الكتاب الأول" والتي ربما تؤرق الكثير من الكتاب إذ استخدمت أسلوب الفكاهة والسخرية، والذي يحاول الكثيرون تجنبه دائما، نظرا لأنه قد لا يستحسنه القراء، فقد نجحت في فرض أسلوبها متجاوزة الكثير من المفردات الغائبة، التي مررتها بأسلوب شيق وسهل، إذ استحضرت ما هو تراثي وقدمته بسخرية متجاوزة الواقع الذي ربما ينظر إليه الكثيرون بنوع من الريبة والتشاؤم، فقدمت أمثال شعبية جديدة ربما يستحضرها البعض خلال السنوات القادمة، حيث خلى الكتاب من المفردات المعقدة التي ربما يحاول البعض استخدامها كي يضفوا نوعا من الغموض حول "كتاباتهم"، فقد تخلت عن أية تعقيدات، بدءا من غلاف كتابها الذي امتزجت بداخله ألوان بصرية توحي بكثير من مشاعر السعادة وربما الفرح، والتفاؤل للتحريض على خوض تجربة الكتاب الشيقة، الذي لا يتسم بأي غموض سوى عنوانه الذي يبدأ بكلمة "عقلك" الغير مشكلة إذ يمكن اختيارها لتناسب الجنسين سواء كسر"اللام" لتنساب النساء أو فتحها لتناسب الرجال.
تحكي مثلا خلال كتابها وتقول:
"خدي اللي يحبك بتفاصيلك ولا تاخديش اللي عينه زايغة على غيرك"
وتقول أيضا:
"المهم الراجل اللي معاكي شاريكي قد إيه مش شاريلك إيه، انتي محتاجة شريك حياة مش راعي رسمي".
تبدأ إيمان عز الدين كتباها بمقدمة موجزة، تتحدث فيها بصراحتها المعهودة، إذ تقول: "حاولت أن أرسم الابتسامة على وجوهكم مع كل كلمة و فكرة أطرحها عليكم من خلال صفحات هذا الكتاب، ولكن اسمحوا لي أن اعترف في البداية أن هذا المحتوى الساخر ينطوي على تجارب حقيقية وشخصيات واقعية ومواقف يومية نواجهها جميعا، لذلك سوف تجدون أنفسكم جزءا أصيلا من هذا العمل، ولم اكتف بذلك بل حاولت أن أضع بين أيديكم بعض الحلول والأفكار التي تصل إلى حد السهل الممتنع لتجاوز كثيرمن العقبات بعد أن اختبرتها على نفسي أولا وذلك انطلاقا من إحساسي بالمسؤولية الأدبية وبناء على وجهة نظري المتواضعة مع الحفاظ على العادات والتقاليد والثوابت الاجتماعية والقيم الإنسانية والأخلاقية والمهنية. والهدف الأساسي هو الحفاظ علي كيان الأسرة المصرية والعربية التي تعتبر نواة المجتمع وحمايتها من خطر التفكك المستتر أو المعلن: وإيمانا بأن المحتوى الساخر هو الأقرب والأكثر تأثيرا".