الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفرق بين المعصية الآدمية والإبليسية.. علي جمعة يوضح

الفرق بين المعصية
الفرق بين المعصية الآدمية والإبليسية

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن ما يحدث في دنيا الناس من حولنا تندى له جبين البشرية، ولكن البشر على نوعين: آدمي وإبليسى.


وأضاف علي جمعة عبر صفحته على فيس بوك، أما الآدمى: فقد خلصه الله من سلطان إبليس عليه فكان من عباده المخلصين.
وأما الإبليسي: فقد صدق عليهم إبليس ظنه وقد توعّدهم بأن يغويهم فأغواهم، وأن يضلهم فأضلهم.


وتابع علي جمعة، سألني سائل: أوليس المسلمون عصاة في تركهم لسنة نبيهم ولأوامر ربهم؟ قلت: بلى إذا ترك المسلم سنة نبيه وأمر ربه  فهو عاصى، ولكن  هناك معصية آدمية، وهناك معصية إبليسية.
فلقد صدرت المعصية عن آدم وصدرت المعصية عن إبليس ؛إلا إنها لمّا صدرت عن آدم صدرت بدافع الشهوة والخطأ والنسيان ،وتلاها ندم واعتراف وحوبة وأوبة وتوبة ورجوع وطلب للمغفرة من رب العالمين واستقامة على أمره سبحانه وتعالى واستهداء بهدايته، أما إبليس فقد كان عامدًا قاصدًا وكان متكبرًا عاليًا وكان قد فعل ما فعل بإصرار ثم بعد ذلك استمر في إصراره وفي تعاليه وتكبره وإبائه .. فعلها وهو يتحدى بها رب العالمين ، وآدم فعلها عندما خار عزمه وقلت همته ونسي أمر ربه ونسي نفسه فتعرض لها .. معصية آدمية لا ينبغي أن نعصي الله سبحانه وتعالى على أي حال ، ولا ينبغي أن نديم على المعصية، فهذا الحال الذي نعيش فيه إنما هو من معاصينا ومن تركنا لأوامر ربنا، ولا ينبغي لمؤمن أن يحول معصيته الآدمية إلى معصية إبليسية فيصدق فيه إبليس ظنه، والمعصية الإبليسية معروفة في بدايتها ونهايتها.
وذكر علي جمعة أن ربنا سبحانه وتعالى يقول ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾ لم يقل (لا) بل أضاف إلى ذلك وقال ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴾ فجمع بين الاستكبار ﴿إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ بين الإباء والاستكبار والكفر والعتو وسوء القياس والعلم والجهل المركب ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾.


ونوه ان إبليس بالرغم مما فعل كأنه لم يكن يتصور ذلك، وعقيدته في ربه عقيدة غير صحيحة، وأراد أن يتلاعب مع ربه، وربنا يشدد عليه في كل خطوة يريد فيها أن يتلاعب معه فإنه علام الغيوب، وهو يعلم ما فى أنفسنا وهو الخالق العالم القادر الحكيم .. هذه عقيدة المؤمنين في ربهم، أما عقيدة إبليس فهى مبنية على الكبر وعلى العجب وعلى الظن السيئ بالله رب العالمين.
﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ -انظر التلاعب- ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ يظن بذلك أنه سينجو من العذاب، وأنه ستكون هناك فرصة للتلاعب وتأجيل المشكلات! منهج إبليسى يطبقه أعدائنا معنا، ونحن نصرخ في الناس ونبين لهم ما بين الله ؛ فلا يسمعنا أحد إنما يستمعون إلى عقلوهم وحولهم وقوتهم ووجهة نظرهم.
﴿فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ يعتقد إبليس أنه انتصر وأنه لما أُعطي الفرصة فإنه سينتقم من هذا الذى كان سببًا في طرده! وكأن آدم هو السبب، والسبب الحقيقى هو المعصية الإبليسية والتحدي والكبر والعُجب والخروج عن أمر الله، وليس السبب هو آدم، إنما هكذا فى المعصية الإبليسية دائما تطيروا بموسى ومن معه.
إذن ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ ثم يستدرك ويعلم أنه غير قادر على العباد المخلصين فيقول ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ مصيبة قد أوقع إبليس فيها نفسه لأنه فى نهاية الأمر شدد الله عليه بما شدد على نفسه، وجعل نهاية التلاعب مع رب العالمين جهنم وبئس المصير خالدًا فيها أبدا هو ومن اتبعه من الغاوين.
المعصية الإبليسية .. فيها كبر .. فيها إصرار .. فيها قصد .. فيها استمرار .. فيها علو .. فيها ندالة وخسة.
والمعصية الآدمية فيها خطأ .. فيها نسيان .. فيها نوع من أنواع الضعف الذى خلقه الله في الانسان .. فيها توبة وحوبة ورجعة إلى الله، المعصية تختلف، ويقع الإنسان كثيرًا فى المعصية ويقول سيدنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).


إذن فيا أيها الإنسان عليك بالتوبة والاستغفار والحوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى دائما وأبدًا حتى تكون من أهل الخير ومن العباد المخلصين، ولا تحول معصيتك بالإصرار عليها والتكبر بها إلى معصية إبليسية، ولا تفقد الثقة بربك ولا بنفسك عندما تقع خطأ في مثل ذلك ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾.


وشأن المؤمن أنه إذا مسه طائف من الشيطان ذكر الله فاستغفر لذنبه فغفر الله له ، شأن المؤمن أنه يفعل مثل ما فعل أبوه آدم ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ﴾ إنما ماذا قال هو وزوجته قالا ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ فماذا فعل الله بهم ؟ ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ الله سبحانه وتعالى يسمع منهم هذه التوبة فيغفر له ويعلم أن آدم ليس له عزم وأنه إنما فعل ذلك من شهوةٍ اشتهاها ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾.