حكم الخروج من البيت على جنابة .. يتساءل كثير من الناس عن حكم الخروج من البيت على جنابة ،فالغسل من الجنابة واجب على كل مسلم حتى يتطهر من الحدث الأكبر ويستطيع أداء العبادات.
حكم الخروج من البيت على جنابة .. تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: “ حكم الخروج من البيت على جنابة؟”.
حكم الخروج من البيت على جنابة
وأجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال “حكم الخروج من البيت على جنابة؟” قائلة: إذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، ويجوز له الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه.
وأضافت أنه ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الجنب ليس بنجس؛ فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».
وأشارت الإفتاء إلى أن فقهاء الشافعية والحنابلة استحبوا للجنب أن يتوضأ ويغسل فرجه إذا أراد النوم أو الطعام أو معاودة الجماع، وعليه يستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يشرع في أي عمل وهو جنب، ولفقهاء المالكية في وضوء الجنب إذا أراد النوم قولان؛ أحدهما بالوجوب والآخر بالندب، أما فقهاء الحنفية فيرون أن الجنب له أن ينام بلا وضوء.
واستشهدت الإفتاء بما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً»، ويرون كذلك أنه ينبغي على الجنب أن يغسل يده ويتمضمض إذا أراد أن يأكل أو يشرب؛ قال في المرجع السابق نفسه: «وإن أراد أن يأكل، أو يشرب فينبغي أن يتمضمض، ويغسل يديه ثم يأكل ويشرب».
ونوهت أن غسل الجنابة يجب على التراخي لا على الفور، وإنما استحب بعض الفقهاء عدم تأخيره؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس بكثرة الوساوس ونحوها؛ فلا يجب غسل الجنابة على الفور، إلا لإدراك وقت الصلاة؛ فلا يأثم الجنب بتأخيره الغسل في غير وقت الصلاة، وإنما يأثم بتأخيره للصلاة عن وقتها.
وأكدت أنه بناء على ذلك إنه يستحب للجنب إذا أراد معاودة الجماع أو الطعام أو النوم أن يتوضأ، وكذلك إذا اضطر للخروج من بيته ونحو ذلك، وغسل الجنابة لا يجب على الفور، فلا يكون الجنب آثمًا بتأخيره لغسل الجنابة، ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها».
الموت على جنابة
قالت دار الإفتاء إنه يستحب للجنب أن يبادر بالغسل، ولا يحرم عليه تأخيره بل يكره له فقط، وقد دلت الأحاديث على ابتعاد ملائكة الرحمة عنه حتى يغتسل، وهذا الغسل واجب من أجل الصلاة لقوله تعالى عند الأمر بالقيام إلى الصلاة {وإن كنتم جنبا فاطهروا} المائدة: 6.
وأضافت الإفتاء أنه لو مات الجنب قبل أن يغتسل فقد حدث أمران موجبان للغسل، الجنابة والموت، وإذا تعددت الأسباب فلا يلزم لكل سبب غسل، بل يكفى غسل واحد.
وأشارت إلى أن الشافعية والمالكية قالا: إن الشهيد لا يغسل لو مات جنبا، ورأى الحنفية وجوب غسله، والخلاف مبنى على استشهاد حنظلة وهو جنب حيث لم يغسله النبى صلى الله عليه وسلم وأخبر أن الملائكة تغسله.
وأكدت الإفتاء أنه بناء على ذلك أن الجنب إذا مات ولم يغتسل يكفى لصحة الصلاة عليه غسله بعد موته مرة واحدة على ما رآه الشافعية والمالكية، ولو فاتته صلاة بخروج وقتها ولم يغتسل سيحاسب على تركها، لأنها وجبت عليه ولم يصلها، فالحساب على ترك الصلاة وليس على ترك الغسل.
حكم الصلاة على جنابة
إن الصلاة على جنابة إثمٌ عظيم يجب على العبد المبادرة بالتوبة منه والإقلاع عنه، فإن كان جاهلاً بوجوب الاغتسال، وعدم جواز الصلاة على جنابة، وأن الوضوء لا يكفي في رفع الحدث الأكبر فهذا من أقبح الجهل.
وأما إن كان الجنب عالما بعدم جواز الصلاة على جنابة وصلى فهو مرتكبٌ لكبيرة من أعظم الكبائر، وذهب بعض العلماء وهم الحنفية إلى تكفير من صلى محدثاً متعمدا لتلاعبه واستهانته.
قال النووي في شرح صحيح مسلم :ولو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم، ولا يكفر عندنا وعند الجماهير، وحكي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- أنه يكفر لتلاعبه .
فلا تصح الصلاة بدون طهارة لمن كان عليه حدث أصغر أو أكبر إجماعا، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ. {المائدة:6}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور. رواه مسلم.
ويجب علي الإنسان قضاء الصلوات التي صلاها بدون غسل من الجنابة لتفريطه وعدم تفقه في الدين، وعليه مع القضاء التوبة إلى الله من ذلك.
وقال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إنه يجب على الإنسان الاغتسال إذا أصابته جنابة سواء كانت عن طريق العلاقة الزوجية أو الاحتلام أو العادة السرية مع حرمتها كما يرى جمهور الفقهاء.
وأضاف محمود شلبي: إذا أصاب الإنسان جنابة فيجب عليه أن يغتسل أولا ثم يصلي، قال تعالى “لَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا”.
ونوه أن الإنسان إذا صلى بدون اغتسال فهذه الصلاة لا تصح ويجب عليه بعد الاغتسال إعادة هذه الصلوات .
وأكد أنه من صلى بدون اغتسال من الجنابة فعليه أن ينظر إلى عدد الصلوات التي صلاها من غير اغتسال ويستغفر الله، ثم يبدأ في قضائها، لأن الصلاة بعد الجنابة بدون اغتسال لا تصح.
هل يجوز عدم غسل الشعر بعد العلاقة الزوجية
قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، إن من شروط صحة غسل الجنابة أن يغطي الماء كل أعضاء الجسد وأن يتخلل الماء الشعر حتى يصل إلى الجذور، أما غير ذلك فلا يجوز لأنه إخلال بشروط الغسل.
وأضاف عاشور، فى إجابته عن سؤال مضمونه «هل يصح غسل الجنابة بدون غسل الشعر أو وصول المال إليه؟»، أن الغسل له ركنين؛ النية وتعميم الجسد بالماء، والشعر جزء من الجسد، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحت كل شعرة جنابة"، فيجب أن نوصل الماء تحت كل شعرة مثل كل عضو، فهذه طهارة.
وأشار إلى أنه يجب على الرجل والمرأة غسل شعرهما بعد الجنابة، فهذا واجب ودليل ذلك حديث عائشة قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءهُ لِلصَّلاةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ"، وفيه أيضا دليل على أنه يجب إيصال الماء في الغسل من الجنابة إلى ما تحت الشعر ولو كان كثيفا يؤخذ هذا من إدخال أصابعه في الشعر.
هل الملائكة تلعن الجنب
قالت دار الإفتاء المصرية أنه إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الملائكة تلعن الجنب في كل خطوة يخطوها، أو أنها تلعنه حتى يغتسل، ولا أن كل شعرة من الجنب تحتها شيطان، وإنما الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ملائكة الرحمة لا تقرب الجنب حتى يغتسل أو يتوضأ؛ روى أبو داود في "سننه" عن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ: جِيفَةُ الْكَافِرِ، وَالْمُتَضَمِّخُ بِالْخَلُوقِ، وَالْجُنُبُ إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ».
وأشارت دار الإفتاء إلى أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك أن تحت كل شعرة جنابة؛ روى أبو داود في "سننه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ».
وأكدت الإفتاء أنه لا يصح شيءٌ مما درج بين العوام من أن الملائكة تلعن الجنب في كلِّ خطوةٍ، أو أنها تلعنه حتى يغتسل، أو أن كل شعرة فيه تحتها شيطان، ولا تجوز روايته عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.