الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد مطالبة أستاذ دراسات إسلامية بـ المساواة في الميراث..مفتي الجمهورية يحسم الجدل

مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

لا تزال مسألة المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث، واحدة من الأمور التي تتجدد باستمرار لدى علماء وأساتذة ومثقفين ونشطاء في مجال حقوق المرأة كنوع من البحث عن تحقيق العدالة، ومؤخراً أعاد عاصم حفني، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية، طرح المسألة معلناً رفضه لما أسماه قسمة الميراث وجعل نصيب الذكر مثل حظ الانثيين معللاً ذلك بضرورة العدل.

مخالفة للشريعة الإسلامية

وفي بيان الحكم الشرعي للمسألة أكد الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية- أن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية وإجماع العلماء على مر العصور، فيما يتعلق بالنصوص التي فرضت استحقاق الرجل مثل حظ الأنثيين؛ كون تقسيم الميراث في هذه الحالات قد حُسِمَ بآيات قطعية الثبوت والدلالة، وهي قوله تعالى في ميراث الابن مع البنت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، وقوله تعالى في ميراث الأخت الشقيقة أو لأب مع أخيها الذي في درجتها وقوة قرابتها{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176].

وأضاف المفتي في بيانه الرأي الشرعي في المسألة، أنه لا اجتهاد في النصوص التي هي قطعية الدلالة قطعية الثبوت بدعوى تغيُّر السياق الثَّقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن مثلما يدعي البعض؛ إذ إنَّ تلك النصوص المقطوع بدلالتها وثبوتها تُعد من ثوابت الشريعة، فالقرآن الكريم قطعيُّ الثبوت من ناحية آياته، وهو يشمل آيات كثيرة دَلالتها قطعية لا شك فيها، ولا تحتمل ألفاظها إلا معنًى واحدًا ينبغي أن تُحملَ عليه، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام.

وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ الإسلام كان حريصًا كل الحرص على مساواة الرجل بالمرأة في مجمل الحُقوق والواجبات لا في كل تفصيلةٍ، وقد بَيَّنتِ الشريعة الغراءُ أن التمايزَ في أنصبة الوارثينَ والوارثات لا يَرْجعُ إلى معيار الذُّكورةِ والأنوثةِ، وإنما هو راجعٌ لحِكَمٍ إلهيةٍ ومقاصدَ ربانيَّةٍ قد خَفِيتْ عن هؤلاء الذين جعلوا التفاوتَ بين الذكورِ والإناث في بعض مسائل الميراثِ وحالاته شبهةً على عدم كمالِ أهليةِ المرأةِ في الإسلامِ، فالمرأة في نظرِ الإسلام وشرعهِ كالرجلِ تمامًا، لها ما للرجل من الحقوق، وعليها ما عليه من الواجبات.

وتابع المفتي: "إن تلك الدعوى التي يطلقها البعض من حتمية مساواة المرأة بالرجل، بزعم أنَّ الإسلامَ يُورِّثُ مطلقًا الذكرَ أكثرَ من الأنثى؛ هي دعوى لا يُعتدُّ بها وزَعْمٌ باطِلٌ؛ فالمرأةُ في دينِنا الحنيفِ لها أكثرُ من ثلاثينَ حالةً في الميراث، ونجدُ الشَّرعَ الحنيفَ قد أعطاها في كثير من الأحيان أكثرَ مما أعطى الرجل".

وضرب “علام” مثالًا على ذلك: لو أن امرأةً ماتتْ عن زوج وبنتٍ، فما نصيبُ كلٍّ منهما؟ يأخذ الزوجُ الرُّبعَ، في حين أنَّ البنت -وهي أنثى- تأخُذُ النصف، فيكون نصيبها ضعف نصيب الرجل.

وتارةً جعلها الشارع تَرِثُ كالرجل تمامًا؛ بمعنى أنَّها تشاطِرُه المالَ المتروكَ وتكون مساوية له، ومثال ذلك: لو أنَّ رجلًا مات عن أولاد ذكور وإناثٍ وأمٍّ وأبٍ؛ ففي هذهِ الحالةِ نجدُ الأمَّ -المرأة- يكون نصيبها كنصيبِ الأب.

أمَّا عن الحالات التي تأخذُ فيها المرأةُ نصفَ الرجلِ، والتي يتَشَدَّقُ بها المزايدونَ على الإسلامِ، فأكد مفتي الجمهورية أنها لا تَعْدُو أَرْبَعَ حالاتٍ، وهي: إذا وُجِدَتِ البِنْتُ معَ الابنِ وإِنْ تَعَدَّدوا، وإذا وُجِدَتِ الأُخْتُ الشَّقِيقةُ مع الأخِ الشَّقِيقِ وإنْ تَعَدَّدُوا، وإذا وُجِدَتِ الْأُخْتُ لأبٍ مَعَ الْأَخِ لأبٍ وإنْ تَعَدَّدُوا، وإذا وُجِدَتْ بِنْتُ الابنِ مَعَ ابنِ الابنِ وإن تَعَدَّدُوا.

وشدد المفتي على دعم دار الإفتاء الكامل لجميع حقوق المرأة وعدم ظلمها، وأن الدار تدعو دائمًا إلى تمكينها من حقوقها العلمية والسياسية والمجتمعية، عبر الفتاوى التي تصدرها الدار، ولكنها في نفس الوقت تقف أمام محاولات التغيير فيما فرضه الله في كتابه الكريم من حقوق للرجل والمرأة على حد سواء.

العدل يوجب التعامل مع الآيات القرآنية بما يراعي الواقع

وكان عاصم حفني، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية، أبدى رفضه لـ قسمة الميراث التي تنص على أن للذكر مثل حظ الأنثيين، معللا بأن العدل يوجب التعامل مع الآيات القرآنية بما يراعي الواقع.

وقال عاصم حنفي، خلال مداخلة عبر «سكايب» من ألمانيا مع الإعلامي أحمد مجدي ببرنامج «بدون حظر» المذاع على قناة صدى البلد، إن آيات الميراث لا تحتاج إلى تأويل لوضوح الدلالة اللغوية، لكن الأمر متعلق بتغيير الواقع.

وأوضح أن «الحديث هنا حول مقاصد الآيات التي استهدفت تحقيق العدل، كما أن اختلاف الأزمان بحاجة إلى تطبيق العدل بشكل يضمن حقوق الجميع»: يمكن تعطيل النص القرآني عند الضرورة.

وأضاف أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية، أن هناك حالات في الميراث تم الأخذ فيها بناء على الهدف الأسمى للإسلام وهو العدل، وحالات أخرى تعرضت للظلم، مشيرا إلى أن المقصد من توزيع الميراث هو تطبيق عدالة الله في أرضه وأن الجميع سواسية.

وتابع عاصم حفني أن القضية هي كيف تبدو العدالة، وكيف يتم إسقاطها على الواقع للتأكد من مدى تحقيقها مقاصدها، مضيفا أن الإنسان خليفة في الأرض، والله أعطي له الحكمة لتحقيق عدالة الله في الأرض.

وأردف أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر الألمانية، أن دار الإفتاء المصرية أجازت أن يكتب الشخص لبناته جزء من أملاكه في حال لم يكن لديه أبناء ذكور حتى يتمكنوا من أخذ حقهم في ميراث أبيهم بالعدل، مستشهدا بواقعة تعطيل سيدنا عمر بن الخطاب العمل بالآية الخاصة بحصة «المؤلفة قلوبهم» من الزكاة نظرا لتغير الظرف النظري رغم أنها قطعية الدلالة والثبوت.


-