EN
القلة.. عبارة عن وعاء مصنوع من الفخار لحفظ وتخزين المياهمثل زجاجة المياه ولكن بشكل قديم.. والغريب فى هذه الأوعية أن المياه كانت تظل شديدة البرودة بداخلها حتى فى أوقات الحرارة الشديدة ولا يعرف أحد السر فى هذه الخاصية النادرة.
كانت القلة بمثابة ميني كولمن لأجدادنا فى ربوع مصر كلها خاصة قبل اختراع الثلاجة وأدوات التبريد الحديثة ويعتقد بعض الأشخاص أن القلة كانت يستخدمها الفلاحون والصعايدة فقط ولكنها فى الحقيقة ترجع بدايتها لآلاف السنين منذ العصر الفرعونى.
كانت القلة وسيلة الفراعنة لتناول الماء الطازج بدل من الاضطرار للذهاب للنيل كلما أرادوا تناول رشفة ماء وفى نفس الوقت توفر لهم ماء مبرد فى الحر الشديد مما يرطب الأجساد ويقلل من أضرار الحر مما جعل القلة تنتشر بشكل وسع فى ربوع مصر.
وكانت هناك بعض المستلزمات للقلة مثل الغطاء الذي يحفظها من الحشرات ويضمن بقاء الماء باردا كما ظهرت الصينية الخاصة بوضع القلل بداخلها ، كما تفنن المصريون فى عمل تصميمات وأشكال متنوعة لـ القلة الفخارية.
ولكن مع تطور الزمن بدأت تظهر الكثير من أدوات حفظ وتخزين الماء التى تتميز بمواصفات غير موجودة فى القلة القديمة مما جعل الناس يتهافتون عليها حتى اختفت القلة بين الأثرياء والطبقات المتوسطة ولم تبق موجودة إلا فى الأحياء الشعبية والقرى الفقيرة.
فكانت القلة أفضل من زجاجات المياه الموجودة الآن ولكن مشكلتها أنها ثقيلة ولا يستطيع الإنسان رفعها بنفس سهولة الزجاجات البلاستيكية ولعل هذه أحد أسباب اختفائها، ولكن الجري وراء الموضة والحداثة والتباهى بمظاهر التقدم والرقى دون توفر الوعى الكافي جعلنا نستغنى عن بعض الأشياء المفيدة فى حياتنا بأشياء أخرى لا نعرف مدى تأثيرها علينا، فبعد عقود طويلة من شرب الماء من الزجاجات البلاستيكية، أثبتت الأبحاث العلمية أنها ضارة بالصحة .
وتزداد أضرار زجاجت المياه البلاستيكية عند تكرار استخدامها أكثر من مرة وتخرج بعض المواد الضارة التى تتفاعل مع الماء وعندما نتناولها تعرضنا للإصابة بعدد كبير من الأمراض مثل السرطان، كما يتميز الفخار بفوائد صحية متعددة منها تنقية الماء من الشوائب والأملاح التى تضر بصحة الإنسان لذا يلاحظ من يتناولون ماء القلة أنه ذو مذاق مختلف عن الماء العادى وأفضل.
رغم مزايا القلة العديدة إلا أنها فى طريقها للاختفاء نهائيا ففي الوقت الحالي لاتعرفها معظم الأجيال الحديثة ولاتوجد إلا فى عدد قليل جدا من البيوت الريفية والصعيدية ولكنها مازالت موجودة بشكل أكبر بين سكان أسوان، كما أصبحت القلة تستخدم كقطعة ديكور للتزيين فى بعض الأماكن الترفيهية مثل الكافيهات الشرقية.
