في ذكرى ميلاده.. سر تهديد القصبجي لزوج أم كلثوم السري "محمود الشريف" بالمسدس

كل الأصوات غنت له ما عدا "أم كلثوم"، التى كانت هى الأقرب لأوتار عوده ونبضات قلبه، وقال عنها: "وُلدت مرتين.. مرة يوم ولدتني أمي، والثانية يوم أحببتها» عبارة قالها الملحن محمود الشريف متغزلًا في أم كلثوم، ومعبرا عن كيف اندلعت شرارة الحب بينهما.
تمر اليوم ذكرى مولد الملحن محمود الشريف، الذي أبدع فنا ولحنا فى شكل الأغنية "العاطفية، والدينية، والوطنية، والشعبية"، فهو صاحب النشيد الوطنى "الله أكبر فوق كيد المعتدى" ومن روائعه أيضا "رمضان جانا".

من باكوس بالإسكندرية خرج الموسيقار

ولد محمود حسين إبراهيم الشريف في 2 سبتمبر عام 1921 في الاسكندرية، وتحديدا في باكوس، لأب يعمل شيخًا في جامع العجمي، ونشأ على حلقات الذكر الصوفي التي كانت تقام في المنزل، إلى جانب أغاني داوود حسني التي تُسمع دائمًا، وساعدت حلقات الذكر وغناء الفتيات والأفراح، بجانب الكُتاب وحفظ القرآن، في بناء مخيلة موسيقية واسعة لدى محمود الشريف الطفلظ ومع المراهقة والحب الأول، اكتشف حبه للغناء والموسيقى، واكتشف أيضًا أنّه يمتلك صوتُا قويُّا، وبدأ يعشق الموسيقى ويتعلّمها من دكان عم فرج، حيث جلس يستمع إلى الأسطوانات.

القاهرة تشهد بزوغ نجم ملحن عظيم

نزح الشريف إلى العاصمة بحثًا عن فرص أفضل، ليبدأ العمل مع فرقة بديعة مصابني كمطرب، ومن ثم يتعرّف على فريد الأطرش وغيره من أعضاء فرقة بديعة مصابني، كما عمل مع فرقة علي الكسار، قبل أن يتمرّد على هذا الوضع، وعلى ضياع الألحان وسط جلسات الصهبجيّة، ليتقدّم للإذاعة عام 1936، ويعرض مع الإذاعي محمد فتحي أول أوبرا في تاريخ الإذاعة تحت عنوان روما تحترق، ثم روميو وجولييت، والعديد من الأعمال اللاحقة، وذاع صيت الشريف، وطلبه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب للتعرف به، وتعاون مع شادية وليلى مراد، وعبد المطلب والعندليب وعبد الغني السيد وكارم محمود، حيث قدم لهم ألحان رشيقة تختلف عن السائد في ذلك الوقت.

نساء في حياة الشريف

يقول المؤرخ والباحث الموسيقى وجيه ندى: "فى حياة الشريف 3 نساء، الأولى زوجته فاطمة وأم ابنته الوحيدة إكرام، والثانية فتاة ريفية من المنصورة اسمها فردوس كانت ملهمته، والثالثة أم كلثوم التى قالت عنه إنه الرجل الوحيد الذى اختارته من أبناء الفن، رغم من أحبوها، واحترمت فيه ارتباطه بزوجته الأولى فاطمة، وقد زارته فى بيته، وتعاطفت مع زوجته.. وأكلت من يدها".

صدام فني بين الشريف وأم كلثوم

تحول اللقاء العاطفى بين محمود الشريف وأم كلثوم إلى صدام فنى، خاصة بعد أغنية "الله أكبر فوق كيد المعتدى" التى لحنها الشريف واعتبرها البعض النشيد الوطنى، وأبدعه الموسيقار بجوار زوجته فاطمة فى مرضها، أثناء العدوان الثلاثى عام 1956، وألف الموسيقى قبل الكلمات التى صاغها بعد ذلك عبد الله شمس الدين، وتدخلت "الست" لمنع اختيار "الله أكبر" كنشيد وطنى وأخبرت جمال عبد الناصر بذلك وقدمت لحن "والله زمان يا سلاحى" تأليف صلاح جاهين ولحن كمال الطويل، وأحس محمود الشريف بأنها طعنته فى مقتل.

الإذاعة تشهد اللقاء الأول بين الحبيبين

كانت قصة حب أم كلثوم مع الملحن محمود الشريف، حديث الصحافة والشارع المصري، وبالرغم من إعلان خطبتهما إلا أن الزواج كان عرفيًا وليس موثقًا، وهو ما أصاب جمهور أم كلثوم بـ«صدمة نفسية».

وحكى الشريف أن لقاءه الأول بأم كلثوم كان في أوائل الستينات، في مكتب كروان الإذاعة محمد فتحي، الذي اقترح عليهما أن يتعاونا سويًا، والمرة الثانية كانت في نقابة الموسيقيين التي ترأستها أم كلثوم، وكان «الشريف» سكرتيرًا للنقابة في أربعينيات القرن الماضي، ووجهت للجميع الدعوة بتناول العشاء في منزلها، وذهب بصحبتها بسيارتها وركب إلى جوارها في المقعد الخلفي، فيما ركب «القصبجي» محتضنًا العود بجوار السائق.

مبروك يا أبو الأناور بقيت الرئيس.. موقف أغضب جيهان السادات من أم كلثوم

عشاء فاخر اطلق شرارة الحب بينهما

داخل منزل أم كلثوم -حسبما قال الشريف- أقيمت مأدبة عشاء فاخر، وبدأ محمد القصبجي في العزف على العود، وخرج «الشريف» إلى «البلكونة» مع اقتراب ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي، وتبعته أم كلثوم، وربطت على كتفه وقالت له: «هنتغدى سوا بكرة»، لتشتعل شرارة الحب، وهو المشهد الذي تطرق إليه محفوظ عبدالرحمن، والمخرجة إنعام محمد علي خلال أحداث مسلسل «أم كلثوم» التي جسدت دورها الفنانة صابرين، وقام الفنان إسماعيل محمود بدور محمود الشريف.

الخطبة المعلنة استمرت أسبوعًا واحدًا

علاقة أم كلثوم بالموسيقار محمود الشريف لم تلق ترحيبًا من محبيها ومعجبيها إزاء قلقهم من أن تتزوج أم كلثوم وتترك الغناء، حتى وقع الانفصال بين الطرفين بحزن شديد وبأمر ملكي، بعد تهديد «الشريف» بالقتل، وتوجيه كلام مسئ له عبر صفحات الجرائد، وكتب عنهما الكاتب الراحل مصطفى أمين بعد انفصالهما مقالًا يحمل عنوان «جنازة حب»، خاصة أن الخطبة المعلنة لم تدم إلا أسبوع واحد، فيما استمر الزواج السري غير المعلن نحو عامين عام 1964.
وقبل أن تنقطع أواصر الود والمحبة بين أم كلثوم ومحمود الشريف، كان يعمل الأخير على تلحين أغنية «شمس الأصيل» وأجريا بروفات عدة، وبعد الانفصال العاطفي وقع انفصال فني ولم يجمعهما لحنا واحدا بعدها، وذهبت الأغنية للموسيقار رياض السنباطي.

القصبجي كاد يرتكب جريمة قتل بسبب زواجهما

دفعت الأنباء عن زواج أم كلثوم والشريف، الملحن محمد القصبجي لأن يذهب لمنزل كوكب الشرق أثناء تواجد «الشريف»، مخبئًا مسدسًا خلف ظهره، سقط من بين يديه بسبب ارتباكه، وحرر وقتها الشريف محضرًا ضد القصبجي، ولكن تم التنازل بعد تدخل أم كلثوم منعًا لتضخيم الأمور وتقديرًا للظروف التي أدت لذلك،

أما العاشق الأخر أحمد رامي، فخرج من بيته بالبيجامة بعد أن سمع الخبر، ولم يكن يمتلك سيارة، وانتبه لذلك قبل منزل سيدة الغناء بمحطتين، فعاد إلى منزله باكيا.

رحيل أحد حبات عنقود الموهبة

رحل محمود الشريف في 29 يوليو عام 1990، بعد أن قرر الابتعاد عن الوسط الفني، والاكتفاء بما قدمه من تاريخ طويل ومشرف، ليرحل كما عاش في صمت.