الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سهام محمد محمد تكتب: مواقف لا تنسى

صدى البلد

 

هناك مواقف في حياتنا ليست بالكثيرة لكنها لا تنسى  أبدًا مهما طال العمر وتغيرت الأحوال؛ لأن هذه المواقف تحفر في قلوبنا، وتذوب فيها حتي يستحيل إخراجها منها مهما حدث. إنها مواقف جبر الخواطر، تلك العبادة العظيمة التي لها تأثير السحر علي العقول ،والثلج علي القلوب الظامئة. ومن أروع الأمثلة التي تمثل لنا هذه العبادة الجليلة القدر، ذلك الموقف الذي عاشته السيدة عائشة- رضي الله عنها- عندما دخلت عليها امرأة من الأنصار في حادثة الإفك، وبكت معها كثيرًا دون أن تنطق بكلمة واحدة، تقول السيدة عائشة: لا أنساها لها أبدًا، وكذلك موقف سيدنا طلحة-رضي الله عنه- مع سيدنا كعب بن مالك-رضي الله عنه- عندما تاب الله عليه بعدما تخلف عن غزوة تبوك، دخل المسجد مستبشرًا ،فقام إليه سيدنا طلحة يهرول إليه واحتضنه، يقول سيدنا كعب: لا أنساها لطلحة أبدًا، هكذا يكون جبر الخواطر في أصعب الأوقات وأشدها، مواقف لا تنسى  أبدًا، فهذه العبادة في وقت الشدة والضيق والخذلان تكون بمثابة الماء البارد علي الظمأ، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه حالنا مع بعضنا البعض، نريد أن تكون حياتنا كلها مع بعضنا البعض مواقف طيبة لا تنسى أبدًا؛ فالوقوف بجانب الآخرين لا يكون في الماديات فحسب، بدليل قول الله تعالي:( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ )(البقرة:٢٦٣ ) أي قول طيب وعفو خير من صدقة يتبعها أذى  أوإساءة، بل لابد من مراعاة الجانب النفسي أولًا والذي يتمثل في جبر خواطر الآخرين، وذلك بمراعاة مشاعرهم، ومعاملتهم بالحسنى، واختيار الطيب من القول معهم، وبالعطف على  فقيرهم،والحنو وإدخال السرور على أيتامهم، وتشجيع ونصرة ضعيفهم، وبث الأمل في قلب حزينهم، فهذه هي قيم ومبادئ ديننا الحنيف الذي قضى بأن المؤمنين إخوة، وأن خير الناس أنفعهم للناس، وأن الكلمة الطيبة صدقة، وأن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وبذلك يعاد للمسلمين وحدتهم ومحبتهم، ويتحقق لأفراد المجتمع كله مواقف طيبة متبادَلة بين الجميع، مواقف تنشر العفو والصفح، وتشيع الحب والطمأنينة ،وتزيل الحقد والحسد والضغينة من النفوس؛ فينعم الجميع بقلوب صافية لا تحمل لغيرها إلا مواقف طيبة جابرة للخواطر. فلنكن جميعًا مواقف لا تنسى مع غيرنا.