الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غناء الموت المستعار .. تعرف على أصل المعددة

المعددة
المعددة

"ويا بيتنا العالى وقع وانداس لما طلعوا الغالى وأعز الناس خلّى الكبير على دكته نايم داحنا الفرع وهو الأساس "يا شبابك اللي راح يا ولادي"، "مكنش يومك يا غالي" .. وغيرها من الكلمات التي تتعالى بها اصوات ونواح "المعددة"، كثيرا منا يسمع تلك الكلمة سواء في بعض المواقف الحزينة في حياتنا "الجنازات" أو في الدراما وخاصة الدراما الاجتماعية عن الصعيد ومجتمع وعاداته.


فمن هي "المعددة" ولماذا ظهرت وما علاقتها بالتراث؟، فهناك العديد من الأسئلة التي من الممكن ان نرد على جزء منها في اصل حكايتنا مع الـ "معددة".


من تكون "المعددة"، هي امرأة عادية جدا، لا يفرقها عن النساء سواء ما ذكرناه، تجدها تضحك وتسعد وتحزن، هادئة أحيانا وغاضبة فى أوقات أخرى، فهى مثل جميع السيدات، يقطع جلستها خبر وفاة أحدهم، لتقوم من جلستها وسط أسرتها، لتخرج إلى العالم بثيابها السوداء الرثة، وتنطلق فى الجنازات وتبدأ فى استعراض مهاراتها في الصوات والصراخ والنحيب، "تولول" على المتوفى، التى ربما عرفت اسمه منذ قليل فقط، لكنك سوف تشعر للوهلة أنك أمام أحد أقارب المتوفى وربما من الأشخاص المقربين له. التعريف اللغوي للـ "ندابة":

الندابة فى المعجم اللغوى، هى "امرأة تحترف البكاءَ على الميِّت وتعدِّد محاسنَه"، والاسم "ندب" هو "صوت الداعي للآخر في أمر؛ صوت القوس يخرج منه السهم بسرعة؛ صوت المرأة تعدد محاسن الميت صوت المنادي-وا فلان".

علاقة التراث بـ "المعددة" او "الندابة": الندب وظيفة، منذورةٌ لها امرأة تدعى «الندّابة»، تندب وتغني «العديد» عند الموت.

 

والعديد نوع من الغناء الفلكلوري ستجده في أغلب الدول العربية، وفي مصر كان الصعيد المكان الأنسب لاستمرار هذا الطريق من الغناء، الغناء المقترن بالموت والرحيل، فإن "العديد"، موروث شعبي منتشر بشكل كبير في قرى مصر وخاصة الصعيد، تعبيرًا عن مشاعر الحزن الشديدة، مصحوبة بالبكاء على الموتى، ومنه نشأت مهنة "الندابة".

 

 حكم الدين في الـ "ندب": وهناك من الروايات الدينية، ما يشير إلى أن النائحة كانت إحدى الوظائف الرائجة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وبالرغم من تعدد فتاوى الفقهاء بتحريمه عبر التاريخ؛ فإنها ظلت وظيفة مهمة لم تبدأ بالانحسار إلا منذ عدة عقود.


السينما والـ "ندابة": لم تؤرخ السينما لفن العديد إلا بالسلب، مثل فيلم «الشيخ حسن»، فكان بطله حسين صدقي يهاجم العديد من باب التحريم الديني، لكن على الأقل شاهدنا ذلك الفن على الشاشة ولو لدقائق.

 

ونلاحظ أيضًا أن المعددة عندما رأت حسين صدقي سألت عن درجة قرابته للميتة، فكان الرد أنه ابنها، فبدأت تغني العديد المناسب: «نَدَه اليتيم لأمه، ردت دموعه وغرقت كُمُّه»، فالمعددة تتميز أيضًا بقدرة كبيرة على الارتجال وتأليف العديد الأكثر مناسبةً للمتوفى.


ظهر العديد بشكل عابر في أفلام أخرى قليلة، مثل «طيور الظلام» لعادل إمام، إذ تعمل والدته ندابة لكنها «تصرخ» أكثر مما تغني، وكأن العديد صراخ، وكأنه ليس فنًّ.