الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: بالأمل وحده نحيا

صدى البلد

كثيرة هي الأحداث التي تجعلنا نركن في زوايا اليأس هربًا من صعوبات نواجهها في حياتنا اليومية بمختلف تفرعاتها ونواحيها. أحداث ومواقف تجعلنا نعيد حساباتنا مرات عدة وحتى أنه بعض الأحيان نندم على فعل جميل قدمناه لهذا الشخص أو ذاك، نتيجة من نراه من سلوكيات ليست في محلها ومكانها تصدر عنه، ونردد في قراراة نفسنا لنا نفعل الخير ثانية مع أحد.
ما بين الفعل وردة الفعل تتكون شخصيتنا وسلوكياتنا وكلها لها مواقف آنية وتتبخر بعدها بدقائق لنرجع لسابق شخصيتنا الطيبة لنقول لنفعل الخير ولو لم يكن في مكانه. بهذه الومضات التي تأتينا من الداخل نستمر بالعطاء من غير أن نتردد في فعله وكأن تلك القوة أو الطاقة الكامنة التي بداخلنا هي التي تسيرنا في الظروف الصعبة التي تواجهنا. هذه الطاقة والتي لا نعرف مصدرها ولماذا تنطلق لتحثنا على فعل الخير ونسيان الأفعال السلبية ربما تكون هي نفسها الطاقة الكونية التي تمدنا بالحياة رغم ما يقوم به الانسان من تدمير للطبيعة والبيئة والتي وصلت لمرحلة نعاني منها. الطاقة الدفاقة التي لا تعرف معنى الخمول والأفول لا نعلم مصدرها الأساسي من أين يأتي أو لا نعلم من أين تستم الطاقة قوتها لتمدنا بكل هذه الشحنات الإيجابية؟ هل هي فقط كي نستمر بالحياة أم أن لها وظيفة أخرى من خلال حثِّنا عليها؟ أسئلة كثيرة لا نعرف حقيقتها والرد عليها، وكل ما علينا فعله هو أننا نؤمن أنه ثمة طاقة تدفعنا للأمام والسير غير مبالين بما ستكون النتيجة، لأن هذه الطاقة تمنحنا الأمل بغدٍ أفضل أو ربما يكون أقل سوءًا من اليوم السابق.
تستمر الحياة بكل منغصاتها ومطباتها ولا تتوقف عند آلام هذا ومخاض ذاك، وإن بحثنا عن الحياة من دون صعاب أو عوائق حينها لا تبقى للحياة أي معنى. المعنى الذي نستلهمه من الصعوبات ربما تخفي بداخلها الأمل الذي لطالما نبحث عنه في الأمور السهلة والسريعة. لكنها بنفس الوقت لا تحمل معها أية معنى جوهري. فلا معنى للمال الجاهز باليد إن لم نكن قد تعبنا من أجل الحصول عليه. نفس الشيء يمكن مقاربته بكل ما يحيط بنا. فالولادة لا معنى لها إن لم تصحبها آلام المخاض وكذلك العلاقات والنجاح والنصر، كل شيء مرتبط بمدى تفاعلنا مع الحدث للحصول على نتيجة مرجوة تكون متساوية له بالجهد والكدح والعمل. يعني أن العمل هو أساس أو المقياس الذي تتحدد به مستوياتنا والتي بدورها تعمل على صقل شخصيتنا واعطاءها شكلها النهائي.
في ظل الفوضى التي تضرب المنطقة بشكل عام من حروب ومعارك وصراع ما بين الأطراف من أجل الاستحواذ على السلطة والمال والصلاحيات من جهة، نرى هناك مجتمعات تعاني الظلم والجوع والتهجر والنزوح تئن تحت ضربات من لا يملكون الرحمة ولم يسمعوا بها أبدًا. وفوق كل هذه المآسي يطل علينا فيروس كورونا بوجهه القبيح ليرهب الشعوب والمجتمعات ويجعلهم الانتقال من حرية التنقل والحياة والعلاقات الاجتماعية، إلى الابتعاد وترك الكثير من العادات الاجتماعية والتنقل خلف سجن الكمامة التي تم فرضها على الجميع لخلق مجتمعات متشابهة شكلًا متخوفة من خروجها من البيت لقضاء أية حاجة. تهديدات هنا وثورات هناك وما زالت الشعوب تبحث عن كرامتها بين قش الأحزاب الإسلامية التي تسعى بكل إمكاناتها للاستحواذ على السلطة في أي بقعة كانت لتعلن غت خلافتها وأحكامها الشرعية لتطبيق شرع الله وسنة رسوله، فقط لدغدغة عواطف الناس الذين لا يفرقون ما بين الدين ورجال الدين.
فوضى تحيط بنا من كافة الجوانب وتضرب بنا كأمواج المحيطات من دون هوادة ولا شفقة، وبكل تأكيد من لا يعم العوم ما بين هذه الأمواج السياسية والفوضى ربما سيشقى كثيرًا لحين التخلص من الصدمات التي ستضربه من كل جانب. وبين هذه الأمواج المتلاطمة للفوضى المنتشرة يبقى الأمل هو السلاح الوحيد بأيدينا كي نتجاوز صعوبة الحياة وما نلاقيه فيها من أفكار تضرب عقولنا في عالم الكل بات فيه يفتي بما يريد وقتما يريد. وما بين الأمل الداخلي للإنسان والفتوى الخارجية يستمر الصراع فيما بينهم لحين ينتصر الانسان الذي هو غاية الحياة وهدفها.