EN 
ساعة مبكرة من ساعات الصباح، قبل استيقاظ ملايين من البشر وقاهرة المعز مازالت غارقة فى سحب من الضباب تتوقف سيارتي فجأة، لقد وصلت بي إلى المكان الذى أقصده.
أجلس في المقهي المقابل لمنزلي القديم، لا يفصل بيني و بين نافذة حجرتي سوى ألواح زجاجية، أوراق شجر، ودخان سجائري.
تلك الأشجار العالية ليست من حقها أن تقف حاجزا أمام جدران منزلي، لتحجب عني الرؤية وكأنها ستائر أسدلت على خشبة مسرح، لا لتفصل الخيال عن الواقع بل لتفصل الماضى الخاص بي عن حاضري.
قد يكون من العدل أن يمتلئ الفراغ بمبانٍ أسمنتية، بسيارات، ببعض الوجوه المألوفة، والمقهى المفضل لدي ولكن ليس من العدل أن يحتفظ الفراغ بذكريات عن سنوات عشتها، أتساءل: "لماذا لم يمحو المطر تلك الخيالات الباهتة؟".
غدا يوم جديد، ستعود بي السيارة مرة أخرى إلى الحى القديم، لقد مضت أعوام على رحيلي ومازال لدى هذا الجزء الصغير من العالم مجال مغناطيسى وما زلت أنا جسما مشحونا. أيكون الحى ومنزلي القديم مسكونين بأمور عالقة لم تحل بعد!
نهاية الكلام
لقد تركت الحى والمنزل القديم بدون تفكير طويل، لم أنظر خلفي، كما لم تحمل عيناي نظرة وداع ربما لأثبت لنفسي أنني غير مرتبط بأشياء مادية، بحوائط من الأسمنت، لقد اعتقدت أن كل شييء قد حملته معي داخل حقائب جلدية وصناديق من الكرتون، كم كنت مخطئا.
