الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد نشر قصتهما في صدى البلد.. أحد الأهالي يكفل الطفلين ضحية الأب والأم بالشرقية.. فيديو

الطفلين ضحية الأب
الطفلين ضحية الأب والأم بمحافظة الشرقية

تجرد أب وأم من كل معانى الإنسانية وتركا طفليهما يقطنان الشوارع بسبب خلافات زوجية مستمرة بينهما، وتعدى الأمر إلى تخلي باقي أفراد العائلة عن الطفلين اللذين تتملكهما ملامح البراءة .

ولم تكن هذه هى المرة الأولى التي يقوم فيها الابوان بفعلتهما، لكنها تكررت كثيرًا تجاه ابنهما كريم صاحب الـ 7 سنوات، وعلي ذي الـ 5 سنوات من إحدى قرى مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية.


تقابل «صدى البلد» مع الطفلين اللذين سردا قصتهما حاملةً بين طياتها تفاصيل مؤلمة، وعلي الفور قام محررو صدى البلد بالتواصل مع الأم والمسئولين وأهل قرية الأطفال، ليقوم أحد أهالي القرية، ويدعي «السيد العبد» من مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية بكفالة الأطفال من خلال أخذ سكن خاص لهم والتكفل بمصاريفهم الشهرية.


ويقول السيد العبد، الذي تبنى الأطفال لـ «صدى البلد» إنه رأى الفيديو وتأثر به كأي متابع عادي، لكن عندما ركز في أسماء الأطفال، ورأته ابنته هدى، زميلة كريم في المدرسة، والطالبة في الصف الثالث الابتدائي، عرف أن الأولاد من بلده، وتواصل لأخذهم على الفور، ليقوم بعد ذلك بالتواصل مع الأم وعائلتها حيث أتت اليوم لمنزله مع والدها وأخواتها ليبينوا له أن وضعهم المادي سيئ جدًا وأن الأب مسؤول عن 11 فردًا بما فيهم أخت مطلقة لأم الطفلين كريم وعلي.


وتابع كافل الأطفال أن الأم  وأهلها أكدوا أنهم لا يستطيعون تحمل نفقات الطفلين كريم وعلي، وأنهم يمكنهم فقط تحمل نفقات أختهما منة صاحبة الـ 5 أعوام، والتي لم تتركها والدتها، ليؤكد لهم السيد العبد أنه تعهد بحماية الأطفال من طردهم في الشارع مرة أخري وخاصة أننا وسط ظروف وباء خطير وحالات خطف للأطفال منتشرة ومزيد من المصائب تنتظر كل من يقيم بالشارع فما بالنا بطفلين لم يتجاوزا العاشرة من عمرهما.  
   

وواصل أن الأم وأهلها تركوا الأطفال لديه ورحلوا حتى يدبر لها السكن في أقرب وقت، وأنه جعل الأطفال في عهدته من ذلك الحين متعهدًا بتوفير مستلزماتهم ما أحياه الله، مشيرًا وهو أب لثلاثة أبناء، إلى أن والد الطفلين لم يصدر منه أي رد فعل إيجابي، وأنه بعد السؤال عنه تبين أنه طردهم أكثر من مرة بالشارع، كما كان متزوجًا من امرأة أخرى قبل زوجته الحالية وطلقها نظرًا لوضعه المادي السيئ ومعه منها ابن أيضًا.


ولفت إلى أن الأب يبلغ من العمر 65 عامًا أما الأم ما بين الـ 35: 40، وأنه أقر بدعم أطفالهما حتي بعد تخلي أبناء عمومتهم عنهم، وهم يعملون بمهنة المحاماة، كما أرسل له عدد من أهل الخير، ومنهم نائبة برلمانية عن الدائرة وعدت بتكفل جانب من نفقات الطفلين بعد مشاهدتها للفيديو أيضًا. 


بداية الواقعة عندما سرد الطفل كريم محمد غالي، البالغ من العمر 7 سنوات قصته في فيديو لـ «صدى البلد» قائلًا: «بابا وماما على طول بيتخانقوا، وماما بتقوله دائمًا في آخر الكلام: عاوزة أقعد في الشقة لوحدي مع عيالي، وعلشان هي أحن علينا شوية؛ بيطردها ويطردنا كتير».


«مش عارف إيه اللي بيجرى لي» .. كان هذا التعليق الوحيد للطفل علي محمد غالي، ذي الـ 5 سنوات على ما حدث له ولأخيه الأكبر، مؤكدًا لأحد شهود العيان أن والده كثيرًا ما يقسو عليه ويضربه بشدة بشكل متكرر ودائم. 


يوضح كريم أن والدهما ووالدتهما تخليا عنه وأخيه أكثر من مرة، مؤكدًا أن خلافات والده الذي يعمل ميكانيكي سيارات في الشرقية كان تنتهي مع والدته، ربة المنزل إما بإقامتها مع أطفالها الثلاثة، وأوسطهم منة، صاحبة الـ 6 سنوات في الدور الثاني من بيت والدهم، ولا تنزل للدور المقيم به والدهم إلا لعمل الطعام، أو ترك الأم للمنزل برفقة ابنتها  وترك أولاها البنين الاثنين مع والدهما.


«كل شوية يقفل الباب في وشنا».. هكذا يصف كريم أكبر اخوته وصاحب الـ 7 أعوام موقف الأب الدائم في نهاية أي خلاف مع والدتهم، وكان آخر مرة طردهم فيها من المنزل، الأحد، ليأتوا إلى قرية الجمالية بمركز الحسينية للبحث عن والدتهم، عند جدتهم، لتقوم الأخيرة بطردهم للعودة إلى والدهم.


نام الأطفال عند خالتهم هذه اللية ثم تناولوا الطعام في الصباح لينزلوا إلى مركز الحسينية ويسافروا إلى والدتهم بمدينة العاشر من رمضان، حيث ذهبت للبحث عن عمل، وقام الطفلان من خلال أحد أصحاب الأكشاك الغذائية بالقرب من موقف الميكروباصات بالمدينة بالاتصال على والدتهما والتي أخبرتهما أنها تبحث عن عمل وستعود لأخذهما من والدهما، فيقرر صاحب الكشك الاتصال على والدهما من خلال رقم هاتفه الذي يحفظه الطفلان، ليأتي رده صادما  أكثر من مرة "مش عاوزهم!!".


وبنظرة استغراب إلى حال الطفلين في واقعة لم تشهدها المدينة من قبل، يوضح صاحب الكشك، حسن احمد لـ " صدى البلد" ما حدث قائلًا: "ايجوا عندي امبارح المغرب الكشك، وقالولي عاوزين نروح لماما العاشر وادوني رقمها، فكلمتها وقالتي: خليهم يروحوا لخالتهم هدى في منزلها بإحدى المناطق السكنية بقرية الحمدين، فركبتهم للمكان، وباتوا عندها ورجعوا لي تاني يوم الظهر؛ ليأخذهم صاحب الكافيه المجاور لي سيد شرف".


ومن جانبه يؤكد سيد شرف، أحد شهود العيان، والمشهور بأبو إسلام، تفاصيل القصة لـ " صدى البلد" قائلًا: " الأطفال دي أكثر من مرة تيجي لوحدها تقعد على الرصيف لساعات في انتظار حد ينقذهم من أفعال أبوهم وأمهم، وبعد ما سمعت منهم قصتهم اتصلت على والدهم، وكان رده: "ماليش دعوة بيهم، وهما في مسؤولية أمهم، ومش هاجي اخدهم ولا عاوزهم!!". 


يستكمل شاهد العيان سرد ما حدث: " قفلت معاه واتصلت على أمهم، فكان ردها: مش معايا فلوس ولا لاقية شغل، فطلبت منها تيجي وهدفع لها الأجرة ونحل ليها بقعدة عرفية مشكلتها مع زوجها وتاخد أولادها، فقالت لي تمام وجاية في الطريق، لكن ما جاتش، فكلمتها تاني، ردت عليّ: خليهم عندك لما آجي أخدهم، فاعتبرت الأولاد عندي ومسؤولين مني أمام الله لحين سؤال أحد الوالدين فيهم".

«قعدتهم مع ولادي الثلاثة وأكبرهم في أولي ثانوي وآخرهم في 5 ابتدائي» .. هكذا يشير سيد شرف، شاهد العيان، إلى ما حدث بعد ذلك من دعم الأطفال وتوفير الطعام والشراب والمأمن لهم حتى تواصل معه في نفس اليوم عدد من الأشخاص بقرية والدهم، أبو طاحون، وكان على رأسهم، شخص يدعى سيد العبد، يعمل في المقاولات، والذي أخذ الطفلين عنده بسيارته لرعايتهم حتى عودة والدتهم وحل مشكلتها مع والدهم.


وتعليقًا على القصة الصادمة ينبه الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية، إلى أن شخصية الزوج إما سيكوباتية بنسبة كبيرة، حيث إنه شخص  لا يراعي مشاعر الآخرين، ولا يبالي بها، ولا يتحمل أي مسؤولية تجاههم، ويستغل امتلاكه للمادة لقهرهم، أو شخصية حدية تتصرف تجاه الاخرين حسب المزاج الحالي لها وتعاند معهم باستمرار.

«شخصية سلبية».. هكذا يشخص فرويز شخصية الأم، محذرًا من مستقبل هؤلاء الأطفال حيث سيصبحون بلا ولاء ولا انتماء وتتملكهم مشاعر الكره والحقد تجاه المجتمع بأكمله عندما يكبرون، موجهًا: " لابد من إعادة تأهيلهم نفسيًا تجاه ما رأوه في سنهم الصغيرة، من قبل أقاربهم أو دور رعاية خاصةً بالدولة".