الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إذا المصري يوما أراد


مرت 45 عاما على الانتصار التاريخي لمصر في حرب أكتوبر، هذا النصر الذي يخلده التاريخ ،وعبر عنه فى كلمته الموجزة الوافية الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين والعالم أمس ،وكان أكثر ماشدني فيها؛ أن الشعب المصري عندما يريد فهو يستطيع وأنه يصل إلى الهدف مهما كانت الصعوبات والتحديات.

وقد لمحت فى كلماته العديد من الرسائل، أولها: أن تاريخ مصر بانكساراته وانتصاراته حلقات متصلة لا تنفصل أى مرحلة عن سابقتها .. وثاني هذه الرسائل أن الهزيمة مهما كانت مرة والظروف مهما كانت حالكة السواد فإنها فى دساتير وأعراف الشعوب ذات الحضارة وذات التاريخ مجرد مولد للقوة تستمد منه طاقتها للانطلاق نحو المستقبل الذى يليق بها .. وتجعلها قادرة على تجاوز المحن بحلول عبقرية متسلحة بإرادة جبارة، وقد عبر الرئيس السيسي عن حقيقة تواصل الأجيال حين بدأ كلمته بتحية من واجهوا الهزيمة بإرادة وطنية ،وعزيمة.

فوجه التحية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذى قاد الشعب وأعاد بناء القوات المسلحة وحقق انتصارات فى حرب الاستنزاف بعد أيام قليلة من الهزيمة المرة ،ثم وصل الرئيس السيسي الهزيمة بالنصر،فوجه خالص التحية والتقدير لصاحب قرار العبور العظيم فى حرب أكتوبر ونصره المجيد الرئيس محمد أنور السادات ،للتأكيد على حقيقة تواصل أجيال العمل الوطنى فى مصر الحديثة ،وأن مقياس العطاء ليس فقط بهزيمة أو نصر ولكنه بالارادة والتصميم والقدرة على حماية الدولة وإرادتها واستقلال قرارها الوطنى ..

أما ثالث الرسائل فقد عبرت عنها هذه الفقرة من كلمة الرئيس "إنه تمر فى تاريخ الشعوب والأوطان أيام ليس كغيرها من الأيام ، ويوم السادس من أكتوبر هو أحد تلك الأيام ،وان تضحيات شهداء أبطال القوات المسلحة فى سيناء أثمر سلاما وأملا لملايين المصريين، ومغزى هذه الرسالة أن الثقة فى وحدة الوطن تتجدد بحجم الثقة فى قواتها المسلحة وجيشها الوطنى ،وأن ماتحقق فى ملاحم الانتصار من معجزات وإبداعات جنوده وضباط القوات المسلحة ما كان ليتم لولا التدريب الجيد والإعداد العلمى المتواصل وبناء العقيدة القتالية للمقاتل والإنسان المصري، التى تقوم على الحق والكرامة والعدل لا العدوان والابتزاز والبلطجة واغتصاب حقوق الغير، ومن هذه الحقيقة تأتى الرسالة الأخيرة.

إن الشعوب القوية التى تمتلك جيشا قويا وقادرا فى الحرب تستطيع أن تخوض بنفس الكفاءة والثقة والبسالة معركتها لاسترداد حقوقها بالسلام .. وهو الحافز الحقيقى لقرار السلام الذى اتخذه الرئيس السادات ودفع حياته ثمنا له، وقد عبر السيسي بوضوح أن:"مصر لا تخشى لومة لائم أو مزايدة مزايد ،فالمصريون انتفضوا وراء قواتهم المسلحة فى 1973 ليعلنوا للعالم "إن مصر أثبتت فى السلام نفس قدرتها على التحدى فى الحرب .. وقد أثبتت العقود الأربعة الأخيرة أن مصر التى مرت بهزيمة عسكرية قاسية فى يونيو 1967 وعبرت الجسر الفاصل من الهزيمة الى انتصار أكتوبر لقادرة على أن تعبر الجسر الفاصل بين الفوضى والإرهاب الذي تثيره الجماعات الإرهابية وداعموها وتجار الفهم المغلوط باسم الدين فى سيناء لقادرة على العبور بفضل جهود قواتنا المسلحة فى العملية الشاملة سيناء 2018 وتضحيات الشهداء إلى الأمن والاستقرار فى دولة حرة بحدودها الآمنة والمستقرة.. وإعادة الثقة والهدوء للمجتمع بعد فترات عصيبة من الاستقطاب والتوتر..

ولم تشغلنا أيضًا هذه المهام الجسام عن إرساء أساس متين للتنمية الاقتصادية.. يستند إلى مواجهة الحقائق.. والتعامل مع الواقع كما هو وليس من خلال الشعارات، ... وهكذا استردت مصر مكانها ومكانتها كقائدة وزعيمة في منطقتها وفي قارتها كما تابعنا جميعا من خلال مشاركتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة الفترة الماضية .. فإذا كانت قواتنا المسلحة قد انتصرت فى الحرب فإنها قد انتصرت أيضا فى معركة السلام ومعارك التنمية ودحرت قوى الظلام والتكفير والإرهاب.. 

أما خامس الرسائل فهى إلى أشقائنا العرب خاصة أبناء الشعب الفلسطينى أن مصر لن تتخلى عن عدالة وشرعية حقوقهم المشروعة فى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وقد لاحظت عندما وجه الرئيس التحية لأرواح أبطال مصر.. شهداء جيشها العظيم.. الذين روت دماؤهم الغالية تراب سيناء المقدس.. فأثمر لنا سلامًا وأملًا في الحياة لملايين المصريين..فإن الرئيس توجه بالشكر ـ أيضا ـ والـ" تحية للوحدات العربية المقاتلة التي شاركتنا في حرب أكتوبر.. أشقاء أعزاء ورفاق سلاح" .. وهو ما يعنى أن دعمنا لأشقائنا فى الوطن يأتى فى إطار الأخوة والمصير المشترك ووحدة الأمن القومى العربى ثم إنه رد للجميل وتأكيد على الأمل فى العمل العربى المشترك مع جيراننا بلا مبالغة لمن وقفوا معنا فى السراء والضراء.. وهو ما يحمل دعما وتأييدا لأشقائنا فى السعودية الذين يواجهون عملية ابتزاز وتهديد مبطن بزوال دولتهم ،لكنها أبدا لن تنال من أمنهم الذى وصفه ولى العهد السعودى فى تصريحاته لوكالة بلومبرج للأنباء حين قال: فى عهد أوباما كانت أمريكا تعمل ضد سياستنا فى الشرق الأوسط لكنها فشلت معنا كما فشلت أمام صلابة مصر فى 30 يونيو..
تحية لأشقائنا وتحية لجيشنا الوطنى الحامي لإرادة البناء والتنمية والخير، وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، وكل عام ومصرنا بخير..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-