الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من هنا نبدأ.. وننطلق


بناء الإنسان المصري من أهم التحديات التي تواجه المجتمع هذه الأيام، ولذلك تابعت بكل الأمل المؤتمر السادس للشباب الذى يعقد دورة تاريخية هذه المرة فى مكان تاريخى أيضا، وشاهدت بكل فخر الفيلم التسجيلي "أهل العلم"، والذي يضم شخصيات مصرية أثرت في تاريخنا منذ 100 عام وكيف كان المصري دائما سباقا لعصره. 

وأتوقع لنتائج المؤتمر أن تحمل بصمة الخلود التى يضفيها مكان انعقاده وهو قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة ويضفيها زمانه لكونه أول مؤتمر فى الفترة الرئاسية الثانية ويركز على بناء الإنسان، فبناء الإنسان هو الأساس وهو النواة لبناء البلد، خاصة فالشباب هم العمود الفقري للتقدم وهم أهم ركائز المستقبل، خاصة أننا أهملنا العقول كثيرا وتركناها تغادر وتبحث عن فرصتها وتبدع في دول أخري. 

عدد زائري موقع "اسأل الرئيس" وصل لحوالي 2 مليون زائر فى أيام قليلة، كما تلقي أكثر من 600 ألف سؤال، ولأول مرة يشهد المؤتمر الوطني للشباب حضورا تجاوز الـ 3000 مدعو، وهو ما يجعله المؤتمر الوطني الأكبر من حيث عدد الحضور، وأغلب المشاركين من الشباب والأساتذة، من ُمختلَف الجامعات، الحكومية والخاصة، من جميع محافظات مصر، بالإضافة إلى شباب الأحزاب السياسية، وأوائل الثانوية العامة، وأوائل التعليم الفني، إلى جانب نخبة من رجال الدولة المصرية، والشخصيات العامة، والبرلمان.

وقد تابعت أمس الندوات وورش العمل وجدتها تدور حول محور واحد حدده الرئيس وهو استراتيجية بناء الإنسان المصري. 

وبصرف النظر عن المجالات العديدة التى تتطرق إليها أسئلة الشباب كعادتهم مع الرئيس بلا حواجز أو خوف أو حدود، وقد بدت تباشير التميز أمس، حين تابعت عناوين القضايا التى أثيرت فى اليوم الأول ووجدتها غطت أبرز القضايا والموضوعات والملفات المهمة المطروحة على أجندة الدولة المصرية، والتي تشغل بال المواطنين وتحتل حيزا مهما من اهتماماتهم.

وقد شعرت بالأمل وقلت من هنا نبدأ، حين قرأت استعراضا لجهود الدولة بمختلَف قطاعاتها فى الثقافة، الإعلام وحرية التعبير ونشر المعلومات، وقد أشار البعض إلى تجارب من حولنا بدأت نموها بالتركيز على بناء الإنسان منها تجربة ماليزيا، ورغم احترامى لهذه التجربة وتقديرى للمناضل الدكتور مهاتير محمد، فإننى أرى أن تجربتنا لها طبيعة خاصة تستمد جذورها من الماضى وتتوفر لها أسس النجاح فى الحاضر.
 
فلأول مرة لدينا منظومة تعليمية جديدة تتكامل محاورها، فتبدأ من التعليم فى الحضانة والمدرسة الابتدائية وتنتهى بالثانوية العامة، وتركز على التقنيات الحديثة والتكنولوجيا الرقمية فى جميع مراحل التعليم، وأتمنى ألا تشغلنا التجارب من حولنا لأن لنا طبيعة فريدة ومتميزة وفرت لمصر التجانس الديموجرافى والدينى، بعد أن أحبطت ثورة 30 يونيو محاولات جرنا إلى مسنتقع الطائفية، بعد ما فعلته بنا 25 يناير من انتكاسه كبيرة ظهرت في السنوات الماضية أدت لظواهر كثيرة مثل التكاسل والعشوائية والفوضي وهي أمراض أصابت البناء الانسان المصري.

 المهمة صعبه جدا والمفروض أن نبدأ من الأسرة والتعليم.. ولهذا أشعر بالأمل من نتائج مؤتمر بناء الإنسان، وأن يسفر عن توصيات تجسد حالة الانصهار والتفاعل بين رؤية أصحاب الشأن فى تقرير مصير المستقبل وهم الشباب، وبين المسئولين فى كيفية بناء الإنسان المصري مجتمعيا وثقافيا وصحيا ورياضيا وتعليميا، خاصة وقد اعتدنا فى المؤتمرات السابقة أن تشهد حضورا فعالا وقويا من جانب الشباب، خاصة طلاب الجامعات المصرية، وتنطلق أسئلتهم وأطروحاتهم بلا شطآن أو حدود، والتي تعكس مدى إدراكهم للواقع، وإلمامهم بالمتغيرات والأحداث الهامة الجارية على الساحة، الداخلية والإقليمية والدولية.

بقيت نقطة تزيد جرعة الأمل مرتبطة بالمكان وهو قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، التى تأسست عام 1935 أسفل قبتها الخضراء وطرازها المعمارى الحديث، التى شهدت حفلات منح الدكتوراه الفخرية المميزة للعديد من الشخصيات العالمية منذ نشأتها، وتحولها من جامعة أهلية إلى جامعة حكومية باسم الجامعة المصرية تهتم بمستوى خريجيها بإدماج مدارس الهندسة والزراعة والتجارة العليا والطب البيطرى.

هذه القاعة أيضا منحت أبرز الشهادات للمناضل الأفريقى الراحل نيلسون مانديلا، والرئيس الفرنسى جاك شيراك ونكروما والحبيب بورقيبة ونوردوم سيهانوك ومحمد الخامس، كما احتضنت هذه القاعة لقاء السحاب بين قمة الطرب المصرى ممثلا فى صوت أم كلثوم وقمة الموسيقى ممثلة فى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب فى أغنيتهم الشهيرة "أنت عمرى"، عام 1964، فاستقلال الأوطان والقرار والإرادة لا يختلف عن تحرير الوعى والارتقاء بالذوق الفنى،.

كما اختار الرئيس عبد الناصر هذه القاعة منطلقا للاحتفال بعيد العلم قبل أكثر من نصف قرن لتكريم العطاء العلمى والنابغين فى مختلف الميادين لا يختلف عن اختيار الرئيس السيسي لهذه القاعة، منطلقا لأول لقاء مع الشباب فى بداية فترته الرئاسية الثانية الذى وعد فيه بوضع بناء الإنسان المصرى على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة يقينا منه بأن كنز أمتنا الحقيقى هو الإنسان والذى يجب أن يتم بناؤه على أساس متكامل بدنيا وعقليا وثقافيا بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد ليتبوأ أبناؤنا المكانة التى يستحقونها بين الأمم وأن نري زويل جديد ونبوية موسي وفاروق الباز ونجيب محفوظ، ومئات بل آلاف من أبنائنا يغيرون مجري التاريخ ويعيدون رسم خريطة المستقبل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-