الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"سيعود تقويم عمر سيدا كما كان"


علمنا التاريخ أن الغلبة عادة ما تكون لبدايات تقاويم الممالك صاحبة النفوذ؛فقبل تقويم روما كان تقويم فراعنة النيل ذا شأن عظيم وصدى واسع في الإمبراطوريات المجاورة.ثم تنوعت التقاويم الرومانية القديم منها والحديث فسادت العالم حتى قبل أن ترتبط بميلادالسيد المسيح.

وفي القرن السابع الميلادي نشأ التقويم الهجري وليدا في كنف حضارة كانت لا تزال في مهدها إلى ان تمكن المسلمون من العالم ووصلت الفتوحات الى مالم تصل اليه من قبل في عصر بني أمية والعصر العباسي الاول فصارت الأمصار تخطب ود الخليفة في دمشق الاموية ثم من بعدها بغداد العباسية بكتابة التاريخ وفقا للتقويم الهجري وتجلى ذلك بوضوح في القرن الثامن الميلادي حين بلغت بغداد الرشيد اوج عزها ومجدها.

الا انه قد بزغ نجم تقويم الأشهر الحرم في القرن العاشر الميلادي عندما أجبر الخليفة الناصر عبدالرحمن الثالث سفراء أوروبا كلها على احترامه والاعتداد به في مكاتباتهم الرسمية مع الدولة الإسلامية التي اسسها الناصر سنة 316 هجرية بمعزل عن الخلافة في بغداد، ووفد الناس والعلماء الى الاندلس من كل حدب وصوب يطلبون العلم من جامعة قرطبة ويتعلمون العربية لينهلوا من علوم اهلها.

وبسقوط الاندلس في القرن الخامس عشر الميلادي عاد لتقويم المسيح رونقه المفقود بعد أن تمكنت مملكة قشتالة المسيحية من اوروبا وتوالت هزائم المسلمين القاسية حتى سقوط غرناطة في يناير 1492م، الا ان العثمانيين قد احتفظوا بالتعصب للتقويم القمري وخاصة في العهود البراقة للاستانة وعلى رأسها فترة حكم السلطان سليمان القانوني التي تخطت الاربعة عقود، ثم صارت الغلبة للتقويم الميلادي في القرون الثلاث الأخيرة.

ورغم احتواء روزنامة "النتيجة" في ام الدنيا على تقويمات ثلاثة ورغم وجود تقويمات اخرى سريانية واشورية وفارسية إلا أن ذوي النفوذ سوقوا لتقويم الميلاد فصار ملء السمع والبصر في القرون المتأخرة حتى يومنا هذا حتى صار الاحتفال برأس السنة الميلادية احتفالا عالميا مشهودا وصارت اقطار العالم الاسلامي وبلدانه تحتفي به اكثر من احتفائها ببداية السنة الهجرية ولعل الاحتفالات الصاخبة في ابراج دبي العربية خير شاهد ودليل.

الا أن التقويم الذي أسس له عمر بن الخطاب في ثاني ولايات الخلافة الراشدة قد حفظ بريقه تاريخيا وعقائديا نظرا لارتباط احتفالات ومناسبات أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم به؛ حيث اعيادهم واحتفالاتهم وصيامهم وحجهم يرتبط ارتباطا وثيقا بهلال اشهر التقويم الهجري.

ولما كان عمر اميرا للمؤمنين استشار اصحابه واختار الهجرة لتكون المحور الاساسي للتقويم الجديد وماكان له ان يبدأ العام بغير المحرم وهي تلك الاشهر التي كانت معروفة بترتيبها واسمائها في الجاهلية، معتمدا على دورة القمر لتحديد الأشهر وهو ما يتسق ما الميزان الاسلامي,فماهو ثابت عن الرسول صلى الله وعليه وسلم انه قال صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته مشيرا بذلك الى هلال رمضان، والهلال هو احد اطوار دورة القمر.

لابد ان يكون للتقويم الهجري رونقا يتسق مع عظمة الحضارة الاسلامية التي لم تعرف مثيلا بين حضارات الدنيا في تخطيها لحدود الجغرافيا والزمان، ففي الوقت الذي كان المسلمون يحكمون الدنيا كانت اوروبا تغرق في عصور الظلام ولولا انهم نهلوا من علوم بغداد وقرطبة والقاهرة ودمشق والاستانة لما عرفوا تقويما ولا تأريخا ولا تمتعوا بكل هذا النفوذ الذي جعل العالم كله يُقدم تقويم الميلاد في التوثيق للأحداث والمناسبات.

صلى الله على محمدنا وصاحبيه ابا بكر رفيق الغار واباحفص اول من نادى بالتقويم والتأريخ، ورضي الله عن ذي نوريه عثمان اول من استخدمه واقره رسميا على مكاتبات الدولة الاسلامية الوليدة. وكل عام وانتم بخير
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-