الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البوركيني يضع الشرطة الفرنسية في مرمى الانتقادات.. الصحافة العالمية: "داعش" يستفيد من منع الزي الإسلامي

صدى البلد

  • تغريم سيدتين في فرنسا بسبب ارتدائهما الحجاب على الشاطئ
  • رجل أعمال جزائري يدفع غرامات "البوركيني"
  • مصممة ملابس تحقق أرباحًا بسبب "الحظر الفرنسي"

تعرضت الشرطة الفرنسية لانتقادات واسعة في الصحف العالمية إثر نشر صور لإجبار رجال أمن فرنسيين امرأة مسلمة، على خلع ملابس البوركيني، والبقاء بقميص دون كمين على شاطئ مدينة نيس، فيما ستناقش أعلى محكمة إدارية في فرنسا دعوى لإلغاء حظر البوركيني.

وتُظهر أولى الصور السيدة وهي مستلقية على شاطئ البحر وأربعة رجال شرطة مسلّحين يقتربون منها، وفي الصورة الثانية يظهرون وهم يتحدثون معها، ثم تبدأ بخلع اللباس الفوقي الذي كانت ترتديه، حتى تبقى بقميص قصير، بينما كان أحد رجال يدّون في دفتر، وبقية المصطافين يراقبون المشهد بشكل عادي.

وقالت المرأة واسمها الأول سيام "كنت جالسة على الشاطئ مع عائلتي، وكنت أرتدي الحجاب ولم يكن لدي نية للسباحة"، وأضافت: "الناس من حولي راحوا يصرخون ويصفقون وطلبوا مني العودة إلى وطني، وابنتي تبكي".

وانتشر هاشتاج (ما هذا يا فرنسا) على المواقع الاجتماعية، وكتبت وداد : "مرحبًا فرنسا، البلد حيث ندفع الضرائب لأجل أن يقوم رجال الشرطة بخلع ملابس المحجبات في الشواطئ"، بينما استعادت إيميلي الفصل الأول من الدستور الفرنسي الذي يؤكد أن فرنسا "تحترم جميع المعتقدات وتراعي المساواة بين المواطنين دون أي تفضيل ديني"، وكتب آخر: "عندما يتعلق الأمر بخلع ملابس المحجات أنتم هنا، وعندما يخصّ الأمر منع شاحنة تقتل الناس، فلا يوجد أحد".

وتأتي هذه الصور بعد تغريم مجموعة من السيدات على ارتدائهن الحجاب الإسلامي الذي منعته عدة بلديات فرنسية بمبرّر "احترام مبادئ العلمانية في وقت حساس يتلو هجمات إرهابية"، منهن سيدة جرى تغريمها بعد أن حاصرها رجال شرطة في مدينة نيس، موجهين لها تهمة السباحة بزيّ إسلامي، وأخرى غرمت في كان بعدما كانت تتمشى على الشاطئ بالحجاب.

وكان المجلس الفرنسي لمناهضة الإسلام فوبيا أن قدم شكاوي ضد منع زي السباحة الإسلامي 'البوركيني' لدى المحكمة الإدارية بمدين نيس، غير أن هذه الأخيرة أقرّت قانونية المنع، لتُرفع القضية إلى المحكمة العليا بباريس التي ستبث فيها قريبًا، في وقت دافعت فيه الحكومة على لسان وزيرة حقوق المرأة عن هذا المنع.

وعلق على الحادث المدير الإعلامي لمنظمة هيومان رايتس ووتش أندرو سترولاين في تغريدة على موقع "تويتر" إن "السؤال هو: كم شرطيا مسلحا نحتاج لإجبار امرأة على التعري في العلن؟".

وفي المقابل، أيدت نائبة عمدة مدينة نيس الفرنسية، رودي ساليس، يوم الأربعاء، ما فعلته الشرطة الفرنسية من تغريم لسيدات ارتدين الزي النسائي الإسلامي للبحر البوركيني بقولها: "البوركيني استفزاز إسلامي"، وأضافت أنها سعيدة بتطبيق القانون بهذه الكيفية، وذلك تعليقا على قيام عناصر من الشرطة الفرنسية بتغريم السيدات المخالفات للحظر الذي انضمت إليه نيس مع 15 مدينة فرنسية، وتابعت:"حظر البوركيني بات ضرورة بعد هجمات الجهاديين"، وقالت: "ليس من عادة المسلمين في نيس أن يرتدوا ملابس مثل هذه على الشاطئ".

وندّد كريستان إستروسي، النائب الأوّل لعمدة بلدية نيس، بما أسماها "الاستفزازات غير المقبولة" التي خلقتها صور محاصرة أربعة عناصر من شرطة المدينة للسيدة، مهددا بتقديم شكاوي لـ"متابعة من قاموا بنشر هذه الصور ومن كتبوا تهديدات بحق الشرطة في الشبكات الاجتماعية".

وقال في بيان له، إن الشرطة لم تقم سوى بالسهر على "احترام المنع الذي أصدرته البلدية"، وإن هناك "تلاعبًا يسيء إلى الشرطة المحلية ويضع أفرادها في خطر"، متحدثًا عن أن البلدية ستقف إلى جانب عناصر الشرطة لتأكيد حمايتهم وستضع لأجل طلبًا قضائيًا.

ونقلت البلدية في تصريحات لصحيفة "لوموند" أن هذه السيدة تم تنبيها بالمنع الموجود، وأنها خلعت قميصها الطويل حتى تبيّن للشرطة أنها ترتدي كذلك مايوه، غير أن رجال الشرطة طلبوا منها أن ترتدي ما يناسب الشاطئ أو المغادرة، وقد فضّلت الخيار الثاني. وأشارت البلدية إلى أن الصور حقيقية وجرى التقطها عن بعد بمكبر.

وكان رئيس بلدية مدينة كان قد أصدر حظرا بدخول الشواطئ على كل من لا ترتدي الزي المنسجم مع الروح العلمانية، وقال إن أي زي ذا طابع ديني كفيل بخلق بلبلة في وقت تتعرض فيه فرنسا لهجمات إرهابية، وتفرض على المخالفين غرامة قدرها 38 يورو، وقالت منظمة حقوقية إسلامية إن 16 امرأة تعرضن للغرامة بموجب القانون المذكور في الأسبوعين الماضيين، ولم تكن أي منهن ترتدي البوركيني، بل زيا شبيها بما كانت ترتديه المرأة على شاطئ نيس.

ورغم أن قانون الحظر لم يذكر البوركيني تحديدا، لكن اشترط في مرتادي الشواطئ "السلوك الجيد في العلن واحترام قيم العلمانية"، وهو ما يعطي مجالا واسعا للتأويل والبلبلة، وقد فرضت قوانين تتعلق بزي السباحة في 20 مدينة فرنسية.

وقالت وكالة بلومبرج الأمريكية للأنباء إن مسلمي فرنسا يشعرون بأن حملة منع الزي النسائي الإسلامي للبحر، البوركيني، تخرج عن السيطرة.

وأضافت الوكالة أن قادة الجالية المسلمة في فرنسا أعربوا عن قلقهم من الجدل الدائر حول البوركيني، وأن الحملة ضد الزي تخرج عن السيطرة، وذلك بعد مرور أسبوع على تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس المؤيدة لمنعه.

وتابعت الوكالة الأمريكية أن أنور كبيبي رئيس المركز الإسلامي الفرنسي قال إن أفراد الجالية متخوفين من التحول الذي طرأ على تلك القضية، مشيرا لحالات تغريم السيدات اللائي يرتدين البوركيني من قبل الشرطة الفرنسية.

وأضافت أن القيادي المسلم اجتمع مع وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازناوف لمناقشة الأزمة الدائرة حول البوركيني، والذي يعكس الجدل حول السياسات المتعلقة بالهوية الفرنسية، حيث إن دور الدين في الحياة العامة الفرنسية يدور حوله نقاش بين السياسيين بعدما تعرضت فرنسا لعدة هجمات أسفرت عن مصرع 200 شخص.
وقالت المصممة الأسترالية للباس البحر "البوركيني" إن المبيعات زادت منذ أن حظرته عدة مدن فرنسية، وقالت عاهدة زناتي "مبيعاتنا زادت، وكلما حظروه ورفضوه بشكل فعلي فهذا لا يعني منع أي امرأة من ارتدائه"، وأضافت "أعتقد أنهم أساؤوا فهم الأمر، وأظن أنه عندما صممنا لباس البحر هذا كان جزءا من الاندماج وكان جزءا من مزج الثقافات".

وصممت زناتي اللبنانية الأصل -التي تعيش في سيدني بـأستراليا- البوركيني عام 2004 بعد أن واجهت صعوبة في العثور على ملابس رياضية ملائمة للمسلمات.

وقالت إن البوركيني الذي يضم غطاء للرأس أصبح خيارا للنساء غير المسلمات أيضا، ونوهت إلى أن 40 في المائة من مبيعاتها ذهبت لنساء غير مسلمات، وأن من بين من يقبلن على شراء البوركيني سيدات عولجن من أمراض السرطان أو نساء يهدفن لحماية بشرتهن من أشعة الشمس الضارة.

وقرر رجل الأعمال الجزائري، رشيد نكاز، دفع جميع الغرامات المتعلقة بقرار المحكمة الإدارية الفرنسية، القاضي بمنع النساء من ارتداء "البوركيني" في الشواطئ.

وقال رشيد نكاز، 44 عاما، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع "فيس بوك" إنه مستعد لدفع كل الغرامات التي تبلغ قيمتها 38 يورو، مضيفا أن هذه المبادرة لا تعني أنه يدعم ارتداء النقاب و "البوركيني".
وعبر الجزائري عن سعادته بتفاعل العالم بأكمله مع هذه البادرة، مشيرا إلى أنه سيواصل هذا "العمل الخيري" في المستقبل.
وفي تصريحه لموقع "أوروبا 1" الفرنسي، قال نكاز "عدما أرى أن الحكومة الفرنسية تنتهك حريات المواطنين، أقوم فورا بإخراج دفتر الشيكات الخاص بي"، وتابع قائلا " وصلت لأول غرامة لسيدة عوقبت في مدينة كان وسأقوم بدفعها غدا".

يشار إلى أن رشيد نكاز أسس، عام 2010، مؤسسة حماية الحريات، قام من خلالها بدفع غرامات قدرها 1 مليون يورو، للسلطات الفرنسية، عن النساء اللواتي يواصلن ارتداء النقاب بعد إقرار قانون يحظر ارتداءه.

ونشرت مجلة نيوزويك الأمريكية مقالا يهاجم منع مدن فرنسية للزي النسائي الإسلامي للبحر "البوركيني"، وحمل المقال عنوان توقفوا عن منح تنظيم داعش مبررات لتجنيد عناصر جديدة.

وقالت كاتبة المقال إليزبيث أولفيلد مدير المركز البحثي للدين والمجتمع، إن التطرف العلماني ليس فقط منافق ولكنه كذلك عنصري ولا يجدي نفعا.

وتابعت أن صورة المرأة التى نزع منها رجال الشرطة الفرنسية من على أحد شؤاطي نيس أصبحت صورة عامة معبرة عن سياسة فرنسا تجاه الإسلام، مشيرة إلى حوادث تغريم الشرطة الفرنسية لسيدات ارتدين ملابس إسلامية في مدينة كان، وأن هذه الحوادث تأتي بسبب منع مدن فرنسية للبوركيني.

وأوضحت أن هذا ليس مفيدا، رغم أن المخاوف الأمنية حقيقية، وقالت إن الجماعات المسلحة مثل داعش تستفيد من تلك السياسات التى أصبحت تتصدر عناوين الصحف، وأن صورة المرأة التى خلعت ملابسها ستصبح وسلة للتجنيد المزيد من العناصر لتلك المنظمات، واختتمت المقال بمناشدة للمسؤولين في فرنسا: "توقفوا على تجعلونا لعبة في أيدي المتطرفين".

-