في قرية هادئة بمركز المنشاة جنوب محافظة سوهاج، خرج الطفل الصغير "محمد" ذو التسعة أعوام في صباح يوم الحادث ليؤدي مهمة اعتاد مساعد أهله فيها.
كان عليه نقل رأس ماشية، جاموسة كبيرة، من الحظيرة إلى المنزل، بابتسامة بريئة ورباطة جأش أكبر من سنّه، أمسك الحبل، وبدأ يقودها، غير مدرك أن القدر يُخبئ له مشهدًا مروّعًا.
ما حدث بعد ذلك كان أشبه بكابوس حيّ، في لحظة غير متوقعة، جنّ جنون الجاموسة وبدأت بالعدو، الحبل الذي لفّه محمد حول رقبته للتأكد من إحكام سيطرته عليها أصبح قيده.
انطلق جسده الصغير يُسحب على الأرض لمسافة تقترب من نصف كيلومتر، بينما قوة الجاموسة تجره دون رحمة، تاركة خلفها سحجات وكدمات غطت جسده النحيل.
صرخات محمد لم تكن كافية لإنقاذه، ولم يُدرك أحد في البداية ما يجري. والدته، سماح، التي كانت تعتمد عليه كثيرًا في هذه الأمور، تفاجأت بالجلبة، خرجت مُسرعة لتجد ابنها جثة هامدة، والحبل حول رقبته علامة واضحة على العذاب الذي مر به في لحظاته الأخيرة.
تفاصيل الواقعة
في الوقت الذي تجمّع فيه الجيران والرجال من القرية، كان "أنور"، جد الطفل، عاجزًا عن الحديث، عينيه ممتلئة بالدموع وهو يحاول استيعاب الفاجعة، "محمد كان يساعدنا دائمًا.. كان ابنًا بارًا رغم صغر سنّه"، هكذا قال الجد بصوت مُتهدّج.
شاهدا الواقعة، صبري وهيثم، أكدا ما حدث بدقة. محمد لم يكن ضحية إهمال، بل ضحية لحادث مؤلم قُدر له أن ينهي حياته البريئة.
في المستشفى التعليمي بسوهاج، وصلت جثته هامدة، الأطباء أكدوا أن الإصابات نتيجة الحادث، فيما نفى الجميع وجود أي شبهة جنائية.
بقيت الحادثة تتردد كقصة مأساوية تحمل في طياتها ألم عائلة فقدت صغيرها في موقف لم يكن يتوقعه أحد.