يوم 25 نوفمبر من كل عام هو اليوم العالمي لـ العنف ضد المرأة، ويعود هذا اليوم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي خصصته لرفع الوعي بشأن المشكلات التي تواجهها المرأة في مختلف أنحاء العالم. وتشمل هذه المشكلات التحرش، والاغتصاب، والختان، والعنف البدني، وغيرها من الأضرار التي تتسبب في تأثيرات نفسية عميقة تؤثر بشكل كبير على حياتها.
ويؤثر العنف بشكل سلبي على صحة المرأة، ويعيق قدرتها على المشاركة الفعالة في المجتمع. كما يحرمها من التمتع بصحتها وحقوقها الجنسية والإنجابية، ويشكل مصدرًا كبيرًا من المعاناة الجسدية والنفسية للنساء وعائلاتهن على حد سواء.
المرأة في عهد الإخوان
ولكن بالرجوع بالزمن إلى عهد الإخوان، ففي 4 مارس 2013، خلال مشاركتها في أعمال لجنة الأمم المتحدة لأوضاع المرأة، أبدت مساعدة الرئيس الأسبق محمد مرسي، باكينام الشرقاوي، رفضها الشديد لوثيقة "مناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء والبنات" التي تم صياغتها في الدورة الـ57 للجنة في نيويورك.
وهذا الرفض لم يكن موقفًا فرديًا، بل كان رد فعل رسمي من تنظيم الإخوان الذي كان في سدة الحكم في ذلك الوقت. حيث اعتبر التنظيم أن الوثيقة تتعارض مع القيم الدينية والثقافية للمجتمع المصري، وتستهدف تغيير المفاهيم المتعلقة بالأسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة وفقًا لما يراه التنظيم مخالفًا للشريعة الإسلامية.
وقد أثار هذا الموقف العديد من التساؤلات حول حقوق المرأة في ظل حكم الإخوان والتحديات التي واجهتها تلك الحقوق في تلك الفترة.
رفض تنظيم الإخوان في مصر لوثيقة "مناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء والبنات" أثار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والحقوقية.
الوثيقة، التي صدرت عن الدورة 57 للجنة الأمم المتحدة لأوضاع المرأة في نيويورك، واجهت معارضة شديدة من التنظيم، الذي اعتبرها تهديدًا للقيم الدينية والثقافية، خاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة ودور الأسرة في المجتمع.
وأطلقت باكينام الشرقاوي، مساعدة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، تصريحات نارية خلال مشاركتها في أعمال لجنة الأمم المتحدة، معلنة رفضها للوثيقة بدعوى تعارضها مع القيم الثقافية والدينية للمجتمع. الشرقاوي أكدت أن الوثيقة "تجبر الدول على تبني تشريعات تخالف القيم الثقافية والدينية"، مشيرة إلى ضرورة احترام الأمم المتحدة للتنوع الثقافي والديني بين الشعوب.
ولكن هذا الموقف لم يكن مقتصرًا على الشرقاوي فقط، فقد أصدر تنظيم الإخوان بيانًا رسميًا شديد اللهجة، أكد فيه أن الوثيقة "تنزع الشرعية عن العلاقة بين الزوجين"، مُعتبرًا أن الوثيقة تؤسس العلاقة بين الرجل والمرأة على "مجرد التقاء اختياري". وهاجم التنظيم ما اعتبره محاولة لإلغاء الزواج المبكر، وحل محله "الزنا المبكر والشذوذ"، وفقًا لرؤيته الدينية.
كما اعتبر البيان أن الوثيقة تتناقض مع المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية في الدستور المصري، مشيرًا إلى أنه على الرغم من دعم حقوق المرأة، إلا أن التنظيم لا يوافق على بنود الوثيقة التي، بحسب زعمه، تدعو إلى "إلغاء تعدد الزوجات"، "تساوي المرأة بالرجل في الميراث"، و"سحب سلطة التطليق من الزوج". كما اعترض التنظيم على البنود المتعلقة برفع سن الزواج إلى 18 عامًا، إباحة الإجهاض، وتوفير وسائل منع الحمل للمراهقات.
تصعيد دعوات الرفض لم تقتصر معارضة تنظيم الإخوان على إصدار البيانات والشائعات، بل دعت الجماعة إلى إجراء تحقيق عاجل في الوثيقة، مطالبين بإعادة مناقشة الاتفاقية الأصلية والوثائق التي تبعتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما اقترح التنظيم إصدار قانون جديد لتشكيل المجلس القومي للمرأة، مع نقل تبعيته إلى مجلس الشورى، بالإضافة إلى إطلاق وثيقة موازية تتبنى رؤية تنظيم الإخوان الخاصة حول حقوق المرأة.
ومن جانبها، أدلت السفيرة المصرية ميرفت التلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة آنذاك، بتصريحات حادة ضد حكم الإخوان في مصر، واصفة فترة حكمهم بأنها "الأسوأ" في تاريخ المرأة المصرية. وأكدت التلاوي أن عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي شهد تزايدًا كبيرًا في مظاهر العنف ضد المرأة، بما في ذلك التحرش الجنسي الجماعي في المظاهرات السلمية، وهو ما اعتبرته محاولة لإقصاء النساء من الحياة العامة. التلاوي ذكرت أيضًا أن المجلس القومي للمرأة كان قد أعد مشروع قانون لمكافحة العنف ضد النساء، إلا أن التنظيم عرقل تمريره.
كما طالبت بفتح تحقيقات فورية في الجرائم التي استهدفت النساء في تلك الفترة، مشيرة إلى الحوادث التي تعرضت فيها النساء للاعتداء أثناء توثيق المظاهرات.
دعم عالمي للوثيقة رغم الرفض الشديد من تنظيم الإخوان، تم التصويت بالإجماع على الوثيقة خلال الدورة 57 للجنة أوضاع المرأة في الأمم المتحدة، حيث أكدت الدول المشاركة أن العنف ضد المرأة يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان. حددت الوثيقة تعريفًا موسعًا للعنف ضد المرأة، بما يشمل الأفعال التي تضر بالمرأة جسديًا أو نفسيًا، سواء في المجالين العام أو الخاص.
كما شددت الوثيقة على أهمية القضاء على الأمية وتمكين المرأة اقتصاديًا كجزء أساسي من مكافحة العنف. توصيات الوثيقة أكدت الوثيقة على ضرورة أن تتبنى الحكومات قوانين فعالة لمكافحة العنف ضد المرأة، مع ضرورة التأكيد على أن العادات والتقاليد لا يمكن أن تُستخدم لتبرير الانتهاكات. كما أوصت الوثيقة بتطوير برامج تعليمية لرفع الوعي بين الشباب، وتوفير الدعم الاقتصادي والاجتماعي للناجيات من العنف.
كما شددت على أهمية جمع البيانات لتحليل العنف ضد النساء، وتبادل الخبرات بين الدول في هذا المجال. وفي ختام الوثيقة، تم التأكيد على أن إنهاء العنف ضد النساء ليس مجرد خيار، بل أولوية أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
رفض تنظيم الإخوان لوثيقة "مناهضة كافة أشكال العنف ضد النساء والبنات" يكشف عن تعارضه مع الاتجاهات العالمية الحديثة المتعلقة بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
وفي المقابل، تبنّت الأمم المتحدة الوثيقة بالإجماع، مؤكدة أن مكافحة العنف ضد النساء هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وبالرغم من المعارضة المحلية، تبقى الجهود العالمية مستمرة لتحقيق بيئة أكثر أمانًا وحرية للنساء حول العالم.