لاشك أن السؤال عن ما سبب نزول سورة الناس ؟ أحد أهم الأسرار التي ينبغي الوقوف عليها ومعرفتها، لما فيه دلالة على فضل سورة الناس ، ومن ثم اغتنامها حيث إن معرفة ما سبب نزول سورة الناس ؟ من شأنه أن يزيد الحرص عليها وبالتالي الفوز بفضلها وبركاتها.
ما سبب نزول سورة الناس
نقل الواحدي عن بعض أهل التفسير؛ أن سبب نُزول سورة الناس؛ ما كان من لبيد بن الأعصم في سحره للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ولكن ليس في كُتب الصحاح ما يُبين أنها نزلت بسبب ذلك، وقيل: إن قُريشاً اختاروا عدداً من رجالهم الذين يشتهرون بإصابة العين؛ لإصابة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بعينه؛ فأنزل الله -تعالى- عليه المُعوذتين ليتعوذ بهما منهم.
فالغاية من نزول سورة الناس ؛ رُقية النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وجاء عن الإمام السيوطيّ في سبب نُزولها؛ أن اليهود صنعت للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- شيئاً، فأصابه من ذلك وجعٌ شديد، فنزل عليه جبريل -عليه السلام- بالمُعوذتين وعوذه بهما، فخرج صحيحاً، وقيل: إن غُلاماً للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- اسمه لبيد بن أعصم سحر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بعد أن قام اليهود بتحريضه على ذلك، فنزل جبريل -عليه السلام- بالمُعوذتين.
ترتيب نزول سورة الناس
تُعدُّ سورة الناس السورة الرابعة عشرة بعد المئة بحسب ترتيب المُصحف، والسورة الثانية عشرة من المجموعة الخامسة من قسم المُفصل، وكان نُزولها بعد سورة الفلق، وتُسمّى سورة المُعوذة الثانيّة، وتُسمّى مع الفلق بالمُعوذتين.
ونزلت في السنة السابعة، ومُناسبتها لما قبلها وهي سورة الفلق؛ اتحادهما في نفس سبب النُزول وفي الاستعاذة، وجاء عن مُحمد بن حزم أن جميع آياتها مُحكمة؛ فلا ناسخ ولا منسوخ فيها.
وجاء ترتيب سورة الناس بالبدء بالرب ثُمّ الملك ثُمّ الإله؛ لأن الإنسان عند وقوعه في حاجة يلجأ إلى خبرته وعلمه، أو بمن لديه خبرة ومعرفة ليُرشده، وهذا المُربي والموجه هو رب الناس، ثُمّ يلجأ إلى صاحب السُلطة وهو الملك، ثُمّ إن لم يجد التجئ إلى الله -تعالى- وهو إله الناس، وهذا هو الترتيب المنطقي والطبيعي لحاجة الإنسان في الحياة.
مكان نزول سورة الناس
ذهب قتادة إلى أن سورة الناس سورةٌ مكيّة، وقيل: أنها مدنيّة؛ لأنها نزلت مع سورة الفلق لما سُحر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- من اليهود، فتعددت آراء العُلماء في مكان نُزولها، فقيل: أنها مكيّة، وقيل: أنها مدنيّة.
وذهب ابن عباس وقتادة أنها سورةٌ مدنيّة، وقال الألوسيّ: أن هذا القول هو الصحيح؛ لأنها نزلت في سحر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وكان قد سُحر في المدينة، كما جاء في كُتب الصحاح، وفي روايةٍ أُخرى عن قتادة أنها مكيّة.
سبب تسمية سورة الناس بهذا الاسم
سُمّيت سورة الناس بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- افتتح السورة بقوله: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ولأن كلمة الناس تكررت فيها خمس مرات.
ونزلت سورة الناس لعلاج النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- من السحر، وكان يتعوذ بها مع سورة الفلق، وسورة الناس آخر سورة في ترتيب المصحف، عدد آياتها ست، وسميّت بذلك لتكرار كلمة الناس فيها خمس مرات.