قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

احذر كفران النعم فعقوبته وخيمة.. فعل شائع يحدث يوميا في البيوت

كفران النعم
كفران النعم
×

قال الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر، إن هناك فعلاً يحدث يوميًا فى البيوت يعتبر كفران بالنعم ، مؤكدًا على أهمية اجتماع أفراد الأسرة على مائدة واحدة للطعام وما نحوه يعتبر من السنن التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم.

كفران النعم

وشدد “ سلامة ” في إجابته عن سؤال: ماهي آداب الطعام في الإسلام ؟، على أهمية الاجتماع على مائدة واحدة، مشيرًا إلى أن ذلك يعتبر من السنن التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث إن تناول الطعام في أوقات مختلفة بين أفراد الأسرة يؤدي إلى هدر كبير في النعمة.

وأوضح أن ذلك يتعارض مع مفهوم الاعتدال الذي حث عليه الإسلام، منوهًا بأن فكرة أن يكون لديك طعام وتتعامل معه على أنه مجرد فائض فكرة سيئة جدًا، والمفترض إننا نتخلص من هذه العادة..

وأضاف أن قديمًا كنا نجتمع على نوع واحد أو نوعين من الطعام، لكن الآن الأسرة أصبحت تتنوع في الطلبات، الابن يقول لك: "لا أنا أريد بيتزا"، والبنت تقول: "أنا أريد ذلك المثلث"، والأب يقول: "أريد أكل من البيت."

وتابع: ليتنا نحاول التوفيق بين الآراء ونعود أولادنا من الصغر إننا نجلس على مائدة واحدة، فيها نوعين أو ثلاثة من الطعام، منعًا لحدوث ذلك الهدر الكبير الذي نراه ، والذي يدخل في إطار الكفران بنعم الله سبحانه وتعالى .

ونبه إلى أنه عندما يوضع نوع من الطعام، والناس تتعامل معه باستخفاف، هذا يكون خطأ، لافتًا إلى أنه لدينا مشكلة في البيوت إننا نأتي بكل الطلبات بمنتهى اليسر، وكأننا جعلنا أبنائنا يعتادون على طلب أي شيء، وفي النهاية يتم رميه.

وأشار إلى أن ذلك رغم أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن الأكل والصدقة والماء والملبس ليكون باعتدال وليس بإسراف ، وأوصانا -صلى الله عليه وسلم - بالحرص والاقتصاد.

معنى كفران النعمة

ورد أن الكفر يعني في الأصل الإخفاء ، وبما أنّ الكافر يسعى في إخفاء وتغطية النعمة ، وقيمتها فسمّي عمله بالكفران، ومن البديهي أنّ الكفران مرّة يكون بالقلب وأخرى باللسان وأخرى بالعمل. مثلا ربما لا يستشعر الإنسان في قلبه أهمية تلك النعمة ، ويصرّح بلسانه بقلّة النعمة وعدم أهميتها ، وفي العمل لا يتحرك من موقع الاهتمام بمواهب الله عليه ، وبدلاً من أن يستعملها بالخير ، يستعملها بالشر.

ولذلك قال كبار علماء الأخلاق :«الشُّكْرُ صَرفُ العَبدُ جَمِيعَ ما أَنْعَمَهُ اللهُ تَعالى فِي ما خُلِقَ لأجلِهِ». ولذلك فالكفران ربما هو استعمال النعم في غير محلها ، فالعين التي وهبها الله تعالى للإنسان ليرى بها طريق الحق والآيات الإلهية ويشخص بها الطريق السوي من البئر لئلا يقع فيه ، فإذا به يستعملها في موارد الحرام ، وكذلك اليد والأذن وغيرها من الجوارح أو المال والثروة، وكأنّ هذا الكلام مقتبس من كلام الإمام الصادق عليه ‌السلام ، حيث يقول : «شُكرُ النِّعمَةِ اجتناب المَحارمِ» .

وورد أنه بناء عليه فإنّ «الكفران» هو عدم الاعتناء بالنعم وتحقيرها وتضييعها ، وهو من الرذائل الأخلاقية ذات العواقب الوخيمة ، سواء كانت على الصعيد الفردي أو الاجتماعي ، والكفران يقطع أواصر المحبّة والوئام ويجعل من المجتمع جهنّماً لا يطاق يعيش فيه الانسان حالات من العداوة والبغض والحقد!.

شكر النعمة

و اما «شكر النعمة» هو قضية فطرية ، اودعت في الإنسان لتفتح له آفاق التوحيد ومعرفة الله تعالى ،.والواقع أنّ الشكر يقرّب القلوب ويحكّم المحبّة في المجتمع و« شكر النعمة» يمكن أن يكون باللسان أو بالعمل ، بهذه الإشارة نعود للقرآن الكريم لنستعرض فيه بعض الآيات التي تذم حالة الكفران ، وتمدح حالة الشكر للنعمة :

١ ـ (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)( إبراهيم ، الآية ٧.).
٢ ـ (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)( النمل ، الآية ٤٠).
3ـ (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً)( الاسراء ، الآية ٦٧.).
4 ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ)( إبراهيم ، الآية ٢٨ و ٢٩).

عقوبة الكفران بالنعم

وورد أن الكفران بالنعمة يفضي إلى نتائج سيئة كثيرة في دائرة الماديات والمعنويات في حياة الإنسان فمن ذلك أنّه يتسبب في زوال النعم ، لأنّ الباري تعالى حكيم ، لا يعطي شخصاً شيئاً بدون حساب ولا يسلب أحداً شيئاً بلا مبرر ، فالذين يكفرون بالمنعم فلسان حالهم يقول :بأننا لا نليق ولا نستحق هذه النعم ، فتوجب الحكمة الإلهية سلب تلك النعم منهم ، والذين يشكرون النعم فلسان حالهم يقول : إننا نستحق تلك النعم الإلهية وزد علينا يا ربّ ، مثلاً عند ما يرى الفلاح أنّ في بستانه أشجاراً مورقة أكثر من غيرهافسوف يعتني بها أكثر من غيرها حتى تنمو وتكبر بسرعة وتثمر ، وإذا شاهد أشجاراً لا تثمر ولا تورق ولا ظلّ لها مهما أهتم بها وبذل لها العناية في مجال السقي والتهذيب ، فكفران الأشجار للنعمة يدعو الفلاح لعدم الاعتناء بها وتركها لحالها.

وقد ورد في حديث عن أمير المؤمنين رضي الله عنه أنّه قال :«مَنْ شَكَرَ النِّعَمَ بِجِنانِهِ استَحَقَّ المَزيدَ قَبْلَ أَن يَظهَرَ عَلَى لِسانِهِ» (.مستدرك الوسائل ، ج ٢ ، ص ٣٩٩)وجاء في روايات أخرى نقلت عن الإمام الصادق عليه‌ السلام أنّه وبمجرّد الحمد والثناء يصدر الباري تعالى أمره بزيادة النعم على ذلك العبد ، فقال : «ما أَنْعَمَ اللهُ عَلَى عَبدٍ مِنْ نِعمَةٍ فَعَرَفَها بِقَلبِهِ وَحَمِدَ اللهَ ظاهِراً بِلِسانِهِ فَتَمَّ كَلامُهُ حَتّى يُؤمَرَ لَهُ بِالمَزيدِ» (أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٩٥ ، ح ٩.).

وبديهي أنّ الكفران يفضي إلى نتائج معاكسة كذلك ، ويمكن أن يلطف به الله تعالى ويؤخر عنه سلب النعمة ولكن وعلى أية حال إذا لم يتنبه الإنسان وبقي على ما هو عليه في دائرة الغفلة والجحود للنعمة ، فستسلب منه بالتأكيد ، لأنّ ذلك من لوازم الحكمة الإلهية. ومن جهة أخرى فإنّ الكفران يسبب البعد من الله تعالى وهو الخسران الأكبر و لأنّ شكر المنعم أمر وجداني ، فعند ما يرى الإنسان نفسه غارقاً بالنعم الظاهرة والباطنة ، وأنّها ليست منه فسيسعى لشكر المنعم من خلال البحث عن مصدر النعمة ، وهذا هو الذي يُمهد الطريق لمعرفة الله تعالى ، ولكنّ الناكرين لأنعم الله والذين لا يقدّرون المنعم فسيحرمون من معرفة الله تعالى .

بالإضافة إلى ذلك فإنّ عدم شكر الخالق يفضي بدوره إلى عدم شكر المخلوق ، فلا يقيم وزناً لجميل الآخرين ومعروفهم ، وكأنّه هو الذي له الحق عليهم ، ممّا يسبّب نفور الناس منه وكراهيتهم له ، وبالتالي سيؤدي إلى العزلة والانزواء في حركة الواقع الاجتماعي وقلّة الصديق والناصر في مقابل المشكلات وتحديات الواقع الصعبة.