لعل ضيق العيش وصعوبة الحياة هو ما يطرح السؤال عن هل الصدقة يجب أن تكون مالا ؟، حيث قد تحول ظروف الكثيرين دون الصدقة، وحيث إنها من أفضل الأعمال الصالحة جزيلة الفضل والثواب، ومن ثم يصعب التفريط فيها، من هنا تأتي الحاجة لمعرفة هل الصدقة يجب أن تكون مالا؟.
هل الصدقة يجب أن تكون مالا
قالت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الصدقات ليست بالأموال فقط وإنما أيضا بالنية والعاطفة، منوهة بأن الإنفاق في الخير لا يتطلب بالضرورة ثروة مالية.
وأوضحت “ إبراهيم ” في إجابتها عن سؤال: هل الصدقة يجب أن تكون مالا ؟، أن هناك العديد من أشكال الصدقات التي يمكن أن يقدمها الأفراد، بغض النظر عن وضعهم المالي، مشيرة إلى أن النية الصادقة لمساعدة الآخرين تُعدُّ صدقة في حد ذاتها.
وأضافت أن أنواع الصدقات تتنوع بشكل كبير، ومن بينها الكلمة الطيبة التي تؤثر بشكل إيجابي على نفسية الآخرين، والتبسم في وجه الآخرين وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يعتبر من أرقى أشكال الإحسان.
وأشارت إلى أن كف الأذى عن الطريق، والذي يعكس أهمية التصرفات اليومية التي قد تبدو بسيطة لكنها لها تأثير كبير على المجتمع، بالإضافة إلى مساعدة المحتاجين من خلال إغاثة الملهوف ومساندة اليتامى.
ولفتت إلى أنه حتى في الأوقات الصعبة، يمكن للأفراد الحصول على أجر الصدقة من خلال الأفعال الطيبة، موضحة أن الدعم العاطفي أو اللفتة الطيبة قد تكون لها تأثيرات عميقة وأكبر من تقديم المال.
صدقات دون مال
وبين مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن هناك ستة أعمال نافعة يكتب لك بها أجر الصدقة دون دفع مال، و من جملة الأعمال التي يكتب لك بها أجر صدقة ، أولها طلاقة الوجه والتبسم ، وإظهار انشراح الصدر عند اللقاء ، فهي من أعمال الخير التي تؤلف القلوب ويؤجر عليها المسلم.
واستشهد بما أخرجه الترمذي ، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ)، وكذلك إرشاد الآخرين إلى فعل كل جميل .
وأردف: والأخذ بأيديهم ومعاونتهم على ترك القبيح من التصرفات والأفعال ، فهو عمل إنساني عظيم عده سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الصدقات، مستدلاً بما أخرجه الترمذي ، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (وأمرُكَ بالمعروفِ ونَهيُكَ عنِ المنْكرِ صدقةٌ ).
وأضاف أن دلالة التائه الذي ضل علامة الطريق وإرشاده للوصول إلى وجهته، من فضائل الأعمال التي يُثاب عليها المسلم ، لما أخرجه الترمذي أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (إرشادُكَ الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالِ لَكَ صدقةٌ).
وأفاد أن إعانة ضعيف البصر على قضاء حوائجه بالنظر له ، من صنائع المعروف التي ينال بها المسلم أجر الصدقة، لما أخرجه الترمذي أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (وبصرُكَ للرَّجلِ الرَّديءِ البصرِ لَكَ صدقةٌ ).
ونوه بأن إصلاح طريق المارة وتنحية كل ما يعوقهم حتى الشوكة ، أعمال إنسانية يُكافأ عليها المسلم بالثواب ، لما أخرجه الترمذي أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( وإماطتُكَ الحجرَ والشَّوْكَ والعظمَ عنِ الطَّريقِ لَكَ صدقةٌ).
ونبه إلى أن سقي الماء بكل صوره كمن أفضل أنواع الصدقات ، وأن تعطي أخاك شربة ماء لك بها صدقة، لما أخرجه الترمذي أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( وإفراغُكَ من دلوِكَ في دلوِ أخيكَ لَكَ صدقةٌ).
أنواع الصدقة
ورد أن هناك نوعين رئيسيين للصدقة وهما: صدقة الفرض: وتطلق على الزكاة، التي يُقصد بها لغة الزيادة والنمو، وفي الاصطلاح: اخراج جزء مخصوص من المال لفئات مخصوصة بشروط مخصوصة من بلوغ النصاب وحولان الحول، وهي من أركان الإسلام الخمسة وقد دلّ على فرضيتها قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وقوله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، وسمّيت الزكاة بالصدقة لأنّ المسلم يتحرّى بها الصدق والإخلاص لله -تعالى-.
وورد أن ثنيها صدقة التطوع: وهي الصدقة التي تُستحب في سائر الأوقات دون تخصيص لمقدارها وفئاتها، وقد دلّ على استحبابها قول الله -تعالى-: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً).
وتنقسم صدقة التطوع إلى نوعين هما: صدقة جارية: وهي الصدقة التي يستمر ثوابها وأجرها بعد موت الإنسان، ومن الأمثلة عليها: بناء المساجد، حفر الآبار، غرس الأشجار. صدقة غير جارية: وهي الصدقة التي لا يستمر ثوابها بعد موت الإنسان ومن الأمثلة عليها: رعاية المسنين، وكفالة الأيتام، تفطير الصائمين، اطعام الفقراء. الصدقة نوعان: صدقة فرض وصدقة تطوع، وتنقسم صدقة التطوع الى نوعين هما: صدقة جارية وصدقة غير جارية.