غارات جوية مدمرة وصواريخ لا تفرق بين المدنيين والمقاتلين، تمحو أحياء بأكملها في جنوب لبنان، وسط صرخات الأطفال والنساء ومحاولات يائسة من الآلاف للهرب.
هذا هو المشهد الذي يعيشه أهالي جنوب لبنان منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تقول إنها تستهدف حزب الله.
خلال أسبوع واحد فقط، شنت إسرائيل نحو 220 غارة جوية أسفرت عن مقتل العشرات من قادة الحزب، أبرزهم الأمين العام حسن نصر الله.
كما قُتل مئات المواطنين اللبنانيين، حيث بلغ عدد الشهداء حوالي 492، بينهم 50 طفلاً و95 امرأة، وأصيب 1645 آخرون.
فيما تجاوز النزوح الجماعي 700 ألف مواطن لبناني نتيجة القصف الجوي والمدفعي، بينما تشير التقارير إلى بدء توغل إسرائيلي محدود على الحدود الجنوبية.
فشل إسرائيل في التقدم بالأرض اللبنانية
وفي هذا الشأن ، أكد الدكتور "حكم أمهز"، الخبير في الشؤون الإقليمية والدولية، في تصريح لموقع "صدى البلد"، أن إسرائيل لم تتمكن حتى الآن من تحقيق أي تقدم على الأرض اللبنانية رغم عملياتها المستمرة على الحدود.
وأوضح أن المقاومة اللبنانية نجحت في تدمير عدد من الدبابات الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتل وإصابة من بداخلها، حيث تم تدمير دبابتين بشكل كامل.
وأشار "أمهز" إلى أن إسرائيل تتحدث عن عمليات "محدودة"، لكن هذا ما هو إلا محاولة لتخدير الرأي العام، بينما تسعى في الواقع إلى اجتياح الأراضي اللبنانية والتوسع فيها.
وأضاف أن المقاومة اللبنانية تمتلك القدرات اللازمة للمواجهة، وقادرة على إلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل، كما فعلت في حرب عام 2006 عندما دمرت دبابات الميركافا في وادي الحجير.
وأكد "أمهز"، أن المقاومة اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه في ذلك الوقت، وأنها مستعدة لإلحاق هزائم جديدة بإسرائيل.
إسرائيل وفشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد"
وأوضح "أمهز" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعلن منذ سبتمبر الماضي عن نيته في تغيير خارطة الشرق الأوسط من خلال تحالفات جديدة، لا سيما مع الحديث عن التطبيع.
وأضاف أن هذا المشروع يشبه مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تحدثت عنه كونداليزا رايس عام 2006 وفشل في تحقيق أهدافه، مؤكدًا أن هذا المشروع سيفشل مرة أخرى.
كما أكد " أمهز"، أن إسرائيل تحاول إظهار قوتها من خلال العمليات العسكرية، لكنها حتى الآن لم تحقق أي إنجازات ميدانية واضحة.
وأشار إلى أن المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، مستعدة لكل الاحتمالات، وقد أظهرت قوة كبيرة في السيطرة والتحكم بمجريات المعركة.
وأفاد "أمهز"أنه رغم الخسائر التي تعرض لها حزب الله على مستوى القيادات، إلا أنه تمكن من ترميم صفوفه بسرعة، ولا يزال يحتفظ بقدرات عسكرية هائلة تثير قلق إسرائيل.
المستقبل الإقليمي وحتمية الرد على إسرائيل
وتوقع " أمهز" أن تشهد المنطقة تحولات كبيرة بناءً على نتائج هذه المواجهات، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن تستطيع تحقيق أي من أهدافها الميدانية. وأضاف أن المنطقة لن تكون في مصلحة إسرائيل، فهذه الأرض لأهلها ولا يمكن للإسرائيلي أن يحقق شيئًا فيها.
وأكد خبير في الشؤون الإقليمية والدولية، أن حزب الله، منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، يعمل على تعزيز قدراته العسكرية والأمنية بشكل مستمر، وقام بتحصين قواته وتجهيزاتها تحت الأرض بحيث يصعب على إسرائيل استهدافها.
وأشار " أمهز" إلى أن القيادات الإقليمية حريصة على تجنب اندلاع حرب إقليمية واسعة، لأن مثل هذه الحرب ستكون كارثية على الجميع، بما في ذلك محور المقاومة، وإسرائيل، والولايات المتحدة، والناتو.
ومع ذلك، شدد على ضرورة ردع إسرائيل بقوة للحفاظ على المعادلات القائمة وإعادة فرض قواعد الاشتباك التي تم تجاوزها في الفترات الأخيرة.
التأثيرات الاقتصادية العالمية وإستراتيجية الردع
وأضاف " أمهز" أن أي تصعيد إقليمي كبير سيؤثر على الاقتصاد العالمي، حيث تمر نسبة كبيرة من التجارة والنفط عبر هذه المنطقة الحساسة. وحذر من أن أي اضطراب في المنطقة سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد العالمي بأسره.
وفي النهاية، أكد خبير في الشؤون الإقليمية والدولية أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات كبيرة على الساحة الإقليمية، حيث سيكون هناك رد قوي من محور المقاومة على إسرائيل، ما سيعيد التوازن ويمنع إسرائيل من الاستمرار في تجاوزاتها.
وأوضح أن النتائج الميدانية لهذه المواجهة ستحدد شكل الخارطة السياسية في الشرق الأوسط وترسم مستقبل المنطقة.