بعد سنوات من التخطيط وجمع المعلومات الاستخباراتية، أعلنت إسرائيل مقـ ـتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في ضربة جوية استهدفت مقر قيادة الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وهذه العملية جاءت كنتيجة لعمليات استخباراتية طويلة المدى، شارك فيها جهاز الموساد الإسرائيلي، إلى جانب استخدام مصادر متعددة لتحديد موقع نصر الله بدقة، ويشكل مقـ ـتل نصر الله ضربة قاسية ليس فقط لحزب الله، بل لإيران التي فقدت واحداً من أهم حلفائها في المنطقة.
التخطيط لاغتيال نصر الله
وفقاً لتقارير أمنية إسرائيلية، بدأ الموساد في وضع خطط لشن عمليات ضد حزب الله منذ أكثر من عقد، حيث درس نقاط القوة والضعف لدى الجماعة.
وفي تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أكدت أن المعلومات الاستخباراتية التي جمعت على مدى سنوات ساعدت في تحديد موقع نصر الله ورفاقه بدقة، بما في ذلك التفاصيل المتعلقة بتحركاتهم تحت الأرض، وأيضاً التحصينات التي لجأوا إليها لعقد اجتماعاتهم السرية.
من خلال هذه المعلومات، تمكنت القوات الجوية الإسرائيلية من تحديد الموقع الدقيق للمخبأ الذي كان يستخدمه نصر الله لعقد اجتماعاته مع كبار قادة الحزب، وتمكنت من حساب الزوايا اللازمة لضرب القنابل بدقة واختراق التحصينات.
وتؤكد صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية أن جاسوسًا إيرانيًا زود إسرائيل بمعلومات حاسمة حول تحركات نصر الله، مما مكن القوات الإسرائيلية من تنفيذ الضربة، وفقًا للتقرير، قاد هذا الجاسوس إسرائيل إلى الموقع الذي كان فيه نصر الله، وهو المقر ذاته الذي كان يحضره نائب قائد فيلق القدس، عباس نيلفوروشان، الذي قـ ـتل أيضاً في الهجوم.
ونُفذ الهجوم بعدما اجتمع نصر الله مع 12 من قيادات حزب الله في مقر قيادة الحزب، ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، اتُخذ القرار بشن الضربة الجوية في نفس يوم الهجوم، عندما حصل القادة الإسرائيليون على فرصة قصيرة لاستهداف نصر الله قبل انتقاله إلى موقع آخر.
ويعتبر مقـ ـتل حسن نصر الله ليس فقط ضربة موجعة لحزب الله، بل يمثل خسارة كبيرة لإيران، التي اعتمدت على زعيم حزب الله كحليف استراتيجي في توسيع نفوذها في العالم العربي.
ويشير المحللون إلى أن هذه العملية قد تؤدي إلى تغييرات كبيرة في توازن القوى الإقليمي، حيث ستجد إيران نفسها مضطرة للتعامل مع هذا الفراغ في القيادة.
وتشكل عملية اغتيال حسن نصر الله علامة فارقة في الصراع الإسرائيلي مع حزب الله، وتعكس مدى فعالية الاستخبارات الإسرائيلية في جمع وتحليل المعلومات.
من جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعبين الفلسطيني واللبناني هو "صورة من عربدته" في المنطقة، مؤكداً أنه حتى الآن لم يصدر أي قرار من المجتمع الدولي أو محكمة العدل الدولية ضد جرائم هذا الاحتلال الغاشم.
وأضاف الرقب في تصريحاته لـ"صدى البلد"، أن الولايات المتحدة الأمريكية مارست نوعًا من المراوغة بعدم عقد جلسة لمجلس الأمن الأربعاء الماضي، والتي كان من المفترض أن تصدر قراراً بوقف الحرب على لبنان.
وأوضح الرقب أن هذه المراوغة كانت جزءًا من التمهيد لعملية اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مشيرًا إلى أن الأحداث تسير في اتجاه واضح نحو تسخين الأوضاع في المنطقة.
وبينما تستعد إسرائيل لـ«غزو» بري محتمل آخر، يبدو أن مؤسستها العسكرية والأمنية «استوعبت دروس الماضي»، فعلى مدى الأيام العشرة الماضية استهدفت البنية التحتية اللوجستية والاتصالاتية لحزب الله وعطلتها، كما دمرت مخازن الأسلحة الرئيسية وقضت على كبار قادته، بما في ذلك زعيم الحركة حسن نصر الله، بحسب «واشنطن بوست».
لكن رغم الضربات التي وجهتها إسرائيل، فإن «ذكريات أخطائها السابقة في لبنان ما زالت تطاردها». فبحسب أولمرت فإن شن هجوم بري في الصراع الحالي ليس ضرورياً، لأن حزب الله أصبح عاجزاً إلى الحد الذي قد يدفعه إلى الاستسلام والموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار الذي يصب في مصلحة إسرائيل.