عبر مسار التاريخ، شهد العالم العديد من الأوبئة التي حصدت أرواح البشرية، من بينها تفشي الأمراض الفتاكة، من تفشي التيفوس الذي أدى إلى فشل حملة نابليون بونابرت على روسيا عام 1812، والطاعون الأسود الذي أودى بحياة ثلث سكان أوروبا في القرن الرابع عشر، والإنفلونزا الإسبانية التي أودت بحياة حوالي 50 مليون شخص في القرن العشرين، وصولاً إلى مرض حمى التيفوئيد الذي ظل يحصد عشرات الآلاف من الأرواح سنويًا، خاصة في البلدان النامية.
ماري مالون
في هذا السياق، تبرز قصة فريدة خلال القرن الماضي ترتبط بحمى التيفوئيد، حيث كانت امرأة إيرلندية تُدعى ماري مالون، المعروفة لاحقًا بـ"ماري تيفوئيد"، ضحية لهذا المرض، في صيف عام 1906، كانت ماري تعمل كطباخة لأسرة ثرية في بلدة أوستر باي بالقرب من نيويورك.
خلال تلك الفترة، ظهرت حالات من التيفوئيد في البلدة، مما دفع الناس لاستدعاء الطبيب جورج سوبر لتحديد أسباب المرض. بعد سلسلة من البحوث، شك الطبيب في دور ماري مالون بسبب طريقة إعدادها للمثلجات التي تضمنت مكونات غير مطبوخة، ولاحظ انتشار التيفوئيد في المنازل التي عملت فيها دون ظهور أي أعراض عليها.
بعد عام واحد، التقى الطبيب سوبر بماري مالون مجددًا خلال تفشي حالات التيفوئيد في نيويورك، وتبين من التحاليل أنها حاملة للبكتيريا المسببة للمرض دون أن تظهر عليها أية أعراض، تم إرسالها إلى الحجر الصحي على جزيرة نورث براذر آيلند بنيويورك، حيث أمضت نحو 3 سنوات بعد رفضها للاقتراحات الطبية.
بالرغم من وعدها بترك مهنة الطبخ، عادت ماري مالون للعمل تحت اسم مستعار وتم القبض عليها بعد 5 سنوات خلال عملها كطباخة في مانهاتن بعد تفشي حالات جديدة من التيفوئيد.
تم إرسالها مرة أخرى إلى الحجر الصحي على الجزيرة، حيث أمضت 23 عامًا إضافية قبل وفاتها في عام 1938 بعد إصابتها بسكتة دماغية.