أكدت الدولة المصرية أنه لا مجال للتنازل أو التفريط عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر من مياه النيل حتى التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة سد النهضة على نهر النيل وعدم التنازل عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر المائية.
سد النهضة
قال بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، إن مصر دولة قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي في قضية سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا على تمسكها بحقوقها المائية في نهر النيل، وأنه لا تفريط فيها ولا تهاون.
وأوضح "عبدالعاطي" في مقابلة له، أن المياه قضية وجودية وقضية حياة أو موت بالنسبة لمصر، مُضيفًا أن مصر الدولة الوحيدة التي تعتمد بشكل كامل على مصدر وحيد للمياه، وهو نهر النيل الخالد.
وذكر وزير الخارجية والهجرة، أن هذا النهر دولي عابر للحدود، وبالتالي ينطبق عليه القانون الدولي، وردًا على السؤال بشأن عدم استبعاد العمل العسكري في قضية سد النهضة، قال: «سندافع عن مصالحنا في إطار القانون الدولي».
وتابع أن مصر دولة قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي، وبالتأكيد في حالة وقوع ضرر سندافع عن مصالحنا دون أي تهاون، لأن الأمر يخص مصالح وأمن واستقرار أكثر من 110 ملايين نسمة، ولا يمكن أن نضع مصالح هذا الشعب العظيم رهينة لأهواء طرف هنا أو هناك، منوهًا بأنه لا بد هنا أن نؤكد على حق مصر في حماية أمنها المائي وصيانته.
وشدد على أن مياه النيل ليست منحة من أي طرف، وإنما منحة من الله عز وجل، وهي موارد طبيعية نتشارك بها طالما أنها تعبر الحدود، مؤكدًا أن جميع مسارات التفاوض مع إثيوبيا توقفت منذ 2023، نتيجة المراوغة والتفاوض بسوء نية، وأن هذه المفاوضات استغرقت 13 عامًا دون الوصول إلى شيء، وكان هناك استغلال للمفاوضات لفرض الأمر الواقع عن طريق بناء السد.
أزمة سد النهضة
ودعا إلى اتفاق قانوني مُلزم حول تشغيل سد النهضة الإثيوبي، موضحًا أن ذلك أمر لا يمكن التنازل عنه، وأن هذا الاتفاق يجب أن يتضمن مبادئ قانونية لا يمكن التنازل عنها، وأهمها مبدأ عدم إلحاق أي ضرر بمصالح دول المصب، فضلًا عن أهمية الإخطار المسبق لأي مشروعات تتم على نهر النيل، مُضيفًا أن النيل نهر دولي، وليس نهرًا تملكه إثيوبيا أو أية دولة أخرى، وإنما هو نهر عابر للحدود؛ وبالتالي تنطبق عليه قواعد القانون الدولي، نافيًا أي علاقة للقوات المصرية في الصومال بالتوتر مع إثيوبيا.
من جانبه، كشف الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، عن رؤيته الشاملة لتداعيات أزمة سد النهضة على مستقبل القانون الدولي وأمن المنطقة جاء ذلك بعد توجيه وزارة الخارجية المصرية خطابًا لمجلس الأمن يُبرز تعنت إثيوبيا وفشل المفاوضات بعد سنوات طويلة من المحاولات، مشيرا إلى أن هذا الخطاب يمثل نقطة تحول استراتيجية في مسار الأزمة، حيث يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية بعد 13 عامًا من المفاوضات.
وأضاف “مهران” في تصريحات لـ"صدى البلد" أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة، بما في ذلك إمكانية اتخاذ مجلس الأمن قرارات ملزمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتعزيز الموقف القانوني لمصر في اللجوء إلى آليات دولية أخرى مستقبلًا.
وحذر من أن تصريحات إثيوبيا حول اكتمال بناء السد تُعتبر محاولة لفرض أمر واقع، مشددًا على أن التنمية الحقيقية تتحقق من خلال التعاون، وليس عبر الإجراءات الأحادية، مُشيرًا إلى أن الوضع الحالي يُعتبر انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي للمياه.
وأوضح أن نزاع سد النهضة يتجاوز كونه قضية إقليمية، بل يُعد نموذجًا لـ"حروب المياه" الجديدة، مؤكدًا أن هذه النزاعات تستدعي تطويرًا جذريًا في الفكر القانوني الدولي.. كما أشار إلى أن التهديد للأمن المائي لملايين المصريين والسودانيين قد يصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، محذرًا من كارثة إنسانية وبيئية محتملة.
واقترح مهران استراتيجية متعددة المسارات، تتضمن تفعيل دور مجلس الأمن عبر المطالبة بعقد جلسة طارئة لإصدار قرارات ملزمة بفرض عقوبات على إثيوبيا، بالإضافة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لكسب تأييد دولي واسع، داعيا إلى إمكانية طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن شرعية تصرفات إثيوبيا، وتفعيل حق مصر في الدفاع الشرعي عن أمنها المائي وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
كشف الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، عن مدى تأثير توقف توربينات سد النهضة على كمية المياه القادمة إلى مصر.
وقال شراقي، إن توقف عمل التوربينات العلوية لسد النهضة أو تشغيلها لا يؤثر على كمية المياه القادمة إلى مصر، موضحًا أن الإيراد الحالى عند سد النهضة 400 مليون م3/يوم ولابد من إمرار كامل الإيراد للحفاظ على منسوب بحيرة سد النهضة، حتى لا تغمر المياه الممر الأوسط".
وتابع: اذا اشتغلت التوربينات بإمرار وليكن 100 مليون م3/يوم فسوف يتم فتح عدد من بوابات المفيض العلوية بحيث تمرر الـ 300 مليون م3 المتبقية وفى حالة عدم تشغيل التوربينات سوف يتم فتح مزيد من البوابات لإمرار كامل الـ 400 م3 وهذا يظهر بوضوح فى زيادة كمية المياه المارة من المفيض في 15 سبتمبر (400 مليون م3) عنها يوم 5 سبتمبر (250 مليون م3) وفي جميع الحالات لابد من إمرار كامل الكمية سواء جزء من تشغيل توربينات أو كلها من المفيض.