قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه ينبغي تجنب الإفراط في استخدام الحلف اليمين كوسيلة للتعامل مع الأطفال.
حكم كثرة الحلف بالله
وأوضح “فخر” حكم كثرة الحلف بالله سبحانه وتعالى، أن الحلف باليمين بشكل متكرر، خاصة في المواقف اليومية البسيطة، قد لا يكون الأسلوب الأمثل في التربية، منوهًا إلى أنه من الأفضل عدم اللجوء إلى الحلف بشكل مستمر، سواء في الأمور المهمة أو غير المهمة.
وأضاف أن ذلك لأن الحلف بكثرة يمكن أن يفقد معناه ويصبح عادة غير مجدية، مشيرًا إلى أن اليمين الذي يُستخدم في الحياة اليومية بشكل متكرر يعرف بـ "اليمين اللغو"، وهو يمين لا يؤخذ على محمل الجد ولا يحمل عواقب دينية كبيرة إذا لم يُنفذ.
كفارة اليمين اللغو
وأشار إلى أن اليمين اللغو هو نوع من اليمين الذي يتم تداوله في الحديث اليومي، مثل قول "والله لن تفعل كذا" أو "والله سأفعل كذا"، دون أن يكون له عواقب حقيقية، لافتا إلى أن هذا النوع من اليمين لا يحتاج إلى كفارة، ولكن من الأفضل تجنب استخدامه بكثرة والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى عن هذه العادة.
الأمر بحفظ الأيمان والنهي عن كثرة الحلف
وكانت دار الإفتاء المصرية، قد بينت أنه أمرنا الله تبارك وتعالي بحفظ الأيمان؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: 89]، ونهانا عن الإقدام عليها دون حاجة مُلحَّة لها؛ تعظيمًا له جلَّ شأنه، فكلَّما كان الإنسان أكثر تعظيمًا لله تعالى كان أكمل في العبودية، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله تعالى أجلَّ وأعلى عند المسلم من أن يستشهد به في غرض من الأغراض الدنيوية.
واستندت لما قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (6/ 424-425، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: 224] نهيٌ عن الجرأة على الله بكثرة الحلف به، لأنَّ مَن أكثر ذكر شيءٍ في معنى من المعاني فقد جعله عرضة له،.. والحكمة في الأمر بتقليل الأيمان: أنَّ مَن حلف في كلّ قليل وكثير بالله، انطلق لسانه بذلك، ولا يبقى لليمين في قلبه وَقْع، فلا يؤمَن إقدامه على اليمين الكاذبة، فيختلُّ ما هو الغرض الأصلي في اليمين] اهـ.
ودللت بما قال العلامة الزمخشري في "الكشاف" (4/ 586، ط. دار الكتاب العربي): في معنى قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ﴾ [القلم: 10]: [حَلَّاف: كثير الحلف في الحق والباطل، وكفى به مزجرةً لمن اعتاد الحلف] اهـ. وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (9/ 489، ط. مكتبة القاهرة): [يكره الإفراط في الحلف بالله تعالى؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ﴾ [القلم: 10]، وهذا ذم له يقتضي كراهة فعله، فإن لم يخرج إلى حد الإفراط، فليس بمكروه، إلا أن يقترن به ما يوجب كراهته] اهـ.