أثار زواج المساكنة جدلا كبيرا في الأيام الماضية، وهو جدل متكرر تردده بعض الأفكار التي تشذ عن الضوابط الشرعية والقانون، إذ تخرج تلك الأفكار لتقترح أن يكون هناك مساكنة قبل الزواج الرسمي دون إشهار من باب التعارف أكثر على بعضهما البعض وبعدها إما أن يتم الزواج رسميًا أو لا يتم، الأمر الذي اعتبره رجال الشرع والقانون فكرًا شاذًا لا يتناسق وقيم المجتمع ودينه وقوانينه.
وبعد هذا الجدل الذي أثير حول زواج المساكنة، يتساءل البعض عن المحددات القانونية الحاكمة والضابطة للزواج، إذ نظمت قوانين الأحوال الشخصية هذا الأمر الذي اعتبره الشرع رباط مقدس وميثاق غليظ، وانطلاقًا من هذا المفهوم كانت القوانين راسخة في التعامل مع الزواج لحماية حقوق الأفراد وصون المجتمعات من الوقوع في إفعال تهز ترابطها وتفكك منه بسبب أفكار شاذة يصدرها البعض.
الموقف القانوني لـ زواج المساكنة
وألزم القانون بأن يكون الزواج موثقًا، وهذا التوثيق يقوم على شروط وإجراءات قانونية لا تتوافر في زواج المساكنة الذي يتم في الخفاء وبعيدًا عن أعين المجتمع ودون إشهار، ومن هنا يكون الزواج مخالفًا لأحكام القانون، وقد جاء منع القانون لهذا الأمر واعتباره غير صحيحًا لعدم وجود وثائق تحمي حقوق الطرفين سواء كانت عرفية أو رسمية.
غياب التوثيق الرسمي أو العرفي للزواج، والذي لا يتوافر في المساكنة، يعد مخالفة صريحة لـ قوانين الأحوال الشخصية التي نصت على ان يكون هناك توثيق للزواج ووضعت حد أنى للزواج وتوثيقه، وهو اشتراط بلوغ طرفي الزواج سنة الثامنة عشر، وبالأخص الفتاة، وذلك نظرًا لشيوع ظاهرة زواج القاصرات.
القانون يواجه زواج المساكنة
ويتضح جليًا مخالفة زواج المساكنة لـ القانون بالرجوع إلى نص قانون الأحوال المدنية، الذي ألزم الزوج بتقديم الأوراق اللازمة لتوثيق الزواج، ولم يترك القانون الأمر دون مدى زمني، بل وضع حدًا زمنيًا لتقديم الأوراق التي تثبت زواجه، ووقع عقوبات لمخالفة تلك المادة، وهو ما يعني صراحة أن الزواج مخالف للقانون.
وينص قانون الأحوال المدنية على أنه على ذوى الشأن تقديم وثائق الوقائع المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (٥)قانون الأحوال المدنية، إلى مكتب التوثيق بالشهر العقارى الذى حدثت بدائرته الواقعة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسجيلها على النماذج المعدة لذلك.
وتنص المادة 5 من قانون الأحوال المدنية، على أنه تختص أقلام الكتاب بمحاكم الأحوال الشخصية بقيد واقعتي الزواج والطلاق إذا كان طرفا العلاقة من المواطنين متحد الديانة والملة. وهذا النص تحديدًا بالقانون يؤكد مخالفة زواج المساكنة للقانون.
عقوبات تنتظر زواج المساكنة
وضع قانون العقوبات عقوبات مغلظة في حال العلاقات غير التي تقع خارج إطار الزواج.
وينص قانون العقوبات على أنه كل من اركتب مع امرأة أمرًا مخلًا بالحياء ولو في غير علانية، بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة.
ونص القانون كذلك على أنه يجب على الموظف المختص بمكتب التوثيق بالشهر العقارى التحقق من إثبات رقم بطاقة تحقيق الشخصية وجهة إصدارها ، أو الرقم القومى وتاريخ الميلاد وجهته بالنسبة لطرفي الواقعة ، أو رقم جواز السفر وجهة إصداره إذا كان أحد طرفي الواقعة أجنبياً . ويتم القيد وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية.
البعض اعتبر أن زواج المساكنة هو في حكم الزنا، وهو الفعل الذي وضع له القانون عقوبات مغلظة، إذ نص قانون العقوبات على أنه كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه الأمر بدعوى الزوجة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر، فيما نص القانون على أن المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت.