قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

الكاتبة بريهان أحمد: تنبأت بأحداث 7 أكتوبر.. وقدمت بقايا ذكريات جيل التسعينيات.. إتاحة النشر تؤثر على القراءة بشكل كبير| حوار

×

تقدم بريهان أحمد في "بقايا جيل التسعينيات" نافذة ساحرة نحو الماضي، محملة بالذكريات والنوستالجيا، تثير حنين جيل بأسره لتلك الفترة الزمنية البارزة، ثم تأخذنا في رحلة أدبية مشوقة تنبض بروح الجريمة وتستمد إلهامها من تاريخ غني بالحكايات الإسلامية.

بريهان أحمد، الكاتبة المصرية من جيل الألفية، باحثة ومفكرة تواجه الحياة بكل جوانبها، مؤمنة بأن القراءة والكتابة ليست مجرد هواية بل هي واجب قبل كل شيء.

في البداية حدثينا عن شغفك وحبك للكتابة؟ كيف كانت بداياتك؟

لا يمكنني الحديث عن بداياتي في الكتابة دون الإشارة أولاً إلى شغفي بعالم الخيال وحبي للقراءة، لقد تكونت لديَّ غزارة إبداعية منذ صغري، نتيجة القراءة الكثيفة والمتنوعة، فأنا قارئة اولا وقبل كل شيء، أما الكتابة، فقد بدأت منذ سن مبكر أى أيام سن الطفولة، قبل أن أدخل عالم النشر بسنواتٍ عديدةٍ.

حدثينا عن فكرة كتابة بقايا جيل التسعينيات 1992، هل تعتقدين أن فترة التسعينات والألفينات شهدت أحداثًا سريعة غيرت وجه العالم؟

في الحقيقة، كان عقلي مشحونًا بالذكريات، فأنا أمتلك قدرة كبيرة على تخزين المشاهد والحوارات التي كانت تدور في البيت الكبير، بيت الأجداد. وفي يوم من الأيام شعرت وكأنني أرى تلك المشاهد بوضوح وبألوان زاهية داخل ذهني؛ رغم أنني لم أكن مقررة لإصدار مجموعة قصصية، لكن كان داخلي حنينًا ياخذني لعالم أكثر صدقًا عما نحن عليه الأن، لذا قررت كتابة عن جيل التسعينيات، ليس بهدف مواكبة التريند أو الحنين فقط، فبعد صدور الكتاب بدأ الناس ينجذبون بالفعل إلى الحنين للماضي بوصفه نوع من النوستاليجيا.

لكنني كتبت كل المشاعر التي كانت متراكمة في داخلي، تلك المشاعر الباهتة ولكنها دافئة، مثل ذكريات إذاعة القرآن الكريم، الحفلات الساهرة على التلفزيون المصري، شوارع مصر الجديدة وروكسي، شرائط الكاسيت، وسفريات الساحل والعجمي، لمة العائلة والجلسات مع أمي وأخي وأبي، والفرحة بوجود أجدادي. كانت تلك الأيام قبل عصر الفيسبوك، حينما كان الإنسان أكثر تواصلًا مع محيطه وأقل انعزالًا على نفسه. كانت هناك مشاعر حقيقية تجاه الجار، والتجمعات العائلية في الصباح على مائدة الإفطار، حتى قصص الفانتازيا وسور الأزبكية، كل تلك الأيام كانت قادرة على أن تشحنني بالحالة التي مكنتني من تقديم ذكريات بقايا جيل التسعينيات.

لماذا قررتِ التوجه نحو أدب الجريمة في مجموعتك القصصية الواقعية عاجل اقرأ الحادثة؟

فكرة عاجل اقرأ الحادثة لها قصة معي. في إحدى المرات، كنت في منطقة معروفة بحدوث واحدة من أشهر جرائم القتل عام 2018، والتي سميت بالمجزرة، حيث تعفنت جثث العائلة، ولم يُكتشف أمر الوفاة أو بالأحرى القتل إلا بعد حوالي أسبوع. بالطبع، لم أكن على علم بهذه الواقعة إلا عندما أخبرتني صديقتي، التي كنت أزورها، أن الحادثة وقعت على بُعد أمتار قليلة من فيلتها، وبدأت تسرد لي التفاصيل. بعد ذلك، تذكرت برنامج *خلف الأسوار*، فدخلت إلى اليوتيوب وشاهدت إحدى الحلقات، وكانت الجريمة ذات طابع نفسي. ففي الحقيقة، الجرائم النفسية والغموض دائماً ما يشكلان لي هاجسًا. لذلك، قررت الكتابة عن أغرب الجرائم وأكثرها غموضًا، لأنني على يقين أن هناك بعض الجرائم التي يمكن أن نطلق عليها الجرائم الكاملة.

بالحديث عن القصص لماذا تنجذبين إلى القصص التي تحمل عبق الأحداث التاريخية والإسلامية؟

أرى أن التاريخ يشكل جزءًا مهمًا من حياتنا لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه، لأن التاريخ يعيد نفسه بطريقة أو بأخرى، وإن اختلفت الدوافع والأسباب. هذا هو جوهر الفلسفة الإنسانية لفهم التاريخ. كيف لأمة أن تتطور وتتقدم دون أن تتعلم من أخطاء الماضي؟! استنكاري هنا يأتي ردًا على من يقللون من أهمية التاريخ. فالتاريخ يروي لنا تجارب إنسانية غنية، ومن خلاله يمكننا استلهام قصص جديدة ونسجها بالخيال، مما يمنحنا، نحن الكتاب، القدرة على صنع متخيل تاريخي مشوق وجذاب للقارئ. على سبيل المثال يقول الكاتب توفيق الحكيم (من لا يقرأ التاريخ، محكوم عليه بأن يُعيد أخطاءه) هذه المقولة تسلط الضوء على أهمية التعلم من الماضي لتجنب تكرار الأخطاء؛ لذا آثرت الكتابة من أحداث مستلهمة من الماضي في عاجل اقرأ الحادثة .

بالإشارة إلى عشقك للقراءة من هم الكتّاب المفضلون لديكِ والذين تحبين القراءة لهم؟

كل من يقدم أدبًا حقيقيًا هو كاتبي المفضل. فأنا أحب القراءة في مجالات التاريخ، وعلم النفس، وكتب التراث، وأعشق دراسة الأدب والفكر الإسلامي. أميل إلى أي نوع أدبي يثير داخلي الدهشة ويجعلني أبحر في عوالم بعيدة. أما بالنسبة للكتب التي أحبها، فأنا أُحب (قصص الحيوان في القرآن) لأحمد بهجت و(كليلة ودمنة) لعبد الله بن المقفع؛ لأنني أعشق تخيل أن الحيوانات تتحدث مثلنا نحن البشر، وإن كانت تلك الكتابات رمزية وتهدف إلى توجيه رسائل مبطنة للملوك في ذلك الزمن.

كيف تستطيعين التخلص من ارتباطك بالشخصيات التي تكتبين عنها بعد إتمام الكتابة؟

أثناء الكتابة، لا أستطيع الانفصال عن الشخصيات التي أكتب عنها. سأحدثك عن أهم الشخصيات التي كتبت عنها والتي كنت منسجمة معها بشكل غير طبيعي. في قصة (الصحفية جليلة عبد الهادي النقراشي)، كنت متيمة بتلك الشخصية وتفاصيل حياتها، مثل وحدتها ومنزلها وحديثها مع الأموات، كالتاجر اليهودي شيكوريل الذي قُتل. كذلك، في شخصية فاطيمة الفلسطينية المراوغة التي اوقعت الكاتب سامر في غرامها عبر تويتر، أجد أن الانفصال عن الشخصيات يحدث فقط بعد انتهاء عملية الكتابة ودخول العمل إلى المطبعة، لكن الإحساس يبقى عالقًا معي، خصوصًا أنني أرى ما أكتب عنه في خيالي بوضوح، كأنني أشاهد فيلمًا سينمائيًا. وأتمنى في يوم من الأيام أن تُجسد أعمالي على منصات السينما والأفلام.

هل كان للقضية الفلسطينية تأثير على كتاباتك؟

لا أكتب من أجل الاستمتاع فقط، بل أعتقد أن على كل كاتب أن يتبنى قضية حقيقية، في كتابي (بقايا جيل التسعينيات)، تنبأت بأحداث 7 أكتوبر وذكرت أن فلسطين وسط حالة التخاذل، ستتحول إلى كومة من الرماد بل ستكون شارع، فصَّلت ذلك في الكتاب، وأشرت إلى أن العالم الافتراضي سيقوم بطرد كل من يحاول نشر الحقائق، وهو ما تحقق بالفعل.

​هل تفضلين القصة القصيرة أم الرواية؟

التفضيل بين القصة القصيرة والرواية يعتمد على نوع القصة وما أريد التعبير عنه. القصة القصيرة تمنحني فرصة لاختصار الأفكار وإيصال رسالة معينة بكثافة ووضوح، بينما الرواية توفر مساحة أوسع لاستكشاف الشخصيات وتفاصيل الأحداث بشكل أكثر عمقًا وتعقيدًا. كل شكل أدبي له جماليته وتحدياته الخاصة، لذا أستمتع بالعمل على كليهما حسب متطلبات العمل الأدبي وتوجهاته.

هل واجهتك تحديات أثناء تعليمك للغة العربية لغير الناطقين بها بسبب حبك الشديد لها؟

تعليم اللغة العربية للأجانب يمكن أن يكون تحديًا، لكنه أيضًا تجربة غنية ومجزية. من بين الصعوبات التي قد أواجهها هي اختلافات الخلفيات الثقافية واللغوية بين الطلاب، مما يتطلب تكييف طرق التعليم لتلبية احتياجاتهم المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون القواعد النحوية والإملائية للغة العربية معقدة، مما يتطلب جهودًا إضافية لتبسيطها للمتعلمين. ومع ذلك، فإن رؤية تقدم الطلاب وتحسن مهاراتهم تمنحني شعورًا كبيرًا بالرضا وتدفعني للاستمرار في هذا المجال.

هل كان لتدريسك للأجانب تأثير إيجابي على كتاباتك؟

ليس فقط تعليم اللغة العربية للأجانب هو مجال اهتمامي، بل تخصصي يشمل أيضًا دراسة الأدب العربي. أنا خريجة كلية الآداب، قسم اللغة العربية وآدابها شعبة الدراسات السردية دفعة 2013. حصلت على درجة الماجستير في عام 2019 بتقدير امتياز عن رسالة بعنوان(ثالوث المحرمات في الرواية العربية)، كانت هذه الرسالة الأولى التي تناقش السياسة والجنس والدين من الناحية الإبداعية والجمالية. وخلال أسابيع قليلة، سأحصل على درجة الدكتوراه عن رسالة بعنوان (العبودية والإبادة العرقية في الرواية العربية) تسلط هذه الرسالة الضوء على أدب إنساني مجهول ومسكوت عنه،لأنني أهتم بالعلوم الإنسانية التي تتشابك لكشف الجوانب الخفية من الثقافة.

ما رأيك في إتاحة فرصة نشر الكتب لأي شخص في معارض الكتب؟

فكرة أن أي شخص يقوم بنشر عمل في معرض الكتاب تعكس جوانب إيجابية وسلبية. من ناحية، توفر هذه الفكرة فرصة للكتّاب الجدد للوصول إلى جمهور واسع وتعزيز تنوع الأفكار والآراء. من ناحية أخرى، قد تؤدي إلى وجود كتب لا تتسم بالمعايير العالية من حيث الجودة الأدبية، مما قد يؤثر على مستوى القراءة بشكل عام.

ما هي خططك المستقبلية؟

بالنسبة لأعمالي القادمة، فأنا سأقوم بالمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2025 في دورته الـ 56 بعملٍ روائي كتبته منذ عام 2017 ليلة خسوف القمر وانتهيت منه عام 2024 لشهر سبتمبر وفي حقيقة الأمر هذه الرواية اجهدتني في كتابتها؛ لأننى اعتمدت فيها على التشابك الدرامي ورسم الشخصيات لأن هدفي أن ينغمس القارئ مع العمل وعيش تفاصيله كاملة.

والرواية بها تشابك للشخصيات وحبكة درامية كبيرة حيث يروي تاريخ مصر بشكل مفصل، حيث يستعرض جوانب حياة شباب مصريين عاشوا قصة حب مليئة بالتحديات والانفصالات، مع تسليط الضوء على الصراعات النفسية التي مروا بها، يتضمن العمل رجوع إلى فترة تاريخية بارزة في تاريخ مصر.