تتواصل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية، ما يضع المنطقة في قلب الاهتمام الدولي، وفي هذا السياق، يسعى المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للشعب الفلسطيني من خلال مبادرات دبلوماسية. ومن أبرز هذه المبادرات، مشروع قرار فلسطيني سيتم التصويت عليه قريباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مشروع القرار وأهدافه
طلبت المجموعة العربية في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز من الجمعية العامة للمنظمة الدولية يوم الاثنين 9 سبتمبر 2024 التصويت على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بـ"إنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر". يهدف مشروع القرار، الذي أعدته السلطة الفلسطينية، إلى تأكيد الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو الماضي. هذا الرأي أكد أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني ويدعو إلى انسحابها الفوري. بينما تشير المحكمة إلى أن الانسحاب يجب أن يحدث "في أسرع وقت ممكن"، يحدد مشروع القرار جدولا زمنياً مدته 6 أشهر لتنفيذ ذلك.
من المقرر أن يتم التصويت على مشروع القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضواً يوم 18 من الشهر الجاري، قبيل اجتماع الزعماء العالميين في نيويورك لحضور الاجتماع السنوي للمنظمة الدولية. وقد يشهد مشروع القرار، الذي يتكون من 8 صفحات، تعديلات قبل طرحه للتصويت.
واستبق السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون التصويت بدعوة الجمعية العامة إلى "رفض هذا القرار المشين بشكل قاطع"، ودعا إلى تبني "قرار يدين حماس" ويطالب بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين. يجدر بالذكر أن الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية ليس ملزماً، لكنه يحمل ثقلًا كبيرًا بموجب القانون الدولي وقد يضعف الدعم لإسرائيل. بالمثل، فإن قرار الجمعية العامة ليس ملزماً لكنه يكتسب أهمية سياسية كبيرة.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية في عام 1967، ومنذ ذلك الحين، قامت بتشييد وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية بشكل متزايد. بعد شن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 أكتوبر الماضي إلى هدنة إنسانية فوراً، ثم طالبت في ديسمبر الماضي وبأغلبية ساحقة بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
ومن جانبه، قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطيني، إن التصويت المرتقب سيمثل إعلاناً دولياً لرفض استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة دون أي أساس قانوني. وأوضح أن هذا التصويت سيشكل ضغطاً كبيراً على الاحتلال الإسرائيلي وداعميه، لاسيما الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية.
وأضاف أبولحية في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مشروع القرار الذي يدعو إلى إنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يستند إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية. وأكد أن الخطوات الدبلوماسية التي تُتخذ في أروقة الأمم المتحدة تُعتبر بالغة الأهمية، حيث تسهم في محاصرة إسرائيل دولياً وفرض عزلة سياسية عليها. ولفت إلى أن هذه الجهود ستؤتي ثمارها في نهاية المطاف، رغم الدعم الأمريكي المستمر لدولة الاحتلال وتصرفاتها المنافية للقانون الدولي والإجماع الدولي.