لاشك أن السؤال عن هل يجب على الزوجة طاعة زوجها إذا لم يكن مسئولا ؟، يعبر عن إحدى المشكلات التي تكثر في بيوت المسلمين، حيث غفل الأزواج والزوجات عن واجبات وحقوق كل منهما ، وصارت العلاقة الزوجية ندية بدلاً من أن تكون تكاملية، صراع بدلاً من التعاون، من هنا كان السؤال عن هل يجب على الزوجة طاعة زوجها إذا لم يكن مسئولا ؟ كأحد المسائل التي خلفتها عدم وضوح ما لكل منهما من حقوق وواجبات ، رغم أن الشريعة الإسلامية حددتها .
هل يجب على الزوجة طاعة زوجها
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الزوج المثالي هو الذي يتحمل مسؤولياته كاملة، لكن المشكلة تكمن أحيانًا في التربية، بعض الأزواج لم يتحملوا المسؤولية منذ صغرهم، حيث كان يتم تدليلهم من قبل عائلاتهم، ربما لم يتحملوا أي مسؤولية حقيقية، وكان كل شيء يتم اتخاذه بالنيابة عنهم، من اختيار الشريك إلى تجهيز البيت.
وأوضح “ فخر ” في إجابته عن سؤال : هل يجب على الزوجة طاعة زوجها إذا لم يكن مسئولا ؟ فأريد نصيحة بخصوص مسألة عدم تحمل بعض الأزواج للمسؤوليات، كيف يمكننا التوفيق بين دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لطاعة الزوج واحترام مقامه؟، أن التربية تلعب دورًا كبيرًا في هذا الأمر.
وأضاف أن من الضروري أن يُعلم الأطفال من سن مبكرة تحمل المسؤولية، على سبيل المثال، يجب ألا يتحمل الوالدان حمل الشنطة المدرسية عن الطفل، يُفترض أن يتحمل الطفل مسؤولية متعلقاته منذ الصغر، حتى يكون قادرًا على تحمل المسؤوليات عندما يكبر.
ونبه إلى أنه عندما ينشأ الطفل وهو متعلم لتحمل مسؤولياته، سيتعلم كيف يتخذ قرارات صحيحة ويتحمل عواقبها، إذا تم تعليمه كيفية التعامل مع المسؤوليات منذ الطفولة، فإنه سيكون أكثر استعدادًا لتحمل مسؤولياته كزوج وكأب في المستقبل.
وأشار إلى أنه إذا كان الأبناء يتخذون قرارات ويُراقبون نتائجها، فإنهم يتعلمون من أخطائهم وينمون تدريجياً ليصبحوا قادرين على قيادة أسرهم بفعالية، ويجب علينا كآباء وأمهات أن نمنح أبنائنا مساحة من الحرية في اتخاذ القرارات ونراقب نتائجها. هذا سيساعدهم على أن يصبحوا أفرادًا ناضجين وقادرين على إدارة حياتهم بشكل أفضل.
طاعة الزوج
ورد أنه ينبغي على الزوجة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به ما لم يكن معصية، سيما أمر الفراش فحقه عليها عظيم يبين ذلك ما جاء في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى: و(َلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الآية 228 من سورة البقرة.
وورد من الأحاديث الصحيحة ما في المسند وغيره من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله تعالى لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. قال الشوكاني: إسناده صالح.
وجاء في المسند أيضاً من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح. ورواه أيضاً البخاري ومسلم. وروى البيهقي في شعب الإيمان عن حصين بن محصن الأنصاري عن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة لها فلما فرغت من حاجتها قال لها أذات زوج أنت"؟ قالت: نعم. قال: "كيف أنت له؟" قالت: "ما آلو إلا ما عجزت عنه". قال: "انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك.
الحكمة من طاعة الزوجة لزوجها
ورد أن الواجب على المسلم حين يأتيه حكم شرعي أن يسلّم له ويؤمن به ولو لم يعرف الحكمة ، قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الآية 36 من سورة الأحزاب ، وهو يوقن أن أحكام الشرع كلها ذات حكم بليغة ، لكن قد تخفى عليه الحكمة ولا يفقهها ، فحينئذ يرى أن هذا من قصور علمه والعقل البشري لا يخلو ولا يسلم من القصور.
وحين يجتمع رجل وامرأة في قارب الحياة الزوجية ويعيشان معاً فلا يخلو أن يقع خلاف في الرأي بينهما ولا بد من طرف يحسم الأمر وإلا ستتضاعف الخلافات وتكثر النزاعات فلابد من قائد لهذا المركب وإلا غرق إذا اختلف الملاحون ، ومن ثم جعل الشرع القوامة والمسؤولية في البيت للزوج على زوجته لأنه أكمل منها عقلاً في الغالب ، وهذا يعني أنها يجب عليها أن تطيعه قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34.
وجاء من أسباب ذلك : الأول : أن الرجال أقدر على تحمل هذه المسؤولية ، كما أن المرأة اقدر من الرجل على رعاية الأبناء وشؤون بيتها، فلكل منهما موقعه ومكانه الطبيعي ، والثاني : أن الرجل في الإسلام هو المكلف بالإنفاق على الزوجة ، فلا يجب على الزوجة أن تعمل ولا أن تكسب الرزق ، بل حتى لو كان لها دخل مستقل أو صارت ثرية وغنية فالواجب على الزوج أن ينفق عليها بالقدر الذي تحتاجه . وبما أنه يتحمل مسؤولية الإنفاق فقد صارت له القوامة والولاية.
ولذلك نرى الفوضى في المجتمعات التي تخالف ذلك ، فالرجل لا يتحمل مسؤولية الإنفاق على زوجته ، والمرأة غير ملزمة بطاعة زوجها ، وتخرج من بيتها متى شاءت وتترك عش الزوجية خالياً والأولاد في ضياع . وعليها أن تكد وتكدح ولو كان على حساب بيتها ومنزلها.
ومما ينبغي مراعاته : أولاً : أن المرأة تثاب على طاعتها لزوجها وتؤجر على ذلك عند الله تعالى . وثانيا : أن هذه الطاعة في غير معصية الله تعالى فقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وثالثا : كما أن الزوج له حق الطاعة فقد أمره الشرع بحسن التعامل مع زوجته وحسن عشرتها ، قال تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف ...) البقرة/228. فلا يعسفها ويظلمها ويصدر إليها الأوامر الفظة ، وإنما يسوسها بالحكمة ويأمرها بما فيها صلاحها وصلاحه وصلاح البيت مع اللين والرفق ، وقال صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".