لاشك أن السؤال عن هل يجب على الزوج الانفاق على زوجته العاملة ؟ صار مطروحًا في الآونة الأخيرة ، حيث نجد بعض الأزواج يتكاسلون عن العمل ومن ثم يقصرون في نفقات المنزل معولين على رواتب زوجاتهم اللاتي خرجن للعمل ، وهذا ما يجعل الوقوف على حقيقة هل يجب على الزوج الانفاق على زوجته العاملة ؟ ضرورة ، منعًا لمخالفة الشرع الحنيف.
هل يجب على الزوج الانفاق على زوجته العاملة
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الرجل ملزم ببيته سواء تعمل زوجته أو لا تعمل ، مشيرًا إلى أن دخول النساء إلى مجال العمل قد يتسبب أحيانًا في ظروف اقتصادية صعبة قد يواجهها الأزواج.
وأوضح “ فخر ” في إجابته عن سؤال: هل يجب على الزوج الانفاق على زوجته العاملة ؟، أنه كذلك قد يؤدي عمل المرأة إلى تكاسل بعض الأزواج عن أداء أدوارهم في الأسرة، لكن لا يوجد أمر صريح ينص على أن المرأة يجب أن تبقى في المنزل فقط.
وأضاف: و في الواقع، هناك العديد من الصحابيات اللاتي كن يعملن، وكان معروفًا عنهن العمل وكسب الرزق من خلال ما تصنعه أيديهن، ومن ثم إذا رغبتِ الزوجة في الخروج للعمل، فلا مانع من ذلك، ولكن يجب الالتزام بالاحتشام وتجنب التبرج كما كان في الجاهلية الأولى.
واستشهد بما ورد في قوله تعالى بالآية الكريمة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، منوهًا بأنها تُشير إلى أهمية الالتزام بالاحتشام وتجنب التبرج المبالغ فيه، فالهدف من هذه الآية هو الحفاظ على الحياء والاحتشام في المجتمع.
وأشار إلى أن الأصل في عمل المرأة هو أن تكون في بيت زوجها وتربية أولادها، ولكن إذا اقتضت الظروف خروج المرأة للعمل، فلا مانع من ذلك، لافتًا إلى أن بعض الذين ينادون بعدم عمل المرأة قد يحتاجون فعلاً إلى النساء العاملات في بعض المجالات.
وتابع: مثل الطب والتعليم، فعلى سبيل المثال، قد نجد شخصًا يرفض عمل المرأة ثم يحتاج إلى طبيبة لعلاج زوجته أو معلمة لتعليم أولاده، مما يبرز الحاجة الفعلية لعمل المرأة في بعض المهن.
ونبه إلى أن اتباع الضوابط الشرعية يضمن التوازن بين العمل والالتزام بالقيم الإسلامية، ويجب على كل رجل أن يقوم بمسؤولياته، سواء كانت زوجته تعمل أم لا، وأن يحافظ على بيته ويتحمل مسؤوليته كاملة.
نفقة الزوجة العاملة
ورد أنه لا تَسقُطُ النَّفَقةُ على المرأةِ العامِلةِ إذا شُرِطَ على الزَّوجِ قبلَ الزَّواجِ أن تَعمَلَ، وتجِبُ النَّفَقةُ عليه، قاله ابنُ باز، والدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ: ما ورد عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((قالت هِندُ -امرأةُ أبي سُفَيانَ- للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ أبا سُفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، وليس يُعطيني ما يَكفيني ووَلَدي إلَّا ما أخَذْتُ منه وهو لا يَعلَمُ. قال: خُذي ما يَكفيكِ وولَدَكِ بالمعروفِ ))، وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ النَّفَقةَ واجِبةٌ على الزَّوجِ، فلا تَسقُطُ بحالٍ، ومن ذلك إن شُرِطَ عليه عَمَلُها قَبلَ العَقدِ، فلا تَسقُطُ نَفَقتُها.
ما حكم نفقة الزوج على زوجته العاملة
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها وإن كانت تعمل؛ فقد ثبت وجوب نفقة الزوجة بالكتاب والسنة والإجماع.
واستشهدت " الإفتاء" ، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم نفقة الزوج على زوجته العاملة؟»، بقول الله تعالى: «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا» [الطلاق: 7]، وقال أيضًا: «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» [البقرة: 233]، وقال أيضًا: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» [الطلاق: 6]، فهذه الآيات واضحة الدلالة في وجوب النفقة للزوجات.
متى تبدأ النفقة على الزوجة
ورد أن النفقة على الزوجة تبدأ من الدخول عليها، إذا دخل عليها، وصارت تحت تصرفه، وتحت نفقته تبدأ النفقة عليها، أما مادامت عند أهلها؛ فلا نفقة لها إلا إذا كان التأخير منه هو الذي أخرها، أما إذا كان الامتناع منهم، طلبوا منه تأجيلها؛ فإن النفقة عليهم.
أما إذا هو الذي تركها عندهم متساهلًا؛ فالظاهر أن عليه النفقة؛ لأن هذا التساهل يشبه أن يكون فرارًا من النفقة، وقد دخلت في عصمته، والله -جل وعلا- أمر بالمعاشرة بالمعروف، قال: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الآية 19 من سورة النساء، وليس من المعروف أن لا ينفق عليها، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وهذا يعم المدخول بها، وغير المدخول بها، إلا إذا كان بقاؤها عند أهلها باختيارهم، ورغبتهم هم فالنفقة عليهم.