مبادرة حياة كريمة تعد أكبر مشروع تتبناه الدولة لتحسين واقع حياة حوالي 60 مليون مصري يعيشون في الريف، وتهدف إلى انتشالهم من براثن الفقر والجهل والفساد.
وأوضحت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أنه أُطلقت مبادرة “حياة كريمة” في 2 يناير 2019 –وهي أحد مكونات برنامج التنمية المحلية لتطوير القرى المصرية- لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الدولة، في مبادرة هي الأكبر عالميًا في العصر الحديث، فالمشروع يمكن اعتباره مشروع القرن للألفية الجديدة، وأيقونة مصرية للجمهورية الجديدة، وهو بمثابة إعادة رسم خريطة مصر وتوزيع البشر والإمكانات الاقتصادية على كل ربوع مصر، بما يستجيب لمشكلات الحاضر وتحديات المستقبل.
مبادرة حياة كريمة
من جانبه، قال علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن مبادرة حياة كريمة تتماشى مع الجهود الرامية لتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة الالتزامات الواردة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تندرج ضمن تنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة 2030.
وأضاف شلبي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي تهدف إلى تفعيل جوهر الدستور المصري، وتعزز تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، وتعمل على تقليص الفجوات الاجتماعية، مما يساهم في ترسيخ حقوق المواطنة وتسريع وتيرة التنمية التي تجعل الإنسان محوراً لها. وأكد أن هذه المبادرة تساهم أيضاً في تعزيز الاستقرار السياسي وتحسين الأداء الديمقراطي في المجتمع.
وأوضح أن مبادرة حياة كريمة تعمل على تقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وبين الحضر والريف، مما يحسن نوعية حياة المواطنين، ويعزز قيمة الكرامة الإنسانية التي تمثل جوهر فكرة حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق تتبنى مبادرة حياة كريمة نهجًا شموليًا من خلال التركيز على جميع جوانب الحياة الكريمة ودمجها في تدخلاتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، يرتكز على ما يلي:
تدخلات اجتماعية وتنمية إنسانية: وتشمل بناء وتأهيل الإنسان وتستهدف الأسرة والطفل والمرأة وذوي الهمم وكبار السن ومبادرات توعوية وتوزيع مواد غذائية مدعمة وسلات طعام للأسر الفقيرة وزواج اليتيمات بما يشمل تجهيز منازل الزوجية وعقد أفراح جماعية، فضلًا عن تنمية الطفولة من خلال إنشاء حضانات منزلية لترشيد وقت الأمهات في الدور الإنتاجي وكسوة أطفال.
تدخلات تعليمية: وتشمل بناء ورفع كفاءة المدارس والحضانات وتجهيزها وتوفير الكوادر التعليمية وإنشاء فصول محو الأمية.
تدخلات خدمية: وتشمل تطوير البنية التحتية من خلال رفع كفاءة المنازل، وبناء الأسقف والمجمعات السكنية في القرى الأكثر احتياجًا، وتوفير إمدادات المياه والصرف الصحي والغاز والكهرباء داخل المنازل.
تدخلات طبية: وتشمل توفير العديد من خدمات الرعاية الصحية، مثل: بناء المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، وتوفير المعدات الطبية، وتشغيلها بالكوادر الطبية، فضلًا عن تنظيم القوافل الطبية التي توفر أجهزة السمع والنظارات الطبية والكراسي المتحركة أو العكازات لذوي الاحتياجات الخاصة.
تدخلات اقتصادية: وتشمل إنشاء مشروعات متناهية الصغر، وتدريب وتشغيل من خلال المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وإنشاء مجمعات صناعية وحرفية، وتوفير فرص عمل، وتعزيز دور التعاونيات الإنتاجية في القرى.
تدخلات بيئية: وتشمل مراعاة المبادرة للبعد البيئي لضمان استدامتها من خلال الاستثمار في العقول بالمدارس والجامعات، ومناهج علمية متخصصة بالتعاون مع جامعات دولية لتحقيق التنافسية في اعتماد المناهج والبرامج الدراسية المصرية، بالإضافة إلى جمع مخلفات القمامة مع بحث سبل تدويرها.
وأنهت المبادرة عصور التهميش في كافة قرى مصر التي ظلت على مدى عقود طي النسيان والإهمال، لتحسين حياة 60 مليون مواطن بإحداث طفرة شاملة للبنية التحتية والخدمات الأساسية، والارتقاء بجودة حياة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتخفيف عن كاهل المواطنين بالتجمعات الأكثر احتياجاً فيالريف والمناطق العشوائية فيالحضر، والتنمية الشاملة للتجمعات الريفية الأكثر احتياجاً، بهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد، وتوفير فرص عمل لتدعيم استقلالية المواطنين وتحفيزهم للنهوض بمستوى معيشتهم، والاستثمار فيتنمية الإنسان، وسد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى وتوابعها، وإحياء قيم المسئولية المشتركة بين كافة الجهات الشريكة وتنظيم صفوف المجتمع المدني لتوحيد التدخلات التنموية فيالمراكز والقرى وتوابعها.
وتنقسم مبادرة حياة كريمة إلى ثلاث مراحل رئيسية، المرحلة الأولى تستهدف القرى ذات نسب الفقر الأكثر من 70%، وتشمل المرحلة الثانية القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والمرحلة الثالثة تتضمن القرى ذات نسب الفقر الأقل من 50%، وتهدف إلى القضاء على الفقر وإحداث تنمية شاملة في كافة القطاعات وتستهدف المبادرة فيكافة الفعاليات الأسر الأكثر احتياجاً فيالتجمعات الريفية، وكبار السن، وذوى الاحتياجات الخاصة، والنساء المعيلات والمطلقات، والأيتام والأطفال، والشباب العاطل عن العمل.
جهود حياة كريمة فى محافظات مصر
وحققت حياة كريمة، منذ انطلاقها في 2019، عدة إنجازات في كافة القطاعات التي تعمل بها، واستهدفت المرحلة التمهيدية للمشروع التي تم الانتهاء منها بنسبة 100 %، تنفيذ تدخلات في 375 قرية ب14 محافظة استفاد منها 4 5 ملايين مواطن، بإجمالي إنفاق 13.5 مليار جنيه. يغطى المشروع في مرحلته الأولى (2021-2023) أكثر من 4500 قرية بإجمالي 175 مركزا في 20 محافظة، وبنهاية العام بلغ متوسط نسبة تنفيذ مشروعات المرحلة 85 % بقيمة 200 مليار جنيه، ولم تغفل المبادرة بناء الإنسان، فأقامت 215 حوارا مجتمعيا للأهالي، و154 ندوة طلابية بالجامعات ووفرت 100 جولة ميدانية لزيارة مشروعاتها.
وفي المجال الطبي أطلقت 701 قافلة طبية، وأنشأت 221 وحدة بيطرية، و83 قافلة بيطرية بجانب ندوات لتوعية الفلاحين والمزارعين وصلت إلى 98 ندوة، وأطلقت مبادرات استفاد منها ملايين من المواطنين الأكثر فقرا واحتياجا في قطاعات الصحة والتعليم، ومبادرة «وصل الخير» التي استفاد منها 1 5 ملايين مواطن، ومبادرة «راجعين نتعلم» التي استهدفت 40 ألف طالب وطالبة، ومبادرة «يدوم الفرح» لتجهيز ومساعدة الفتيات المقبلات على الزواج، واستفاد منها 800 فتاة، وفي مجال التعليم أطلقت «حياة كريمة» مبادرة «التعليم حياة» التي استفاد منها 24 ألف طالب وطالبة، كما تم إطلاق مبادرة «ستر وعافية» بموجب عدد مستفيدي 320 ألف مواطن، بجانب مبادرة «أنت الحياة» واستفاد منها 52 ألف مواطن، وشملت مبادرات «حياة كريمة» مبادرة «كتف في كتف» التي وصل حجم المستفيدين منها إلى أكثر من 4 ملايين أسرة، كما تم إطلاق مبادرة «خيرك سابقا» التي استهدفت الوصول إلى 5 ملايين مواطن، وتجوب المبادرات كافة محافظات الجمهورية للوصول إلى أكبر قدر من المستفيدين.
وأوضحت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أنه بغضّ النظر عما تم إنجازه من عمليات تطوير، فالأهم هو قياس الأثر التنموي لتدخلات المبادرة، وكان للمبادرة أثر كبير فيخفض معدلات الفقر متعدد الأبعاد فيالريف، وخفض معدلات الفقر فيالمرحلة التمهيدية في375 قرية، بنسبة 11%.
وأطلقت وزارة التخطيط مؤشر جودة الحياة لقياس مستوى التقدم الحاصل فيإتاحة الخدمات الأساسية فيالقرى المستهدفة، ومن المستهدف أن يرتفع المؤشر من 30% حالياً إلى 90% بعد انتهاء المشروعات المنفذة فيالمرحلة الأولى.
وأضافت الدراسة أن المشروعات التي يتم تنفيذها على مدار السنوات الماضية في4500 قرية، كل واحدة منها لها ظروفها وطبيعتها الخاصة وحجم العمل المقدَّر لم تكن بالسهولة بحيث يمكن لأجهزة الحكومة القيام بها بمفردها، وقامت المبادرة في الأساس على تضافر جهود الدولة مع خبرة مؤسسات المجتمع المدني، ودعم المجتمعات المحلية فيإحداث التحسن النوعي فيمعيشة المواطنين المستهدفين ومجتمعاتهم على حد السواء.
جدير بالذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أطلق مبادرة حياة كريمة بقرار رقم 902 لسنة 2019، لتكون المظلة الرسمية لعمل الشباب المتطوع في المبادرة لمتابعة المشروع، وتوطين أهداف التنمية المستدامة، التي تهدف إلى إيجاد تدخلات فاعلة نحو إحدى أهم القضايا المجتمعية، والمتمثلة في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة للسكان الأكثر احتياجا في المناطق الفقيرة والعشوائيات الحضرية غير المخططة، والمناطق البديلة للعشوائيات غير الآمنة والقرى الفقيرة على مستوي الجمهورية، سعيا للقضاء على الفقر المدقع، في إطار أهداف حلم الجمهورية الجديدة.