اقترب عقار أرض الجولف على تسجيل 48 ساعة من انهياره، شهدت العديد من الكواليس والتفاصيل منذ لحظة السقوط وحتى صباح اليوم مع استكمال عمليات البحث ورفع الأنقاض في العقار المنكوب، والتي تلت عملية انتشال الضحية الرابعة من أسفل الكمرات الخرساينة في ساعات الفجر صباح اليوم الخميس.
52 عام.. حكاية عقار أرض الجولف
عقار أرض الجولف بدأت قصته قبل 52 عاما، في عام 1972 حينما حصل أصحابه على تراخيص من محافظة القاهرة لتشييد العقار، وكان حينها مكونا من 4 طوابق، ثم عادوا بعد 6 سنوات فقط لاستخراج ترخيص جديد بالطابق الخامس، وبدأت قصة ذلك العقار الذي وقف شاهدا على تفاصيل وحكايات من أرض الجولف.
سكن عقار أرض الجولف العديد من العائلات «الهاي كلاس» كما وصفهم الجيران، فعلى مدار السنوات الماضية كان العقار واقفا أعلى صيدلية وكوافير ومحل ثالث، يسكنه أسر راقية لا صوت يعلو بداخله سوى بعض أصوات الصغار الذين يلهون في الصباح، وبين طوابقه كانت الذكريات بين الطفولة والشيخوخة حتى دقت ساعات ظهر الثلاثاء 2 سبتمبر.
ارتطام قوي.. لحظة سقوط عقار أرض الجولف
مع اقتراب العقرب الأوسط للساعة لأكتماله على الساعة 12 حدث ارتطام قوي داخل عقار أرض الجولف، جعل المتواجدين في الصيدلية والمحلات الأخرى يخرجون منها مسرعيين في اعتقادهم أن زلزال ضرب العقار إلا أنه وقبل وصولهم إلى الرصيف الأوسط في شارع محمد عبدالهادي المتفرع من شارع النزهة التاريخي كان العقار قد انضمت طوابقه مثل صفحات الكتاب.
سقط عقار أرض الجولف بـ مدينة نصر في ثواني معدودة فوق بعضه، وتعالت الصيحات والصرخات بمحيط العقار وسرعان ما تجمعت أسر الحي الراقي بمحيط العقار وبدأت المكالمات تنهال بين غرف عمليات النجدة والحماية المدنية، الجميع يصرخ من أمام العقار «الحقونا العمارة وقعت» وماهي إلا دقائق معدودة هدأت فيها الأتربة المتصاعدة من الانهيار حتى كانت السرائن تجوب شوارع مصر الجديدة.
سرائن الإسعاف والحماية المدنية في الحي الراقي
سيارات للحماية المدنية وأخرى من هيئة الإسعاف المصرية، تجوب يمينا ويسارا من مدينة نصر ومصر الجديدة مسرعة صوب العقار، وبحلول 45 دقيقة على انهيار عقار أرض الجولف كانت المنطقة بأكمالها مكتظة بسيارات المحافظة وأجهزة وزارة الداخلية ووحدات الإسعاف، وبدأت الأوناش الضخمة في سحب 5 سيارات سقط عليهم ركام العقار المنكوب.
وفي بداية التعامل مع بلاغ انهيار عقار أرض الجولف تم استخراج سيدة مصابة خمسينية تدعى شيرين بالغة من العمر 58 عاما، ونقلها سريعا إلى المستشفى لإنقاذها تلاها شخصين آخرين، وقامت حينها أجهزة محافظة القاهرة بالدفع بونش عملاق قام بربط الكمرة الخرسانية الخاصة بسطح العقار، استعدادا لرفعها والبحث أسفلها في الأنقاض المتراكمة فوق بعضها.
تصريحات أولية لـ محافظة القاهرة بعد انهيار العقار
سرعان ما تحرك الجزء المتبقي من عقار أرض الجولف بمجرد محاولة رفض الكمرة الخرساينة الضخمة فتوقفت الأعمال، وحينها وصل محافظ القاهرة ومدير الأمن ومن بعدهم وزيرة التنمية المحلية إلى محيط العقار المنكوب، وخرجت المحافظة في معلومات أولية عن الحادث تتحدث عن تفاصيل وكواليس المعاينة والفحص المبدئي.
محافظة القاهرة قالت في تصريحات أولية أن العقار حاصل على ترخيص عام 1972 بإقامة 4 طوابق ومن ثم ترخيص آخر عام 1978 بتشييد الطابق الخامس، وأن السبب يرجح بأن يكون مالك الشقة المتواجدة في الطابق الأول كان يقوم ببعض أعمال التشطيبات والصيانة لتحويلها إلى مركز طبي وهو ما نتج عنه انهيار ارجاء العقار في دقائق وأن الحصيلة الأولية للحادث استخراج 3 مصابين والبحث جاري عن 6 مفقودين أسفل الأنقاض.
رحلة البحث عن أحياء أسفل أنقاض عقار أرض الجولف
من هُنا بدأت رحلة الفحص وتحديد هوية المفقودين أسفل الأنقاض الضخمة، وباتت القائمة تتضمن سيدة ستينية حضرت لمساعدة أخرى والعمل لديها بالإضافة لـ فتاة أفريقية تعمل مربية أطفال وكذا طالب بالأكاديمية البحرية وآخرين، وتم الاستعانة حينها بالكلاب البوليسية للبحث في الأنقاض عن ثمة ناجيين، حيث تم تحديد مكان تواجد أحدهم وهي مربية الأطفال المفقودة اسفل الأنقاض.
رجال الحماية المدنية كان لهم ملحمة في عقار أرض الجولف، حيث بدأت رحلة البحث بسماع اصواتا من أسفل الأنقاض وجرى البحث بإسلوب فني دقيق لمنع تحرك طبقات الخرسانة الضخمة فوق المتواجدين اسفلها ظنا بأن هناك نسبة لإنقاذ أي أحياء قد يكونوا محتجزين في الأسفل، وتم البدء في رفع هذه الأنقاض شيئا فشيئا للوصول إلى سكان العقار.
خروج أول جثمان من أسفل أنقاض عقار أرض الجولف
مع دقات الساعة السادسة مساء، وبعد مرور 6 ساعات على انهيار عقار أرض الجولف، كانت الأمور في الواجهة متوقفة تماما والأوناش لا تتدخل تخوفا من تحرك الأنقاض فوق المحتجزين أسفلها، وتم الدفع حينها بـ الكشافات الضخمة لإنارة محيط الأنقاض تزامنا مع قطع الكهرباء، كما تم الاستعانة بالقواطع الكهربائية اللاسلكية لتقطيع الكمرات الخرسانية الضخمة وصولا إلى أحياء أسفل العقار.
ظلت العمليات في عقار أرض الجولف حتى مر أكثر من 14 ساعة وكان الجميع يؤكد حينها بأن هناك أشخاص على قيد الحياة أسفل هذه الأنقاض الضخمة، وبالفعل قبل رفع أذان الفجر من مسجد جمال الدين عامر المواجه للعقار تم انتشال فتاة أجنبية تدعى مريم بالغة من العمر 24 عاما إلا أنها كانت قد فارقت الحياة وتم وضعها في أكياس سوداء، وماهي دقائق إلا وتم استخراج الجثمان الثاني لسيدة أخرى تدعى ايفيت ونقلهم إلى ثلاجة مستشفى منشية البكري.
4 جثامين و3 مصابين في انهيار عقار أرض الجولف
مع ساعات الصباح الأولى كان قد تم الإعلان عن حصيلة جديدة بإصابة 3 أشخاص وتأكد وفاة شخصين جراء انهيار عقار أرض الجولف، وظلت عمليات البحث أسفل الأنقاض ورفعها، مع استمرار عمليات البحث والتحري عن أحد الاشخاص المتسببين في انهيار العقار، حيث تم القبض عليه بعد ساعات بلغت 29 ساعة على انهيار العقار، والتحفظ عليه لعرضه على النيابة العامة في القاهرة.
بمرور 32 ساعة على انهيار عقار أرض الجولف، انتشلت أجهزة الحماية المدنية الجثمان الثالث من أسفل الكمرات الخرسانية، وتبين بالكشف أنها جثة لشاب طالب في الأكاديمية البحرية بالغ من العمر 24 عاما، وتم إيداعه إلى جوار الضحايا الآخرين في ثلاجة مستشفى منشية البكري، وتابعت الأجهزة عمليات البحث، حتى تم العثور على الجثمان الرابع مع دقات الثانية والنصف صباحا صباح اليوم الخميس، قبل مرور 40 ساعة على الانهيار.
حادث عقار أرض الجولف مر على وقوعه 46 ساعة.. لم تتوقف خلالهم عمليات البحث ورفع الأنقاض، فـ بين ليلة وضحاها بات العقار رقم 30 الذي يقف على ناصية شارع محمد عبدالهادي متفرعا من شارع النزهة بطوابقه الخمسة ركاما على الأرض، مخلفا ورائه 3 مصابين و4 جثامين حتى اللحظة ولا زالت عمليات البحث ورفع الأنقاض مستمرة في الحادث.