لاشك أن الاستفهام عن هل يجوز قراءة الفاتحة عند الخطوبة والزواج والبيع والشراء وعلى قبر الميت؟، يعد أحد أسرار هذه السورة العظيمة التي تنبع أهميتها من ارتباطها بالصلاة وهي ثاني أركان الإسلام، إلا أن هناك عادة منتشرة بخصوص هذه السورة ، حيث يفتتح بها الناس كافة أعمالهم ، ومن ثم ينبغي الوقوف على حقيقة هل يجوز قراءة الفاتحة عند الخطوبة والزواج والبيع والشراء وعلى قبر الميت؟.
هل يجوز قراءة الفاتحة عند الخطوبة
قال الدكتور أحمد العوضي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن قراءة الفاتحة عند عقد الزواج وعند الموت، من العادات الجميلة التي لها أصل شرعي.
وأوضح “ العوضي” في إجابته عن سؤال: هل يجوز قراءة الفاتحة عند الخطوبة والزواج والبيع والشراء وعلى قبر الميت؟، أن هذه العادة متأصلة في الثقافة المصرية، حيث تُقرأ الفاتحة في مناسبات متعددة كعقد الزواج وعند الوقوف على قبر المتوفى.
وأضاف أن القرآن الكريم يقول عن سورة الفاتحة إنها هي السبع المثاني، والله عز وجل يقول: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87]، و السبع المثاني هي الفاتحة.
وتابع: وجرت عادة الناس أن قراءة الفاتحة تكون في كل شيء، صحيح في بداية البيع يقولون: سمعونا الفاتحة، وفي إتمام عقد الزواج، نقول: قرأنا الفاتحة، في أمور أخرى أيضًا نقرأ الفاتحة، هل هذا له مستند شرعي؟ نعم.
واستند لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير السبع المثاني إنها سورة الفاتحة، وورد في سنته صلى الله عليه وسلم قراءة الفاتحة عند كل أمر ذي بال، وخاصة عند الوفاة وعند حضور جنازة إنسان.
وأشار إلى أن الإمام البخاري بوب في صحيحه باب "قراءة الفاتحة" و"قراءة فاتحة الكتاب عند الجنازة"، مؤكدا أن الإمام ابن ماجه روى عن أم شريك رضي الله عنها قولها: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب على الجنازة".
واستطرد: كما ورد عند الإمام الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقراءة فاتحة الكتاب على الميت، والفقهاء أخذوا من هذه النصوص أن فاتحة الكتاب تقرأ عند مقدمة الأمور ذات الأهمية، مثل الزواج والبيع والشراء.
ونبه إلى أن ذلك تيمناً وبركة ورحمة، موضحًا أن قراءة الفاتحة في هذه المناسبات تُعتبر بمثابة عقد، ولا يجوز نقضه بعد قراءتها، فهي تُعزز الإتمام وتطلب البركة من الله سبحانه وتعالى.
حكم قراءة الفاتحة عند البيع والشراء والزواج
وكانت دار الإفتاء المصرية ، قد بينت أنه يجوز قراءة الفاتحة عند عقد الزواج، بل ويستحب ذلك تبركًا وتيامنًا بها؛ لاتفاق علماء المسلمين سلفًا وخلفًا على استحباب قراءتها في إنجاح المقاصد وقضاء الحوائج وتيسير الأمور وإجابة الدعاء وغير ذلك من الأمور الدنيوية والأخروية، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين عبر العصور، ودلت النصوص الشرعية على أن فيها من الخصوصية ما ليس في غيرها؛ فالله تعالى يقول: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87]؛ والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ» رواه الدارقطني والحاكم، وفي حديث آخر يقول: «يَا جَابِرُ، أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ»، قال راوي الحديث: وأحسبه قال: «فِيَها شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
مشروعية قراءة الفاتحة في بداية المجالس
وأفادت بأن قراءة الفاتحة في استفتاح الدعاء أو اختتامه أو في قضاء الحوائج أو في بداية مجالس الصلح أو في عقد النكاح أو غير ذلك من مهمات الناس هو أمرٌ مشروعٌ بعموم الأدلة الدالة على استحباب قراءة القرآن من جهة، وبالأدلة الشرعية المتكاثرة التي تدل على خصوصية الفاتحة في إنجاح المقاصد وقضاء الحوائج وتيسير الأمور من جهة أخرى.
قراءة الفاتحة ببعض المواضع
ولفتت إلى أنه جاء عن الصحابة الحثُّ على قراءة الفاتحة في بعض المواضع مع عدم ورود نص بخصوصه في ذلك؛ فروى ابن أبي شيبة في "المُصَنَّف" (7/ 98، ط. دار الفكر) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: "مَن قرأ بعد الجمعة فاتحةَ الكتاب و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ حفظ ما بينه وبين الجمعة".
وواصلت: كما أن في خصوص الاستفتاح بها تأسيًا بالكتاب العزيز؛ فإنها ما سميت فاتحةً إلا لأن القرآن فُتِح بها، وفاتحة الشيء أولُه، وقراءتها في استفتاح الأمور طلب للهداية والمعونة من الله تعالى فيها. وفي ذلك يقول العلامة ابن القيم الحنبلي رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (4/ 347-348، مؤسسة الرسالة): [فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظة القوة، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن؛ لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنـزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك.
وذكرت أنه لما وقع بعضُ الصحابة على ذلك رَقى بها اللديغَ فبَرأَ لوقته، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ». ومن ساعده التوفيق وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة وما اشتملت عليه من التوحيد، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى مَن له الأمر كله وله الحمد كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباطَ معانيها بجلب مصالحهما ودفع مفاسدهما، وأن العاقبة المطلقة التامة والنعمة الكاملة منوطة بها، موقوفة على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقَى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابه، وهذا أمر يحتاج إلى استحداث فطرة أخرى وعقل آخر وإيمان آخر] اهـ.
وقد استدل العلماء على قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ؛ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قَالَ الله تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي -وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي-، فَإِذَا قَالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ».
وعلى ذلك جرى فعل السلف الصالح من غير نكير، فأخرج أبو الشيخ في "الثواب" عن عطاء رحمه الله تعالى أنه قال: "إذا أردتَ حاجةً فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختمها تُقْضَى إن شاء الله". وقال العلامة مُلا علي القاري في "الأسرار المرفوعة" (ص: 253، ط. مؤسسة الرسالة): [وهذا أصلٌ لِمَا تعارف الناس عليه مِن قراءة الفـاتحة لقضاء الحاجات وحصول المهمات] اهـ.
استحسان قراءة الفاتحة ببعض المواضع
نص الحنفيةُ مثلًا على استحسان قراءة الفاتحة على الطعام: قال العلامة الخادمي الحنفي في "بريقة محمودية" وهو يتحدث عن آداب الطعام (4/ 111، ط. دار إحياء الكتب العربية): [أما قراءة الفاتحة: فعن بعض العلماء عن "شرح مختصر الإحياء" لعلي القاري: وقول قراءة سورة الفاتحة المشتملة على التحميد والدعاء بالاستقامة كما هو المتعارف بين العامة مُستحسَنٌ خلافًا لمن منعه] اهـ.
والمعتمد عندهم جواز قراءة الفاتحة في أدبار الصلوات المكتوبة: قال العلامة الخادمي في "بريقة محمودية" (1/ 98): [وأما قراءةُ الفاتحة أدبارَ المكتوبات فكثيرٌ فيها أقاويلُ الفقهاء: فعن "معراج الدراية" أنها بدعة، لكنها مستحسنة للعادة، ولا يجوز المنع.
وعن "فتاوى برهان الدين" يُكرَه قراءة الفاتحة بعد المكتوبة لكفاية المهمات جهرًا ومُخَافَتةً. وعن "فتاوى السعدي" لا يُكرَه.
وفي "التتارخانية" و"القنية" و"الأشباه": الاشتغال بقراءة الفاتحة أولى من الأدعية المأثورة في أوقاتها، ومِن الأوقات المأثورة: أدبارُ الصلوات؛ إذ وردت أدعية كثيرة أعقاب الصلوات عن سيد السادات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات.. وفي "فصول الأسروشني": وقراءة الفاتحة أولى من الأدعية المأثورة في أوقاتها.. والذي تَحَرَّر مِن هذه النُّقُول: ترجيحُ جانب الجواز؛ لكثرة قائله, وأن البـدعة الممنوعة: ما لا يكون لها إذنُ إشارة ودلالة، وسورة الفاتحة سورة تعليم طريق الدعاء، وسورة المسألة، وسورةٌ نزلت لبيان طريق الأفضل من الدعاء، فأفضل الأدعية إنما يليق ويجري في أفضل الأوقات، ومِن أفضل الأوقات أدبارُ الصلوات، فلا كلامَ في أصل قراءتها] اهـ.
ونص المالكية على جواز قراءتها عند الوداع في السفر: قال العلامة الصاوي في "حاشيته على الشرح الصغير" (1/ 487، ط. دار المعارف): [وما يقع من قراءة الفاتحة عند الوداع فأنكره الشيخ عبد الرحمن التاجوري وقال: إنه لم يرد في السنة، وقال الأجهوري: بل ورد فيها ما يدل لجوازه, وهو غير منكر] اهـ.
وعند الشافعية: جاء في "فتاوى العلامة الشهاب الرملي" الشافعي (160-161، ط. المكتبة الإسلامية): [سئل عن قراءة الفاتحة عقب الدعاء بعد الصلوات؛ هل لها أصل في السنة أم هي محدثة لم تعهد في الصدر الأول؟ وإذا قلتم محدثة: فهل هي حسنة أو قبيحة؟ وعلى تقدير الكراهة: هل يثاب قائلها أم لا؟ فأجاب بأن لقراءة الفاتحة عقب الدعاء بعد الصلوات أصلًا في السنة, والمعنى فيه ظاهر، لكثرة فضائلها, وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاتحةُ الكتابِ معلقةٌ في العرش ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ». وفيها من الصفات ما ليس في غيرها، حتى قالوا: إن جميع القرآن فيها، وهي خمس وعشرون كلمة تضمنت علوم القرآن؛ لاشتمالها على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجماله، وعلى الأمر بالعبادات، والإخلاص فيها، والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا بإعانته تعالى, وعلى الابتهال إليه في الهداية إلى الصراط المستقيم, وعلى بيان عاقبة الجاحدين. ومن شرفها: أن الله تعالى قسمها بينه وبين عبده، ولا تصح القراءة في الصلاة إلا بها، ولا يلحق عمل بثوابها؛ وبهذا المعنى صارت أم القرآن العظيم, وأيضًا فلكثرة أسمائها, وكثرة الأسماء تدل على شرف المُسَمَّى, ولأن من أسمائها: أنها سورة الدعاء، وسورة المناجاة، وسورة التفويض، وأنها الراقية، وأنها الشفاء، والشافية؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهَا شِفَاءٌ لِكُلِّ دَاء»، وقالوا: إذا عُلِلْتَ أو شَكَيْتَ فعليك بالفاتحة؛ فإنها تَشْفِي] اهـ.
وذكر العلامة ابنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ الشافعي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4/ 29، ط. المكتبة الإسلامية) [أنه يستحب قراءة الفاتحة عند وقوع الطاعون؛ لأنها شفاء من كل داء] اهــ. مختصرًا. وكذلك عند الحنابلة: فقد كان الإمام أحمد بن حنبل يستعمل كتابة الفاتحة في التمائم الشرعية، قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الآداب الشرعية" (2/ 455، ط. عالم الكتب): [قال المرُّوذي: شكت امرأة إلى أبي عبد الله أنها مستوحشةٌ في بيتٍ وحدَها، فكتب لها رقعة بخطه: بسم الله, وفاتحة الكتاب، والمعوذتين، وآية الكرسي] اهـ.
وسبق عن الشيخ ابن تيمية الحنبلي رحمه الله أنه كان يجعلها وِرْدَه في الصباح. وهذا تلميذه العلامة ابن القيم الحنبلي يستحسن قراءة الفاتحة للمفتي عند الإفتاء، وينقل ذلك عن بعض السلف، مع عدم ورود شيء من ذلك بخصوصه في السنة، فيقول في كتابه "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (4/ 198، ط. دار الكتب العلمية): [حقيق بالمفتي أن يكثر الدعاء بالحديث الصحيح «اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السمواتِ والأرضِ، عالِمَ الغيبِ والشهادة، أنت تَحكُمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدِني لِمَا اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم». وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا؛ إنك أنت العليم الحكيم. وكان بعضهم يقرأ الفاتحة, وجربنا نحن ذلك فرأيناه أقوى أسباب الإصابة] اهـ.
وعلى ذلك جرى عمل السلف والخلف حتى صنف الشيخ العلامة يوسف بن عبد الهادي الحنبلي الشهير بابن المِبْرَد رسالةً في ذلك سمَّاها "الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور" نقل فيها كلام العلامة ابن القيم السابق إيراده من كتابه "زاد المعاد"، ثم يقول معقبًا عليه: [وهو كلام عظيم، ولكنه مِنْ فَضْلها كغمسةِ عصفورٍ منقرَه في البحر أو قطرة شربها منه. وقد كان شيخنا أبو الفرج بن الحبال في كثرة استعمالها لقضاء الحوائج ونجاح أمرها على أمر عظيم؛ بحيث إنه إذا كتب لأحد حِرْزًا كتبها أولًا، ثم قرأ عليه، ثم قرأها عند طَيِّه، وكان إذا كتب لأحدٍ رسالةً قرأها عليها. وقد شاهَدْتُ أنا من نجاح الأمور بها أمرًا عظيمًا؛ فقَلَّ حاجةٌ من الحوائج تَعْرِضُ لي -من الحوائج الدنيوية والأخروية- فأقرؤها عليها إلا قُضِيَتْ ونجح أمرُها، وكم من حاجة تعسَّرَتْ، واسْتَدَّتْ طُرُقُها، وحال دونها الموانعُ، فقرأتُها لنجاحها فقُضِيَتْ وعادت أَتَمَّ ما كانت، وكم مِنْ أمر ٍتعسَّر فقرأْتُها له فتقشَّعَتْ غيومُه، وزالت سُحُبه، وأنارت شموسُه. وهي سورة عظيمة؛ فعليك -رَحِمَكَ اللهُ- بالإكثار منها على أمورك وحوائجك وأدوائك ومهماتك وكل ما عَرَض لك، وتأمَّلْ ذلك تَجدْ منه ما يظهر لك. وهي سورةٌ فضائلُها كثيرةٌ، وأسرارُها لا تُحصَى، وإنما يَعْرِفُ الجوهَر أربابُه، والمَسْكَنَ أصحابُه، والمعلِّمَ طُلابُه، وبالله الاستعانة، وهو ولي التوفيق] اهـ.