لا شك أنه يعد ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الفاتحة في الصباح أحد أسرار هذه السورة العظيمة التي ينبغي أن يعرفها كثيرون ، حيث إن سورة الفاتحة هي من أعظم سور القرآن الكريم بحسب ما جاء في نصوص كثيرة بالسُنة النبوية الشريفة، كما أنها ركن من أركان الصلاة فلا يقبل الله صلاة العبد دون قراءة سورة الفاتحة ، وهذا ما يشير إلى فضلها العظيم ويثير الاستفهام عن ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الفاتحة في الصباح وهو أحد طرق الاستدلال على فضلها، والحرص على اغتنامه ، ولأن معرفة الفضل تزيد الحرص ومن ثم الاغتنام ، من هنا ينبغي معرفة ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الفاتحة في الصباح فقد ورد فيه أن سورة الفاتحة هي أعظم سورة في القرآن، ولها فضائل كثيرة ومزايا عظيمة في استجابة الدعاء والرقية والشفاء وقضاء الحوائج.
ماذا يحدث لمن يقرأ سورة الفاتحة في الصباح
ورد عن قراءة سورة الفاتحة في الصباح ، بلا شك أن في قراءة سورة الفاتحة خيرا كثيرا وأجرا عظيما، فقد دلت نصوص الوحي من القرآن والسنة على فضلها؛ فهي أعظم سورة في كتاب الله تعالى، وهِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيهُ النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الصحيح، ولكننا لم نقف على دليل يثبت أن قراءتها في أذكار الصباح والمساء من السنة، أو أنها من الأذكار الواردة بعد الصلاة؛ ولكن لو قرأها الشخص أحياناً فلا حرج في ذلك.
سورة الفاتحة
تعد سورة الفاتحة هي سورةٌ مكيَّةٌ تتكوَّن من سبعِ آياتٍ، سمِّيت بالفاتحة لافتتاح الكتاب بها، كما وسمِّيت أمُّ الكتاب لاشتمالها على معاني توحيد الله -عزَّ وجل-، والتعبُّد بأمر الله ونهيه، وبيان وعد الله ووعيده، وتسمَّى بالسَّبع المثاني؛ لأنَّها تتكوَّن من سبع آياتٍ، ولأنَّها تُثنَّى في الصَّلاة، أي: تُعاد، نزلت قبل هجرة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من مكَّة إلى المدينة.
سبب تسميتها بالفاتحة وأسماؤها الأخرى
سُمّيت سورة الفاتحة بهذا الاسم مُنذ عصر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فهيَ فاتحة الكتاب، بها ابتدأ الله -تعالى- القرآن الكريم لفظاً وكتابةً، وبالفاتحة تُفتتح الصّلاة.
وقد قيل إنّها أوّل سورةٍ نزلت من السّماء كسورةٍ كاملة، ويُطلق على سورة الفاتحة أسماءً أخرى مثل:
سورة الحمد؛ لأنّها تشتمل على الثّناء والحمد لله -تعالى-.
أمّ القرآن؛ لأنّها تُعتبر أصل القرآن الكريم وهي من أفضل السّور، ولأنّها تتضمّن أصول العقيدة الأساسية، وبتطبيق أحكامها يصل العبد للصّراط المستقيم، وقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أُمُّ القُرْآنِ هي السَّبْعُ المَثانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ).
السّبع المثاني؛ لأنّها تتكوّن من سبع آيات. الشّافية؛ لأنّ فيها الشفاء والعلاج. الصّلاة؛ إذ جاء عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنّه قال: (مَن صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فيها بأُمِّ القُرْآنِ فَهي خِداجٌ ثَلاثًا غَيْرُ تَمامٍ. فقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّا نَكُونُ وراءَ الإمامِ؟ فقالَ: اقْرَأْ بها في نَفْسِكَ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قالَ اللَّهُ تَعالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ).
فاتحة الكتاب: لقول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (لا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ). الحمد لله رب العالمين: لقول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هي السَّبْعُ المَثانِي).
فضل سورة الفاتحة
يتمثّل فضل سورة الفاتحة بما يأتي: انفردت سورة الفاتحة بفرضيّتها عن سائر السور في الصّلاة، إذ لا تصح صلاة العبد إلّا بتلاوتها، فهيَ رُكنٌ من أركانها، لقول الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ)، وقال العديد من العلماء إنّها أول ما نزل من القرآن الكريم، وكانت أوّل سورةٍ كاملة نَزَلت.
سورة الفاتحة هي أعظم سور القرآن الكريم، استناداً لما رواه أبي سعيد بن المعلى -رضي الله عنه-: (كُنْتُ أُصَلِّي في المَسْجِدِ، فَدَعانِي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فقالَ: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)، ثُمَّ قالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ، قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ).
وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- في فضلها أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (والذي نفسي بيده، ما أنزل اللهُ في التوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزبورِ ولا في الفرقانِ مثلَها، وإنها سبعٌ من المثاني والقرآنِ العظيمِ الذي أُعطيتُه).
تتضمّن سورة الفاتحة مواضيع عدّة؛ إذ تبدأ بالحمد والثناء والتعظيم لله -تعالى-، وتشتمل على توحيد الله -تعالى- بأقسامه الثلاث، واستحقاقه وحده لالعبادة، وإخلاص العمل له -تعالى-، وفيها توضيح لأقسام النّاس كلٌّ حسب عمله، وإثبات مصير الضّالين والمؤمنين، وسؤال الله -تعالى- الهداية للوصول للطريق المستقيم.
و تُعتبر سورة الفاتحة من الرُّقية الشّرعيّة، وذلك استناداً لِما رواه أبو سعيد الخدريّ -رضيَ الله عنه-: (أنَّ نَاسًا مِن أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كَانُوا في سَفَرٍ، فَمَرُّوا بحَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقالوا لهمْ: هلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فإنَّ سَيِّدَ الحَيِّ لَدِيغٌ، أَوْ مُصَابٌ، فَقالَ رَجُلٌ منهمْ: نَعَمْ، فأتَاهُ فَرَقَاهُ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِن غَنَمٍ، فأبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقالَ: حتَّى أَذْكُرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، وَاللَّهِ ما رَقَيْتُ إلَّا بفَاتِحَةِ الكِتَابِ، فَتَبَسَّمَ وَقالَ: وَما أَدْرَاكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قالَ: خُذُوا منهمْ، وَاضْرِبُوا لي بسَهْمٍ معكُمْ. وفي رواية: بهذا الإسْنَادِ. وَقالَ في الحَديثِ: فَجَعَلَ يَقْرَأُ أُمَّ القُرْآنِ، وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ فَبَرَأَ الرَّجُلُ).
وُصفت سورة الفاتحة بأنّها نورٌ بُشّر به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على لسان ملكٍ مُنزَل من السّماء، فقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما-: (بيْنَما جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِن فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: هذا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليومَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَنَزَلَ منه مَلَكٌ، فَقالَ: هذا مَلَكٌ نَزَلَ إلى الأرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَسَلَّمَ، وَقالَ: أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بحَرْفٍ منهما إلَّا أُعْطِيتَهُ).
معاني آيات سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم بدأت السورة بحرف جر الباء لتُفيد الابتداء، ويُقصد من بسم الله التبرّك والتوكّل به -سبحانه وتعالى- وسؤاله وطلب العون منه في التمام والقبول، إذ يدعو العبد بأسماء الله الحسنى امتثالاً لقوله -تعالى-: (وَلِلَّـهِ الأَسماءُ الحُسنى فَادعوهُ بِها وَذَرُوا الَّذينَ يُلحِدونَ في أَسمائِهِ سَيُجزَونَ ما كانوا يَعمَلونَ).
وقد أجمع عددٌ من أئمة اللغة العربية؛ كالخليل وسيبويه والشافعي والخطابي وإمام الحرمين وغيرهم على أن الله اسم علم بذاته غير مشتق، وقد قيل إن الله هو الاسم الأعظم من الأسماء الحسنى لكمال صفاته.
وقد أُتبع لفظ الله بصفاتٍ أُخرى؛ وهي الرحمن والرحيم، فالله -تعالى- مُتفرد في صفاته وأسمائه، ويتّصف بعظمة عطفه ولطفه وحنانه على العباد، ولفظ الرحمن مختصٌّ بالله -سبحانه وتعالى- وحده فلا يُطلق وصفه على بشرٍ أبداً.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يُقصد بقول "الحمد لله"؛ أي أنّ الله -تعالى- هو المُستحقّ للحمد، والثّناء، والشّكر، والتّعظيم، والفضل، وذلك لاتّصافه -جل وعلا- بكل صفات الكمال والجمال والفضل، ولأنّ الله -تعالى- هو الواجد للمخلوقات جميعها. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرّحمن الرّحيم: هما اسمان مُشتقّان من الرّحمة، ويحملان المعنى نفسه، إلا أنّ لفظ الرّحمن صيغة مبالغة وكثرة مقارنة بلفظ الرّحيم.
وفسّر آخرون أنّ لفظ الرّحمن عام، والرّحيم خاص، فالرّحمن رازق الخلق جميعاً في الحياة الدنيا دون تفريقٍ بين مسلمٍ وكافرٍ استناداً لقوله -تعالى-: (وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ)، والرّحيم خاص للمسلمين في الآخرة، فقد اختُصّوا بعفوه ورحمته.
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ المقصود "بيوم الدّين" بالآية هو يوم القيامة، وقد اختصّ الله -تعالى- بذكر هذا اليوم رغم امتلاكه أيام الدنيا والآخرة كلّها؛ وذلك بسبب تجلّي ملكه وحده في هذا اليوم.
قال -تعالى-: (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّـهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ). فالله -تعالى- هو المتصرّف الوحيد في هذا اليوم وبيده الأمر كلّه من الثّواب أو العقاب، قال -تعالى-: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّـهِ)، والدّين من الدَّيْن؛ أيّ الحساب، وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله-: "وتخصيص الملك بيوم الدّين لا ينفيه عمّا عداه، لأنّه قد تقدّم الإخبار بأنّه رب العالمين، وذلك عامّ في الدنيا والآخرة. وإنّما أضيف إلى يوم الدّين؛ لأنّه لا يدعى أحد هنالك شيئا، ولا يتكلّم أحدٌ إلا بإذنه".
إياك نعبد وإياك نستعين يُقصد بهذه الآية أنّ المستحقّ الوحيد بالعبادة والاستعانة به هو ربّ الأرباب الله -تبارك وتعالى-، وهي دليلٌ على وحدانيّته -تعالى-.
اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ يطلب العبد من الله -تعالى- أن يدلّه ويرشده على طريق الهداية والصّلاح المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، فيقرأ سورة الفاتحة في كلّ فرض صلاة لأهميّتها في حياته، فيحرص على سؤال الله -تعالى- الهداية والزّيادة في الخير والثبات، فالإيمان يزيد وينقص كما وضّح أهل السنّة والجماعة، وقد كان النبيّ عليه الصّلاة والسّلام- يدعو الله -تعالى- ويقول: (يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ) .
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ تُوضّح الآية الفئة التي ستُرشَد للصّراط المستقيم؛ وهو طريق الهداية والصّلاح، وهم الذين أنعم الله -تعالى- عليهم بفضله، وهم أهل الصّراط من الأنبياء والصِدّيقين والصالحين من المؤمنين، وأمّا المغضوب عليهم فهم الذين عصوا الله -تعالى-، واسْتخَفّوا بعقابه، والتفتوا للدنيا ونسوا الآخرة، فاستحقّوا غضب الله -تعالى- عليهم، وفي الآية نوعٌ من التأدّب مع الله -تعالى- من خلال إلحاق أفعال الإحسان والخير لاسم الله -تعالى-، وفِعل الغضب باسم المفعول "مغضوب".
ثم تنتهي الآية بحرف النّفي "لا" للتأكيد بأنّ من هُدي للصّراط هم عكس المغضوب عليهم والضالين، وقد ذَكر العديد من المفسّرين أنّ المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النّصارى، وقد ورد بتفاسير أخرى أنّ المغضوب عليهم من جَحَد الحقّ رغم علمه به وقرّر تركه وعدم العمل به، والضالين هم الذين انحرفوا عن الطريق فانغمسوا بالضّلال.