تركنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، ونهانا عن كل ما يعرضنا لغضب الله سبحانه وتعالى.
دعاء نهى عنه النبي إياك أن تقوله أبدًا
سيدنا العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول (اللهم ان كنت معذبي بشئ فى الأخرة فإجعله فى الدنيا فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا عباس يا عم رسول الله إنك لن تطيق ولكن سل الله العفو والعافية).
فهناك من يدعو الله ويقول يارب لو كنت هتعذبني فى الاخرة فعذبني فى الدنيا وهذا خطأ لأنك لن تقدر على تحمل البلاء فى الدنيا ولن تقدر على العذاب فى الاخرة.
هل الدعاء على النفس بالسوء مستجاب؟
وأجابت دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، عن سؤال "هل الدعاء على النفس بالسوء مستجاب".
وقالت الإفتاء تحت عنوان «التحذير من الدعاء على النفس والولد والمال»: «نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن أن يدعوَ الإنسانُ على نفسه أو ولده أو ماله أو خدمه؛ فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ؛ لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ» رواه مسلم».
حكمة الابتلاء زيادة الثواب ورفع العقاب
الابتلاء من أقدار الله تعالى ورحمته، يجعل في طياته اللطف، ويسوق في مجرياته العطف، والمحن تحمل المنح، فكلُّ ما يصيب الإنسان من ابتلاءات هي في حقيقتها رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 105، ط. دار المعرفة): [وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا: حصول الثواب، ورفع العقاب] اهـ.
وابتلاء الله تعالى لعباده لا يُحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع؛ لانطوائه على أسرار غيبية وأحكامٍ علوية لا يعلم حقيقتها إلَّا رب البرية؛ قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: 168].
فليس المقصود هو الحكم بظاهر الابتلاءات؛ بل العلم بقدرة الله تعالى، والإسراع في الرجوع إليه، وأن يتفقد الإنسان نفسه بالسكون إلى قضاء الله تعالى والإذعان إلى مراده؛ قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: 43]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ [المؤمنون: 76].
هل الموت راحة كل حي؟
سؤال قد يتبادر إلى ذهن البعض إلا أن حقيقته خلاف ذلك فإن معيار الراحة يتفاوت بين الإنسان وبين عمله، الذي هو في حكم الغيب بالنسبة له، يقول الشحات العزازي، الداعية الإسلامي، إنه يجوز للإنسان أن يتمنى الرحيل عن الدنيا ولقاء الله تبارك وتعالى أسوة بالأنبياء والصالحين، مشيراً إلى أنه يجوز ذلك بشرطين أحدهما تمام النعم وحسن العمل.
ولفت العزازي خلال برنامج لعلهم يفقهون المذاع على فضائية دي ام سي، إلى أنه يجوز للإنسان أن يسأل الله تبارك وتعالى الموت، كما فعل سيدنا يوسف عليه السلام هذا النبي العظيم فبعد أن جمع الله شمله مع أهله قال:" تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ"، وأيضاً سيدنا عمر بن عبدالعزيز عندما تولى الخلافة فكان حريصاً على التقشف ويقول تطيق نفسي إلى الجنة.
كما بين رمضان عبد الرازق الداعية الإسلامي، أن الله تبارك وتعالى كان يخير الأنبياء عند الممات، ولم يؤثر عن نبي أنه أحب البقاء في هذه الدنيا، ما يدل على أنه يجوز للإنسان أن يتعجل لقاء الله إذا تمت النعمة وحسن العمل حتى يلقى ربه معسل.
وحذر على أنه لا يجوز تمنى الموت لضر أصيب به الإنسان، فلا يتمن أحدنا الموت اعتراضاً على قضاء بل شوقاً إلى الله وحسن عملك وسيرتك وسريرتك أو خشي الإنسان على نفسه الفتنة، حيث روي عن النبي قوله:"يكره أحكم الموت وهو خير له من الفتنة ويكره قلة المال وهي أقل من الحساب".