تتسّم العلاقات بين الدولة المصرية والصومال بالقوة والمتانة على مر التاريخ، حيث إن العلاقات بين البلدين شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مدعومة بإرادة سياسية قوية ووضع خطط مستقبلية ورؤى مشتركة في العديد من المجالات، حيث أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء أمس السبت خلال استقباله حمزة عبدي بري رئيس وزراء جمهورية الصومال، ضرورة العمل على عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك مع التأكيد على دعم مصر الكامل لوحدة الصومال.
دعم مصري كامل لوحدة أراضي الصومال
وفي هذا الإطار، يقول السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، إن مصر من إحدى الدول المحورية التي تعد عاملا أساسيا في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وذلك بسبب وجود قناة السويس بها.
وأضاف حليمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الدور المصري في الصومال له تاريخ ممتد منذ جهود وقف الحرب الأهلية في الصومال، وتلك الجهود بين القاهرة ووالصومال ليست بجديدة.
وأشار حليمة، إلى أن مصر تسعى إلى الحفاظ على الأمن القومي المصري، في ظل التحديات الإقليمية والعالمية، وأوضح أن الصومال تقع في منطقة على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن، وهنا يبدو أهمية القرن الإفريقي من الناحية الجغرافية والجيوسياسية.
وأكد رئيس الوزراء - خلال لقائه نظيره الصومالي - دعم مصر الكامل للصومال الشقيق، وحرص الدولة المصرية على دعم وحدة الصومال، مُضيفًا أن الفترة المُقبلة تحمل خيرًا كبيرًا للصوماليين، وأوضح أنه سعيد سعيد للغاية بهذه الزيارة التي تأتي لمتابعة تنفيذ ما تم التوافق عليه خلال لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأخيه الدكتور حسن شيخ، رئيس جمهورية الصومال، خلال زيارته لمصر في 14 أغسطس الماضي.
وأضاف: تحقيق وحدة الصومال ودعم أشقائنا الصوماليين في هذه المرحلة يُعد أحد أهم أولويات الدولة المصرية، وهو ما ينعكس في الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين الجانبين على مدار الفترة الماضية.
ورحّب رئيس الوزراء بحمزة بري والوفد المرافق له في بلدهم الثاني مصر، مؤكدًا عُمق العلاقات التاريخية والإستراتيجية التي تجمع بين القاهرة ومقديشيو على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية.
استثمارات مصرية جديدة في الصومال
وأكد رئيس الوزراء التزام الدولة المصرية وحرصها الكامل على تقديم الدعم اللازم للصومال الشقيق في كافة المجالات.
وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومة المصرية تتحرك بقوة نحو دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين القاهرة ومقديشيو، مشيرًا إلى حرص الجانبين على تعزيز التعاون وتسهيل تقديم التمويلات اللازمة للأعمال التجارية والاستثمارية بين البلدين، في ظل الحرص على تشجيع إقامة استثمارات مصرية جديدة في الصومال.
وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تطلعه بأن يقوم رئيس وزراء الصومال برعاية منتدى أعمال في الصومال في القريب العاجل يجمع رجال الأعمال من البلدين في المجالات المختلفة.
وتابع رئيس الوزراء: جاهزون لتصدير أي سلع أو بضائع يحتاجها الصومال، وسنبذل كل الجهود من أجل تيسير نفاذ هذه السلع والبضائع بما يُلبي احتياجات المواطن الصومالي.
المصالح المشتركة والعلاقات السياسية
وأشاد الدكتور مصطفى مدبولي بما تم اتخاذه من خطوات لتعزيز التعاون والتقارب بين مصر والصومال، مشيرًا في هذا الصدد إلى تشغيل خط الطيران المباشر بين عاصمتي البلدين وافتتاح السفارة المصرية في مقديشيو خلال شهر أغسطس الماضي.
بدوره، أعرب رئيس الوزراء الصومالي، خلال اللقاء، عن شكره وتقديره لحسن استقباله والوفد المرافق له في القاهرة، مؤكدًا أن مصر تعد بمثابة الأخ الأكبر بالنسبة للصومال، حيث يرتبط البلدان بعلاقات قوية تاريخيًا.
وتطرّق رئيس الوزراء الصومالي، إلى التقدم الكبير الذي تشهده العلاقات المشتركة بين مصر والصومال، مشيرا في هذا الصدد، إلى تشغيل خطوط الطيران بين القاهرة ومقديشيو منذ يوليو الماضي، وكذلك افتتاح السفارة المصرية في مقديشيو في 13 أغسطس الماضي.
واستعرض حمزة بري الأوضاع الراهنة في الصومال، وأشار إلى أن بلاده قد شهدت خلال العاميين الماضيين، تطورا حقيقيا على مختلف الأصعدة، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وتابع: "وعلى الصعيد الاقتصادي، شهد الصومال نموا ملحوظا في الناتج النحلي الإجمالي، حيث أن الإيرادات العامة نمت بصورة كبيرة، وشهد الوضع الأمني تحسنا كبيرا، وبفضل الدعم المصري سوف تستطيع الصومال الانتقال إلى مرحلة جديدة أكثر تطورا وأمانا".
وخلال اللقاء عرض رئيس وزراء جمهورية الصومال، عددًا من المطالب المتعلقة بدعم العلاقات بين البلدين، وأعرب عن تطلعه لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال المصريين والصوماليين في مجال الزراعة، وأكد أن الصومال بلد غني بالثروة الحيوانية والسمكية، ومن الممكن أن تستفيد منها السوق المصرية.
اللقاءات والاتصالات الرسمية بين البلدين
وجدير بالذكر، أن وقفت مصر جانب الصومال في نضاله ضد الاستعمار البريطاني والإيطالي، وبعد حصوله على الاستقلال عام 1960، كما واصلت مصر دعم الصومال في جميع مجالات الحياة لكي يعزز موقعه الطبيعي، كجزء أصيل من الوطن العربي، ومنذ اندلاع الأزمة الصومالية عام 1991، وسعت مصر إلى إيجاد حلول وإنهاء الاقتتال بين الأخوة الصوماليين.
وتعد مصر عضوًا فاعلاً في مجموعة الاقتصاد الدولية المعنية بالمشكلة الصومالية، حيث أنها تحرص على المشاركة في كافة الاجتماعات التي تعقدها المجموعة، وقد كثفت مصر تحركاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرًا للأهمية القصوى للصومال في تعزيز الأمن القومي المصري.
وفي أول يناير 2024، أكدت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، وشدّدت مصر على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.
أدانت مصر بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الآثم الذي شهده محيط مطار «آدم عدي» الدولي بالعاصمة الصومالية مقديشيو يوم 23 مارس 2022، مسفراً عن عدد من الضحايا والمُصابين.
كما أعربت مصر، حكومةً وشعباً، حينها عن خالص تعازيها وصادق مواساتها لحكومة وشعب جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة ولأسر الضحايا، متمنيةً سرعة الشفاء لكافة المُصابين، وتؤكد على تضامنها الكامل مع الصومال الشقيق في مواجهة كافة أشكال العنف والتطرف والإرهاب، ووقوفها بجواره في مواجهة أي محاولات غادرة تهدف إلى زعزعة أمنه واستقراره.