قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الله سبحانه وتعالى فطر النفس البشرية على حب كل جميل والنفور من كل قبيح، وجعل الله الميل للجمال أمرًا طبيعيًا في الفطرة السليمة.
قال النبي «إن الله جميل يحب الجمال».. ما المقصود بالجمال؟
وأوضح علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يقول سيدنا رسول الله ﷺ : «إن الله جميل يحب الجمال» [مسلم] دعوة صريحة من سيدنا رسول الله ﷺ لأمته للاهتمام بالجمال ، وقد علل هذه الدعوة بأن الله جميل ؛ فربنا عز وجل متصف بكل صفات الجمال ونعوت الكمال والجلال سبحانه وتعالى.
وأضاف: يؤكد هذا المعنى ما رواه معاذ بن جبل أنه قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إني أحب الجمال ، وإني أحب أن أُحمد -كأنه يخاف على نفسه- فقال رسول الله ﷺ: «وما يمنعك أن تحب أن تعيش حميدًا وتموت سعيدًا؟ وإنما بعثت على تمام محاسن الأخلاق» [ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد] فجعل سيدنا رسول الله ﷺ حب الجمال وحب الذكر الحسن من سعادة الدنيا بل جعله من مكارم الأخلاق التي بُعث ﷺ ليتممها.
وبين علي جمعة أن الجمال في فطرة الإنسان يميل إليه بطبعه وهذا لا يحتاج إلى تدليل إذ هو محسوس مشاهد في كل زمان ومكان ،وأما ما ورد في نصوص الشرع الحنيف من دعوة للتأمل في الجمال فهي كثيرة منها قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) ، ومثله ما ورد في ذكر جمال منظر السماء والحث على النظر إليه بقوله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ). وقوله تعالى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) ففي هذه الآيات دلالة واضحة على عظم قيمة الجمال ؛حيث امتن الله على الإنسان بكل مظهر جميل ، وحث المؤمنين على النظر في كل جميل حتى تسمو نفوسهم وترتقي لفهم المعاني الجميلة.
وشدد على أن الجمال ليس قيمة سلبية لمجرد الزينة، كما أنه ليس تشكلًا ماديًا فحسب ، ولكنه مدخل إلى ارتقاء الروح والذوق وسمو النفس وخلاصها من التردي والسقوط، ومحرك للفكر كي يجول إلى ما هو أبعد من المظاهر الحسية التي قد كتب عليها الزوال ، فالجمال سبب من أسباب الإيمان وعنصر من عناصره ، ولذلك حث الإسلام على جمال المنظر وجمال الأخلاق والأصوات والرائحة.
واختتم: «المسلم بدينه الجميل، وبعبادته لرب جميل ، وبالتزامه بشرع جميل ؛ يشيع منه الجمال والراحة والطمأنينة في المكان الذي يحل فيه كما أخبر بذلك المصطفي ﷺ : «المسلم كالغيث أينما حل نفع» فنسأل الله سبحانه أن يرزقنا جمال الأخلاق وجمال الممر والمستقر».