قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن التوكل على الله هو عمل من أعمال القلوب فلا يراه الناس ولا يصلح فيه الإدعاء، وإنما يرى الناس أثر هذا الخلق الكريم في كثير من تصرفات المسلم ، فلا يرون منه تحايلا على الرزق ولا طلب الرزق بالمحرم ، ولا يرون منه نفاقا ولا تملقا لأنه متوكل على الله عز وجل.
التوكل بمعنى الثقة بالله والاعتماد عليه في كل الأمور
وأضاف من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: التوكل بمعنى الثقة بالله والاعتماد عليه في كل الأمور هو أمر واجب ومأمور به في كثير من آيات القرآن الكريم وفي سنة الرسول ﷺ: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله ؛ لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا».
وقد ذهب عامة الفقهاء ومحققو الصوفية إلى أن التوكل على الله لا يتنافى مع السعي، والأخذ بالأسباب من مطعم ومشرب ، وتحرز من الأعداء وإعداد الأسلحة ، واستعمال ما تقتضيه سنة الله المعتادة ، مع الاعتقاد أن الأسباب وحدها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا ، بل السبب "العلاج" والمسبب "الشفاء" فعل الله تعالى والكل منه وبمشيئته ، قال سهل: «من قال: التوكل يكون بترك العمل فقد طعن في سنة رسول الله ﷺ ».
وقال الرازي في تفسير قوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول بعض الجهال ، وإلا كان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل على الله أن يراعي الإنسان الأسباب الظاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها ، بل يعول على الله تعالى.
وشدد: قد حث سيدنا النبي ﷺ في أكثر من موضع على العمل والاحتراف وعدم ترك الأسباب ، عن أنس قال: «ذكر شاب عند النبي ﷺ بزهد وورع فقال النبي ﷺ : إن كانت له حرفة» [ابن أبي الدنيا] وعن الحسن قالوا يا رسول الله : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: «كسب الحلال وأن تموت ولسانك رطب من ذكر الله» [ابن أبي الدنيا]
وأجمع جمهور علماء المسلمين على أن التوكل الصحيح إنما يكون مع الأخذ بالأسباب ، وبدونه تكون دعوى التوكل جهلا بالشرع وفسادا في العقل.
واختتم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إذا دخل التوكل الصحيح في قلب العبد المؤمن لا يؤذي الناس ، ولا يحسد الناس ولا يحقد على أحد ؛ بل لن تراه إلا متعاونا معهم على الخير راضيا بكل ما يقضيه الله من الأمور.. نسأل ربنا الكريم أن يجعلنا من المتوكلين عليه ومن المطمئنين به وبقضائه سبحانه وتعالى.