يتساءل الكثيرون: متى يكون التوكل على الله من أعظم أسباب الرزق؟، وفي السطور التالية وبموجب آراء الفقهاء والعلماء؛ نوضح ما المقصود بالتوكل وما هي أسباب الرزق، ومتى يكون التوكل على الله من أعظم أسباب الرزق؟
متى يكون التوكل على الله من أعظم أسباب الرزق؟
التوكل على الله هو صدق الاعتماد على الله عز وجل، والثقة به، والاطمئنان له، وطلب الكفاية منه وحده، وجعل الله التوكل عليه شرطًا لصحة الإيمان؛ قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]، فمن توكَّل على الله كفاه ما أهمَّه من أمر دينه ودنياه، ومن توكَّل على غيره خذَله الله وجعل أمره إلى مَن توكَّل عليه فخاب وخسِر.
وقال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن من مفاتيح النجاة التوكل على الله تعالى، وعرَّف الإمام الغزالي التوكل بأنه اعتماد القلب على الوكيل وحده، فالإنسان إذا اعتقد اعتقادًا جازمًا أنه لا فاعل إلا الله، واعتقد مع ذلك تمام العلم والقدرة لله سبحانه وتعالى، وأنه هو الفاعل الحقيقي، فإن هذا هو حقيقة التوكل، توكل على الله يعني اعتمد عليه، يعني لا حول ولا قوة إلا بالله.
وتابع: التوكل بهذه الكيفية ينشئ في القلب التسليم والرضا، فهذا مبني على أمر الله سبحانه وتعالى، وعلى حب الله سبحانه وتعالى لهذا الشأن قال تعالى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}، {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} ، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، ولابد علينا أن نتدبر ونعلم أن {وَلِلهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}، فإذا كان ربنا عنده خزائن السموات والأرض كيف أتوكل على غيره ؟! {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}، يعني كل شيء بأمر الله تعالى {ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} إذن التوكل هذا مهم جدًّا، وهو له آثار طيبة في الدنيا والآخرة؛ ولذلك قال رسول الله ﷺ: «يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب». قيل: من هم يا رسول الله؟ قال ﷺ : «الذين لا يكتوون، ولا يتطيرون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون». هنا المفتاح أنهم على ربهم يتوكلون.
ما الفرق بين التوكل والتواكل؟
وحول سؤال هل هناك فرق بين التوكل والتواكل؟، قال: الفرق بينهما هو: ترك الأسباب، فإذا أنت فعلت الأسباب ثم قلت: يا رب، فأنت متوكل، "فترك الأسباب جهل؛ لكن الاعتماد عليها شرك"، ترك الأسباب لم يكن من سنة الأنبياء، يقول سيدنا ﷺ : «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا». فإذن التوكل مهم، ومأمور به، وهو يولد الرضا والتسليم. قال رسول الله ﷺ : «من سره أن يكون أغنى الناس، فليكن بما عند الله أوثق منه بما في يده».
والتوكل على الله هو ما صوره الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله: المتوكل على الله مَن ألقى حَبَّةً في التراب وتوكل على رب الأرباب، فالتوكل على الله مُصاحِبُ الأخذ بالأسباب، والتوكلُ غيرُ التواكُل؛ لأن هذا الأخير ضَعفٌ وتردُّدٌ وإهمالٌ لجانب السعي وتَمَنِّي الأماني على الله دون عمل.
أسباب سعة الرزق
قال الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن الله تعالى جعل لسعة الرزق أسبابا خفية، ينبغي ألا نغفل عنها، موضحًا أن من أسباب سعة الرزق الخفية، صلة الرحم، فبها يفيض علينا الرزاق بعطاء رباني، فعلينا بالتزاور والتواصل وصلة الأرحام والمحبة والألفة، لتتنزل علينا الرحمة والبركة في العمر والمال والأهل.
ويقول النبي في الحديث الشريف (من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه) وها هو النبي عندما دخل المدينة المنورة، اتجه الناس نحوه وأقبلوا إليه مسرعين، فألقي بيانه النبوي الأول، وكان خطابه للبشرية جمعاء، فأعلى النبي قيمة الأخلاق والتراحم وبين النبي أن الأخلاق والمبادئ لا تتجزأ، ووضح قيمة التراحم وصلة الأرحام.
وقال النبي في خطابه (أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام).
ومن أسباب زيادة الرزق التوكل علي الله مع الأخذ بالأسباب، حيث إن الأخذ بالأسباب من أهم الدعائم التي يقوم عليها التوكّل على الله ، فالأخذ بالأسباب وسيلة للتوصّل إلى غاية التوكّل ولا توكل بلا أسباب ، لكن مع ذلك فلا يجب أن يكون اعتماد العبد كلّه على الأسباب ، فله عز وجل العبوديّة والربوبيّة القائم عليها التوكّل الذي هو الاعتماد القلبي الصّادق على الله سبحانه وتعالى ، وتوكيل الأمور له، والإيمان أنّه لا نافع ولا ضار سواه ، والتوكل على الله سبباً من أسباب الحصول على ما يرجوه العبد، فمن اعتمد على عقله ضلّ ، ومن اعتمد على جاهه ذلّ ، ومن اعتمد على ماله قلّ ، ومن اعتمد على الله ، فلا ضلّ ولا ذلّ ولا قلّ ، وفي نهاية المطاف تذهب الأسباب ويبقى مُسببها هو الله سبحانه وتعالى.
من أسباب سعة وزيادة الرزق الإستغفار والتوبة ، إنّ من أعظم الأسباب التي تجلب الرّزق اجتناب الذنوب والمعاصي ، لانّها تحرم مُرتكبها من الخير في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، فما يرتكبه العبد من الذنوبِ تكون حائلاً بينه وبين رزقه ، ثمّ التوبة إلى الله منها، والاستغفار سبباً عظيماً لجلب الرّزق، فقال تعالى : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًايُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًاوَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) .
وتقوى الله تعالى من أساب سعة وزيادة الرزق يضمّ مفهوم التقوى اجتناب كلّ ما نهى الله عنه، والابتعاد عنه خوفاً من الوقوع في سخطِ الله وعذابه ، وحماية النفس من الوقوع فيما يُسبّب لها العذاب ؛ بمنع الجوارح عن ارتكاب المحرّمات ، فيمنع بصره وسمعه ويده وقدمه من اقتراف ما حرّم الله ، لذلك جعل الله التقوى وصيته للخلق من الأولين والآخرين ومنهم الأنبياء، فقال تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ) ، ووصّى بالتقوى كذلك سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم .
ووعد سبحانه وتعالى عباده المتّقين بأن يجعل لهم من كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ومن كل همٍّ فرجاً، ويُوسّع عليهم في الرّزق من حيث لا يحتسبون ولا يأملون من الخير والعطاء، فقال تعالى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) .
أدعية طلب الرزق
ومن أدعية طلب الرزق، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )، فإن صلة الرحم سبباً لتوفيق الله لعبده وأيضاً فتح أبواب الرزق أمامه ، فعلى المسلم أن يُخصّص وقتاً لزيارة رحمه ، والاطمئنان عليهم ، والجلوس معهم وتبادل أطراف الحديث ، فالرّحم أولى النّاس بالصّلة والعناية والرحمة ، قال تعالى : (وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ) .
- اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجد .
- اللهم إني أعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ ، وأعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ ، وأعوذُ بكَ منَ الجُبنِ والبخلِ ، وأعوذُ بكَ مِن غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ .
- اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاء ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاء ، وتُعِزُّ مَن تشاء ، وتذِلُّ مَن تشاء ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قدير، رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما ، تعطيهما من تشاء ، وتمنعُ منهما من تشاء ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك .
- اللهم أَغْنِني من الفقرِ واقضِ عني الدَّينَ وتوفّني في عبادتِك وجهادٍ في سبيلِك .
- يا الله، يا رب، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن ترزقني رزقاً واسعاً حلالاً طيباً، برحمتك يا أرحم الراحمين .
- اللهم يا رازق السائلين ، يا راحم المساكين ، ويا ذا القوة المتين ، ويا خير الناصرين ، يا ولي المؤمنين ، يا غيّاث المستغيثين، إياك نعبد وإيّاك نستعين ، اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً طيباً من رزقك .
- اللهم ارزقني مالاً من غير حول مني ولا قوة ، اللهم اجعلني ممن قيل فيهم نعم المال الصالح في يد العبد الصالح.
- اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاء ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاء ، وتُعِزُّ مَن تشاء ، وتذِلُّ مَن تشاء ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قدير، رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاء ، وتمنعُ منهما من تشاء ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك .