هل من أدرك السجود فقد أدرك الجماعة؟ سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
هل من أدرك السجود فقد أدرك الجماعة؟
وقال الأزهر: إذا أدرك المسلمُ الإمامَ وهو راكع أو ساجد أو جالس وأراد الدخول في صلاة الجماعة كبر تكبيرتين: تكبيرةً للإحرام -وهي واجبة للدخول في الصلاة-، ثم تكبيرةً أخرى للركوع أو السجود أو الجلوس.
وبين الأزهر في بيان هل من أدرك السجود فقد أدرك الجماعة؟، إن ما أدركه المسبوق مع الإمام يُعَدُّ أولَ صلاته، وما قضاه منفردًا هو آخرها، ويُتابع المسبوقُ إمامه في كل أفعال الصلاة، ويبني على ما أدركه، ومن أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة وهو قول المالكية، ومذهب جمهور الفقهاء على أن من أدرك شيئًا من الجماعة فقد أدرك فضلها.
ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟
قالت الإفتاء إن الصلاة بالقعود على الكرسي لها نفس أحكام الصلاة بالقعود على الأرض بلا فرق؛ حيث لم يأتِ في الشرع تخصيصٌ للقعود بكونه على الأرض، ولا جاء هذا عن أحدٍ من علماء المسلمين، وليس في الشرع ما يتعارض معه، وتضييقُ الواسع ابتداعٌ في الشرع ما أنزل الله به من سلطان.
وشددت على من ابتُلي بهذا أن يبذل الوُسع في الأكمل لصلاته، وأن يراعيَ ما يستطيع أداءه من هيئتي الركوع والسجود على ما ذكرنا؛ بحيث إن الصلاة على الكرسي تحرم عليه إن كانت تمنعه من السجود الذي يستطيعه إذا جلس على الأرض، كما ينبغي أن يُراعَى في ذلك استواءُ الصفوف بحيث يُجعَل لأصحاب الكراسي صفٌّ مستقل أو مواضعُ محددةٌ على طرفي الصف، وأن يكون حجم الكراسيِّ متناسبًا مع مساحة المسجد والمسافة بين الصفوف، مما لا يضيِّق على المصلين صلاتهم.
عدم استعمال النبي للكرسي أثناء الصلاة في مرضه
وقالت الإفتاء إن عدم ثبوت استعمال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للكرسي أثناء الصلاة في مرضه ليس دليلًا على حرمة استعماله في هذا الموضع؛ لأن الترك المطلق لم يكن أبدًا دليلًا على الحرمة؛ إذ الدليل باقٍ على إطلاقه كما تقدَّم، وليس فعلُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإحدى هيئات المطلق أو بعض أفراد العامِّ بمقيِّد للمطلق أو بمخصِّص للعامِّ، والحرمةُ تحتاج إلى دليلٍ شرعيٍّ يُثْبِتُها، وكم من شيءٍ تَرَكَه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مباحٌ في أصله، وإنما كانوا قديمًا يُصَلُّون قعودًا على الأرض؛ لاعتيادهم ذلك، ولأنه الهيئة الرافعة لمشقة القيام عندهم المريحة لأجسادهم، فطبقوا الرخصة على ما اعتادوه من الجلوس، وكما لم تكن هيئة الجلوس على الراحلة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة النافلة تخصيصًا لهيئات الجلوس الجائزة، فكذلك لا يكون جلوسُه على الأرض مانعًا من الجلوس على الكرسي، كما أن القعود على الراحلة يشبه في هيئتِه القعودَ على الكرسي.
وأما ما ذُكِر في السؤال مِن تعليل تحريم الصلاة على الكرسي بأنها تمنع من السجود على الأرض الذي يجب على المُصَلِّي ولا يسقط عنه، فهو تعليلٌ عليلٌ؛ لأن الصلاة على الكرسي لا تعني عدم السجود؛ فهما غير متلازمين؛ إذ يمكن للمصلي قاعدًا على الكرسي أن يسجد على الأرض كما يمكن ذلك للمصلي جالسًا على الأرض، وقد تقرَّر في قواعد الفقه أن "الميسور لا يسقط بالمعسور"؛ فمن استطاع أداء الركن على هيئته العليا المفروضة لم يكن له أن يعدل عنها إلى هيئة أقلَّ منها؛ فإذا لم يستطع الإنسان أن يسجد على الأرض فله أن يومئ بدلًا من السجود، سواءٌ في ذلك جلوسُه على الأرض وعلى الكرسي، أمَّا من كان جلوسُه على الكرسي يمنعه من السجود الذي كان يستطيعه لو جلس على الأرض، فإنه يجب عليه حينئذٍ أن يصلي جالسًا على الأرض لإتمام هيئة السجود، وصلاته على الكرسي حينئذٍ حرامٌ، فإن كان جلوسه على الأرض يؤذيه ويضره فلا حرج عليه شرعًا أن يومئ للركوع والسجود وهو جالسٌ على الكرسي؛ فالأصل في الشريعة الغرَّاء رفعُ الحرج عن المكلَّفين، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا﴾ [البقرة: 286].