لعل ما يطرح السؤال أين يقف الأطفال في صلاة الجماعة بالمسجد ؟، هو أنه أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الآباء والأمهات هو أن يكون أطفالهم من المصلين رواد المساجد ، إلا أن هذا ينبغي أن يكون مع الالتزام بآداب وضوابط دخول المسجد والصلاة فيه، والتي من بينها أين يقف الأطفال في صلاة الجماعة بالمسجد ؟.
أين يقف الأطفال في صلاة الجماعة بالمسجد
قال الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه ينبغي على المسلمين مراعاة بعض الضوابط عند التعامل مع الأطفال في المسجد، خاصة أثناء الصلاة والخطبة.
وأوضح “عبد السميع” في إجابته عن سؤال: ( أين يقف الأطفال في صلاة الجماعة بالمسجد ؟)، أن وجود الأطفال في المسجد يتطلب التعامل بحذر لضمان عدم تشويشهم على المصلين، منوهًا بأن الأطفال المميزين، الذين يدركون معاني الصلاة، يمكنهم الوقوف في وسط الصفوف دون أن يقطعوا الصفوف.
وتابع: بينما الأطفال غير المميزين، الذين لا يفهمون أحكام الصلاة بشكل كامل، يُفضل أن يقفوا على أطراف الصفوف، مشيرًا إلى أن هذا الترتيب يساعد في الحفاظ على اتصال الصفوف وعدم إزعاج المصلين إذا حدث أي تصرف غير لائق من الأطفال.
وأضاف أنه فيما يتعلق بصلاة الجمعة، فيحق للخطيب وهو على المنبر، توجيه الأطفال وإعطائهم التعليمات المناسبة لتهدئتهم، وذلك دون أن يقطع الخطبة، مضيفا أن المصلين لا يجوز لهم التحدث أو التنبيه أثناء الخطبة حتى لا يتسببوا في إزعاج الآخرين أو تشويش سماع الخطبة.
وأشار إلى أنه إذا كان هناك ضوضاء من الأطفال، فإن الأفضل هو الانتظار حتى انتهاء الصلاة لتوجيه النصائح برفق إلى الأهالي، مؤكدًا على أهمية تحبيب الأطفال في الصلاة والمساجد بطرق إيجابية، مثل منحهم مكافآت بسيطة بعد الصلاة.
وأفاد بأن تعزيز حب الأطفال للمسجد والصلاة من خلال أساليب تربوية محببة هو جزء من التطبيق الصحيح لأحكام الفقه الإسلامي، مشددًا على ضرورة أن يتحلى القائمون على المساجد بالصبر واللطف في التعامل مع الأطفال، مع التأكيد على تعليمهم آداب المسجد وتشجيعهم على الالتزام بالقواعد.
واستطرد: أي شيء يساهم في تحبيب الأطفال في المسجد ويجعلهم يشعرون بالراحة والسعادة في الصلاة هو في النهاية تطبيق للشريعة وتطبيق للأحكام الفقهية بشكل رفيع.
حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد
وكانت دار الإفتاء المصرية قد بينت أن اصطحاب الأطفال إلى المساجد جائزٌ شرعًا إذا أمن تشويشهم على المصلين وعبثهم في المسجد، وفي ذلك تعويد لهم على الصلاة وتنشئة لهم على حب الأجواء الإيمانية.
ونبهت إلى أنه لا مانع شرعًا من اصطحاب الأطفال إلى المسجد، بل ذلك مستحب إذا كانوا مميزين؛ لتعويدهم على الصلاة، وتنشئتهم على حب هذه الأجواء الإيمانية التي يجتمع المسلمون فيها لعبادة الله تعالى؛ حتى يكون ذلك مكونًا من مكونات شخصيتهم بعد ذلك.
وواصلت: وذلك مع الحرص على تعليمهم الأدب، ونهيهم عن التشويش على المصلين أو العبث في المسجد، بشرط أن يكون ذلك برفق ورحمة، وأن يُتَعامَل مع الطفل بمنتهى الحلم وسعة الصدر من غير تخويف أو ترهيب له؛ فإن ردود الأفعال العنيفة التي قد يلقاها الطفل من بعض المصلين ربما تُوَلِّد عنده صدمةً أو خوفًا ورعبًا من هذا المكان.
و أكدت على أن الأصل أن يتربَّى الطفل على حبِّ هذا المكان ويتعلق قلبه ببيت الله تعالى، كما جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، وأن هذا المسجد مليء بالرحمات والنفحات والبركات.
واستشهدت بما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي وهو حاملٌ أُمَامَةَ بنتَ زينبَ بِنْتِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 592، ط. دار المعرفة): [واستُدِلَّ به على جواز إدخال الصبيان في المساجد] اهـ بتصرف.
واستدلت بما أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن بريدة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَخطُب، فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران، يَمْشيان ويَعثُران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر فحملهما واحدًا من ذا الشق وواحدًا من ذا الشق، ثم صعد المنبر فقال: «صدق الله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: 15]؛ إني لَمَّا نَظَرْتُ إلى هذين الغلامين يَمْشيان ويَعثُران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلتُ إليهما». ومن هذين الحديثين وغيرهما أخذ العلماءُ جواز إحضار الأطفال للمسجد، واستثنوا منهم من كان لا ينتهي عن العبث إذا نُهِيَ عنه، ومع ذلك فلا يكون نصحه إلا بالرفق والرحمة.