قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن ظاهرة العنف من المشكلات العصيبة التي يجب على المجتمعات البشرية مواجهتها والقضاء عليها في مهدها قبل بناء حضاراتهم.
أشكال العفو والتسامح كثيرة
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: لقد كثرت نصوص الكتاب والسنة في ترسيخ فضيلة التسامح والعفو للقضاء على العنف في دعوة حثيثة للمؤمنين للتخلق بها، ومن أمثلة تلك النصوص أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالصفح؛ حيث قال: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) [سورة الحجر:٨٥].
وأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالعفو عن المؤمنين فقال: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) [سورة آل عمران:١٥٩]. وبيّن ربنا أن العفو وسيلة لتحصيل عفو الله ورحمته عن الإنسان فقال سبحانه: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [سورة النور:٢٢] وأثنى الله على العفو ومن يتخلق به فقال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ) [سورة آل عمران:١٣٤]. وقال: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) [سورة الشورى: ٤٣].
كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعفو والتسامح وجعلهما عنوانا لحضارة الإسلام، فلا حضارة بلا عفو ولا تقدم بلا تسامح.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء أن أشكال العفو والتسامح كثيرة، فأمرنا صلى الله عليه وسلم بصلة الأرحام، وعلى رأسها نجده يوجه الزوج فيقول: «خيركم خيركم لنسائه وبناته» (رواه البيهقي في الشعب) ووصفته السيدة عائشة رضي الله عنها: «أنه كان في مهنة أهله» (رواه البخاري) أي أنه كان صلى الله عليه وسلم يقوم بمساعدة الزوجة في مهامها، تعليمًا لأمته كيف يتعاملون داخل الأسرة، ويقول أنس بن مالك: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أفًا قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟) (رواه البخاري ومسلم) وأمر الزوجة بأن تجعل علاقتها مع زوجها علاقة ربانية، تطلب بها ثواب الله قبل كل شيء، وترجو منه سبحانه وتعالى أن يأجرها في الدنيا والآخرة على ما قد تصبر عليه، قال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ).